خبراء يعتبرون الخطوة الأمريكية باستقطاع جزء من المعونة لمصر متواضعة وغير كافية

 

جاءت الخطوة الأمريكية الأخيرة بحجب جزء من المعونة لمصر بسبب ملف حقوق الإنسان، ليفتح هذا الملف من جديد في ظل تزايد انتهاكات النظام المصري لحقوق الإنسان وهو ما عبر عنه المشير عبد الفتاح السيسي مؤخراً بإعلانه افتتاح سبعة سجون جديدة، وهو ما يزيد المخاوف بشأن المزيد من الاعتقالات في الفترة القادمة. 

واعتبر حقوقيون هذه الخطوة من جانب أمريكا متواضعة للغاية سواء من حيث المبلغ المستقطع أو عدد المفرج عنهم، حيث لا يزيد المبلغ عن 130مليون دولار من أصل 300 مليون دولار مخصصة لتحسين حقوق الإنسان في مصر، مطالبين أمريكا والمجتمع بمزيد من الضغوط والخطوات الجادة للإفراج عن المعتقلين بالسجون المصرية.

وكانت الإدارة الأمريكية قد قامت بحجب جزء من المعونة العسكرية لمصر بسبب أوضاع حقوق الإنسان وهو ما تم تفعيله باستقطاع 130مليون من هذه المعونة.

ومن المعروف أن مصر تتلقى مليار و300 مليون دولار سنوياً من أمريكا كمعونة مشروطة، منها 300مليون مرتبطة بحقوق الإنسان.

تراجع عن التعهد 

وفي سياق تعليقه يقول الكاتب الصحفي خالد الشريف: إن العالم وعلى رأسه أمريكا يغض الطرف عن انتهاكات السلطات المصرية بل يدعم النظام بالقروض والمنح والمعونات، ولكن الجديد في الأمر أن هناك ضغوط داخلية على الإدارة الأمريكية بخصوص دعمها للسيسي وهو ما عبر عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن وتعهد بأنه لن يمنح السيسي شيكاً على بياض، ولكن هذا التعهد تراجع مع استغلال السيسي لملف غزة وحماس لتهدئة الوضع مع الكيان الصهيوني.

ويضيف الشريف لـ ” المجتمع” لكن من الواضح أن تلك الإجراءات غير كافية لمنع السيسي وغل يده من انتهاكات حقوق الانسان أو لدفعه للإفراج عن المعتقلين فالسيسي يغازل أمريكا عن طريق بوابة الكيان الصهيوني واستقبال رئيس وزرائه علنا في شرم الشيخ لنيل الرضا الصهيوني ويحاول تنفيذ الأجندة الأمريكية في ليبيا بعيداً عن الإمارات من أجل الرضا الأمريكي.

وأنهى كلامه بالقول: نحن نتمنى من المجتمع الدولي وأمريكا خطوات جادة لدعم حقوق الإنسان في مصر ورفع يدها عن دعم النظام الذي ينتهك حقوق الإنسان ليل نهار.

خطوة ضعيفة 

أما المدير التنفيذي للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات هبة حسن، فترى أن تهديد الإدارة الأمريكية باستقطاع هذا المبلغ من المعونة المقدمة لمصر يمثل نسبة ضئيلة جداً من إجمالي المعونة المقدمة لمصر، لافتة إلى أنه كان المتوقع وفقاً لتصريحات حملة بايدن أثناء الفترة الانتخابية وفي أيامه الأولى في البيت الأبيض أكبر من الأداء الحاصل بكثير، والإدارة الأمريكية بمثل هذه الخطوات الضعيفة والمشروطة أصلاً بإجراءات محدودة من النظام المصري. 

وأضافت لـ “المجتمع”: إن هذه الإجراءات المشروطة قصرتها الإدارة الأمريكية على إخلاء سبيل بعض النشطاء الحقوقيين وإغلاق ملف قضية واحدة من مئات ملفات القضايا الموجهة ضد آلاف الأبرياء ومنهم نشطاء حقوق الإنسان والسياسيين والصحفيين بل ومواطنون لم يكن لهم تهمة إلا رفضهم هدم بيوتهم التي قام النظام باستصدار عشرات قرارات الهدم دون أي مراعاة لها في انتهاك صارخ للحق في السكن وغيره من الحقوق التي تكفلها كل المواثيق الدولية.

واعتبرت مدير التنسيقية شروط الإدارة الأمريكية المعلنة في ظل اقتطاع هذا المبلغ المتواضع من المعونة لا تمثل إلا محاولة لمساعدة النظام في الإفلات من الضغط الدولي عليه بمجموعة خطوات شكلية وإخلاء سبيل لأشخاص معدودين – مظلومون ويستحقون الحرية يقينا – مع تجاهل آلاف غيرهم لم تتحدث عنهم الإدارة الأمريكية ولم تذكرهم في شروطها برغم التقارير والمناشدات وخطابات المنظمات الحقوقية وغيرها محلياً ودولياً.

ضغوط ومناورات

بدوره قال الباحث بالشبكة المصرية لحقوق الإنسان إبراهيم بدوي عودتنا السلطات المصرية خلال السنوات الماضية على التراجع خطوة إلى الوراء حينما يزداد الضغط الخارجي إلى حد لا يجدي معه الصمود، فتحدث إنفراجة بسيطة في الملف الحقوقي، من خلال إطلاق سراح بعض المعتقلين، الذين يجري اختيارهم بحسابات أمنية تخضع لمحددات بعينها. 

 وبخصوص حجب جزء من المعونة الأمريكية قال بدوي لـ “المجتمع” هذا يأتي في إطار ضغط أمريكي لتصحيح مسار قد يكلف الجانب الأمريكي كثيراً، لكون النظام المصري من أبرز حلفائه بالمنطقة، ويسبب إحراجًا متواصلاً لداعميه لعدم اكتراثه بملف حقوق الإنسان، الذي لا يمثل أولوية لدى رأس النظام، ويراه نوعاً من الرفاهية المبالغ فيها، بالنظر إلى الأحوال البائسة التي يعيشها الشعب المصري حالياً.

 وأضاف: خطوة حجب جزء من المعونة الأمريكية تفسر أن النظام أصبح يشكل عبئاً على حلفائه وداعميه، وهي خطوة تأتي في إطار ضغوط مكثفة على النظام، من أجل الالتفات لملف حقوق الإنسان، وكان النظام يقابلها بنوع من المناورة للالتفاف عليها.. وربما يرجع ارتفاع مستوى الضغط حالياً على النظام إلى تبني أمريكا سياسة إقليمية جديدة تهدف لتحقيق نوع من الاستقرار، مرحبا بأي ضغوط على السلطات المصرية يكون لها مردود إيجابي على ملف حقوق الإنسان.

Exit mobile version