اعتراضات على خطاب الرئيس التونسي.. ومحاولات شعبية لاستعادة الديمقراطية

 

اختار الرئيس التونسي مدينة سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية، وذلك لربط الانقلاب الذي أعلن عنه في 25 يوليو الماضي بالثورة، حيث أكد ما قام به أنه “تصحيح للثورة”، وهي عبارة ترددت كثيراً في تاريخ خطابات الانقلابات في المنطقة.

الخطاب الذي انتظره التونسيون كثيراً للرد على المطالب الحزبية والمجتمعية (مجتمع مدني) والشعبية والدولية بالعودة إلى المسار الديمقراطي، يبدو أنه خيّب آمال البعض، وأكد تصورات البعض ممن أشاروا في أوقات سابقة إلى أن الرئيس سعيّد قيس لا يمكنه العودة إلى المسار الديمقراطي؛ لأن في ذلك نهايته من ناحيتين؛ الأولى: سينفض عنه أنصار الانقلاب الباحثين عن موقع لم توفره لهم الانتخابات لضعف شعبيتهم بل انعدامها، والثاني: الخوف من الإجراءات الدستورية بعد ارتكابه للخروقات الجسيمة للدستور التي تستوجب عزله، ولذلك كان سعيّد حاسماً في خطابه، حيث كرّر أن لا عودة إلى ما قبل 25 يوليو.

وهذا في نظر البعض سيعطي دفعاً قوياً لمشاركة أكبر في مظاهرة أخرى للمعارضة الموسعة يوم السبت القادم بزخم أكبر، وهو ما ينبئ بصدام أكبر يدفع مؤسسات الدولة ولا سيما العسكرية لإعادة النظر في مسار سعيّد والعودة للمسار الديمقراطي.

ردود صاعقة

خطاب الرئيس التونسي سعيّد الذي كان متشنجاً ومتقطعاً وبثه “التلفزيون الرسمي”، ثم قطع البث لرداءة الصوت، كما أعلن عن ذلك في “البار نيوز”، أعيد بثه على المباشر بعد تدخلات على ما يبدو، وهو ما أكد عدم استقلالية وسائل الإعلام بعد الانقلاب، كما أشار إلى ذلك بعض المعلقين.

وقال أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك: بعد خطاب سعيّد دافعنا عن حريتنا المهددة ونواصل، أما الآن فوطننا صار مهدداً، وحان وقت الدفاع عنه.

وقد اتهم البعض مثل الناشط نعيم زروقي سعيّداً بأنه يشكو من مرض مزمن (التوحّد)، بل وأقسم في تدوين له على أن سعيّداً مريض.

وقال الكاتب عبدالله مبارك: لا جديد في خطاب الرئيس غير الاتهامات دون تعليل، وتأكيده أنه حر طليق وغير مسجون كما زعم البعض، ويا له من تفنيد.

وتابع: لقد أكد عدم الرجوع إلى ما قبل 25 يوليو، وتكراره أنه لديه المزيد من الصواريخ لإطلاقها وهي على منصاتها تنتظر الأوامر، في تهديد صريح لا لبس فيه لخصومه باستخدام المزيد من القوة الأمنية والعسكرية ضدهم.

وأردف: سؤالنا للرئيس: ما الذي يمنعك من تقديم من تتهمهم بالتزوير وشراء الأصوات في الانتخابات أو عند التصويت على فصول الدستور أو القوانين إلى المحاكمة؛ لأن تكرارك لذلك لم يصدقه الناس على قول المثل “الجوبليزي” (جوزيف جوبلز، وزير الدعاية النازية: اكذب، اكذب حتى يصدقك الناس)، بل أصبحوا يشككون فيه وبعضهم يعتبره ماعون صنعة (دعاية).

وكان الرئيس سعيّد قد تحدث عن جلب اللقاحات في ظرف 3 أسابيع، فرد عليه: جلب اللقاحات ليس مزية، بل كان باتفاقات سابقة، وبعضها جاء لدعمك ودعم إجراءاتك أو انقلابك على حد قول البعض، وبالتالي ليس هدية للشعب التونسي، بل رشوة ومخدراً واستمالة وتحويل وجهة، كما يقول البعض، وكالعادة لم تعط أجلاً لتكوين الحكومة، ولا حتى تاريخ تعيين رئيس الحكومة، ومتى تذكر الأسماء والأرقام وتقدمها للقضاء.

ووجه البعض كلامه لسعيّد: تحدثت عن ملايين ومليارات دفعت، لم تقل لنا من دفعها ولمن دفعها وكيف تم ذلك ولماذا سكتت عن شيء لا يسكت عنه ويعتبر جريمة وحتى خيانة عظمى؟ تحدثت عن الاغتيالات كما لو كنت تتحدث عن تصريح لأحد خصومك لم يعجبك.

وذكر بأن الاغتيال شيء عظيم لا يمكن السكوت عنه أو مجرد الحديث عنه، خاصة إذا ارتبط بتدخل خارجي كما تقول، هذا يستوجب رفع قضية لمجلس الأمن يا رئيس الجمهورية، وعدم القيام بذلك يرسخ الاعتقاد بأنك تنظر للشعب كما لو كان شعباً من الأطفال أو من السذج أو الأميين الذين يصدقون كل ما يسمعون.

 ليس ملكاً خاصاً

وعلّق النائب بالبرلمان السيد الفرجاني على خطاب سعيّد الذي تحدث عن قوانين انتقالية بأن القوانين الانتقالية تلغي عملياً الدستور، وتونس لا يسمح فيها لأي كان التصرف فيها كملك خاص.

وطالب الفرجاني نواب الشعب بالتحرك؛ لأنه لم يعد هناك مجال للانتظار؛ “الآن على النواب التحرك لصالح الوطن لإنقاذ تونس من البدائية السياسية التي بصدد دفع البلاد إلى الإفلاس والاحتراب، فالبرلمان سلطة أصيلة ولن تقبل بالأحكام الاستثنائية الفوقية التي تهدف تدمير الدستور وبالتالي البلاد.

وكانت مدينة سيدي بوزيد قد شهدت صدامات خلال وبعد خطاب سعيّد الذي عمّق الانقسام داخل المجتمع واضطر الأمن للتدخل للتفريق بين المتصادمين، لكن مظاهرة 19 سبتمبر أظهرت أن من مع سعيّد أقلية مقابل أغلبية المعارضة، وهذا ما دفع سعيّداً للتلويح بقوة الدولة من أمن وعسكر في وجه معارضي الانقلاب.

Exit mobile version