يبدو أن أسعار السلع في السوق المحلي مقبلة على مستويات تضخم جديدة في الفترة القريبة المقبلة، في الوقت الذي تتّجه معدلات التضخم إلى الارتفاع عالمياً، حيث يرجح أن يتعرّض السوق المحلي خلال الشهر المقبل لموجة جديدة من زيادة أسعار العديد من السلع.
وفي هذا الخصوص، كشفت مصادر ذات صلة أن كونسورتيوم يتضمن مجاميع تجارية كبرى في قطاع السلع غالبيتها غذائية، وبينها إنشائية، تسعى للتوصل إلى تفاهمات مع وزير التجارة والصناعة الدكتور عبدالله السلمان تضمن إلغاء قرار الوزير السابق خالد الروضان والذي ثبّت من خلاله أسعار كل أنواع السلع الغذائية.
ولفتت المصادر إلى أن قرار تثبيت أسعار بيع كل أنواع السلع الغذائية للجمهور، واعتبار الأسعار السائدة قبل صدور القرار المطبّق هي الحد الأعلى للتعامل بها دون السماح بتجاوزها كان استثنائياً لفترة «كورونا»، موضحة أن التجّار تأثروا بتداعيات ذلك، وأنه آن الآوان لتحرير الأسعار وإلغاء قرار التثبيت.
كلفة الشحن
وذكرت أن تحرك التجار في هذا الخصوص تضمن فتح نقاش مع مسؤولين في «التجارة» وفي غرفة تجارة وصناعة الكويت، تم خلاله استعراض التغيرات العالمية التي طرأت أخيراً على معدلات كلفة استيراد السلع، وفي مقدمتها ارتفاع أسعار الشحن البحري خلال الـ12 شهراً الماضية، وصعود أسعار تأجير الحاويات الكبيرة بنحو 8 أضعاف، مقارنة بمتوسط سعرها قبل الجائحة، علاوة على صعود أسعار التأجير بالوقت بنحو 6 أضعاف.
وأفادت بأن حديثهم في هذا الخصوص يستقيم مع تأكيدات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) التي كشفت أخيراً عن ارتفاع مستمر في تكلفة الغذاء عالمياً على مدار الـ12 شهراً الماضية، فيما أشارت إلى تأثر التموين العالمي باضطراب الإنتاج واليد العاملة والنقل بسبب جائحة فيروس كورونا.
ونوّهت المصادر بأن تحركاً نحو تحرير الأسعار يعكس معاناة التجّار في الفترة الأخيرة، ويستقيم مع ما حذّر منه رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت محمد الصقر في خطاب وجهه أخيراً إلى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد من الارتفاع القياسي في أسعار العديد من الاقتصادات، وفي كثير من السلع والخدمات.
الأسعار الفورية
وأشارت المصادر إلى أن كتاب «الغرفة» كان موجهاً بخصوص السلع الإنشائية تحديداً، إلا أن موقفها رافض لمبدأ تثبيت أسعار السلع سواء غذائية أو إنشائية، وفي جميع الأوقات، وهو الموقف الذي أكدت عليه في لجنة أسعار الجمعيات التعاونية.
وأوضحت المصادر أن التجّار الذين يقودون تحرك تحرير الأسعار لفتوا إلى أن الأسعار الفورية للشحن البحري مرتفعة عن التكلفة الحقيقية لشحن البضائع، لأن معظم تكاليف الشحن وتأجير السفن يتم تسعيرها لفترات تعاقدية سابقة، متوقعين أن تنعكس الأسعار الفورية بشكل متزايد على الأسعار المتعاقد عليها في 2021، ما يزيد من احتمالات التعرّض لزيادة أكبر قادمة في تكاليف الشحن.
وتتوقع مؤسسة كابيتال إيكونوميكس أن ترتفع أسعار السلع المستوردة عالمياً بنحو 10 في المئة نتيجة لتضاعف أسعار الشحن، وفقاً لتقديرات بأن أسعار الشحن تمثل 10 في المئة من تكلفة استيراد السلع، فيما تفترض أن التكلفة التعاقدية العامة لشحن الحاويات ارتفعت بنحو نصف ارتفاع الأسعار الفورية، أي بنحو 400 في المئة، ويعني ذلك أن تكلفة استيراد السلع عبر البحر قد ترتفع بنحو 40 في المئة.
مقابلة الطلب
ووفقاً للتقرير يمكن أن ترتفع تكلفة إجمالي واردات السلع العالمية بنسبة 28 في المئة. ونظراً لأن واردات السلع الاستهلاكية تمثل ما يقارب 8 في المئة من الإنفاق الاستهلاكي العالمي، فإن الانعكاس الكامل لتكلفة الشحن على المستهلكين النهائيين قد يتسبّب في ارتفاع أسعار التضخم العالمية بنحو 2 في المئة.
ولفتت المصادر إلى أن القرار الوزاري بتثبيت أسعار السلع يفقد التجار قدرتهم على الاستمرار في استيراد السلع بما يقابل طلب الاستهلاك المحلي، مشيرة إلى أنه مع ارتفاع تكلفة الشحن وزيادة الإيجارات من الجمعيات التعاونية على منافذها وغيرها سيكون التجار مضطرين لتحمل أعباء إضافية على فاتورتهم إذا قرّروا المحافظة على وتيرة أعمالهم، أو إعادة تسعير سلعهم وفقاً للمعدلات الجديدة، ووقتها يكونون عرضة لعقوبات مخالفة القرار الوزاري.
ووفقاً للقرار المطبّق حالياً ستتم معاقبة كل مَنْ يخالف أحكام هذا القرار بالعقوبات المنصوص عليها في القانون رقم 10 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 117 لسنة 2013 في شأن الإشراف على الاتجار بالسلع والخدمات والأعمال الحرفية وتحديد أسعار بعضها ولائحته التنفيذية، ويفوض وكيل الوزارة في اتخاء الإجراءات المنصوص عليها في القانون والاستيلاء على البضاعة المضبوطة وبيعها للجمهور من خلال المنافذ بالأسعار المقررة بهذا القرار.
الوزير ينتظر توصيات لجنة ملف الأسعار
علمت «الراي» أن وزير «التجارة» الدكتور عبدالله السلمان شكّل لجنة بناءً على توجيه من مجلس الوزراء للنظر في ما عرضه رئيس «الغرفة» محمد الصقر في خطابه الموجه أخيراً إلى سمو رئيس مجلس الوزراء حول ملف ارتفاع الأسعار.
وبيّنت المصادر أن اللجنة عقدت أول اجتماعاتها الأسبوع الماضي، وتتضمن في عضويتها ممثلين من اتحاد الجمعيات وجمعيات النفع العام و«الغرفة» ومؤسسة الموانئ والإدارة العامة للجمارك.
ومن المقرر أن تدرس اللجنة موضوع الأسعار من كل جوانبه المالية والاقتصادية والقانونية، ثم ترفع تقريرها متضمّناً توصياتها إلى الوزير ومن ثم إلى مجلس الوزراء.
وذكرت المصادر أن وزير «التجارة» لن يتخذ قراراً بخصوص مطالبات تحرير الأسعار سواء بالقبول أو بالرفض حتى تنتهي اللجنة من رفع توصياتها واتخاذ القرار الذي ينسجم مع ذلك.