أذابت الزيارة التي أداها رئيس حكومة الوحدة الليبية عبدالحميد الدبيبة إلى تونس جبل الثلج بين البلدين، حيث تركزت مباحثات الدبيبة مع الرئيس التونسي قيس سعيّد في تونس حول مسألة فتح المعابر الحدودية بين البلدين، واتفق الجانبان على التنسيق بين وزارتي الصحة والداخلية في البلدين لإعداد بروتوكول موحد لعودة الحركة البرية والجوية بين البلدين في أقرب وقت ممكن.
كما تغيّرت نغمة وسائل الإعلام الرسمية التونسية، وأصبحت تتحدث عن أن تونس وليبيا شعبان في دولتين، وأن لا أحد يصدّر الإرهاب للآخر، بل الجميع حلفاء في محاربته، وأن هناك ترتيبات مستقبلية لتنظيم عبور الأشخاص والبضائع بين الدولتين الشقيقتين.
وتم استدعاء مختص في الشأن الليبي ليقول عكس ما قيل سابقاً: أهمية هذه الزيارة (زيارة الدبيبة إلى تونس) لرفع الفتور بعد أن تعمدت بعض الأطراف التشويش على العلاقات بين تونس وليبيا، وأن العلاقات لمصلحة البلدين اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً أيضاً.
فتح المعابر
الإعلان عن فتح المعابر جاء أولاً من الجانب الليبي، حيث أعلنت الحكومة الليبية، مساء الخميس الماضي، عن أن فتح المعابر البرية والجوية مع تونس سيتم خلال هذا الأسبوع (بداية من يوم 13 سبتمبر الجاري).
وقال الناطق باسم الحكومة الليبية محمد حمودة، في بيان مقتضب نشره عبر صفحته بـ”فيسبوك”: إنه تم الاتفاق على عودة فتح الحدود واستئناف الحركة الجوية خلال الأسبوع القادم (الجاري)، وفق البروتوكول الصحي الموحد بين الجانبين الليبي والتونسي.
من جهتها، أكدت الرئاسة التونسية، في بيان، أمس الجمعة، وحدة المصير وتلازم التنمية والاستقرار والأمن في البلدين، وضرورة النأي بالعلاقات الثنائية عن كل محاولات التشويش من أجل مستقبل أفضل للشعبين الشقيقين.
وكان لقاء الدبيبة، وسعيّد، وفق بلاغ للرئاسة التونسية، اطلعت عليه “المجتمع”، فرصة لاستعراض علاقات التعاون المثمر بين تونس وليبيا في شتى المجالات، والتأكيد على وحدة المصير وتلازم التنمية والاستقرار والأمن في البلدين، ولا سيما ضرورة النأي بالعلاقات الثنائية عن كل محاولات التشويش من أجل مستقبل أفضل للشعبين الشقيقين وفق تصور جديد.
ملفات الطرفين
كما اتفق الجانبان على أن تستحث الهياكل المعنية في البلدين لخطاها من أجل بلوغ حلول مشتركة لبعض المسائل والصعوبات المتعلّقة بالصحّة وحركة تنقل الأشخاص والبضائع في المعابر والديون ومساهمة المؤسسات التونسية في جهود إعادة الإعمار في ليبيا، فضلاً عن تكثيف التنسيق وتبادل المعلومات لتأمين الحدود ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والتصدي لكل محاولات استهداف وحدة واستقرار البلدين والمنطقة.
وكان الدبيبة قد أكد، في تدوين له نشره في “فيسبوك” قبل وصوله إلى تونس، أن ما ورد من ادعاءات مغلوطة بشأن الأوضاع الأمنية بين تونس وليبيا لن تؤثر في عمق العلاقة الأخوية بين البلدين.
دعوات دولية
إلى ذلك، دعت منظمة “كونكت الدولية”، مساء أمس الجمعة، إلى التسريع بفتح الحدود التونسية الليبية واستئناف العلاقات الاقتصادية مع ليبيا، باعتبارها شريكاً تاريخياً لتونس، والمتنفس الأهم في المرحلة الحالية للمنتوجات والخدمات التونسية.
وأكدت “كونكت الدولية” في بلاغ صادر عنها، أهمية اتخاذ التدابير اللازمة والمناسبة واحترام القرارات الصادرة عن اللجنة العلمية لمجابهة جائحة “كوفيد- 19”.
وثمنت المساعي الحثيثة من الجانب الليبي لاستعادة وتطوير تموقع تونس في السوق الليبية، عبر توفير الدعم اللازم وتسهيل الإجراءات الإدارية والديوانية والبنكية.
وذكرت “كونكت الدولية”، في هذا الصدد، بأن ليبيا تعد الشريك الثاني لتونس بعد الاتحاد الأوروبي، معتبرة أن تعافي النسيج الاقتصادي التونسي الليبي يتطلب إستراتيجية واضحة ومشتركة من الجانبين لاستئناف التنمية الاقتصادية، وفق نص البلاغ.
طي صفحة الخلافات
وكان البلدان قد دخلا في خلاف هذا الصيف بشأن إغلاق الحدود بسبب جائحة كورونا، وهو الخلاف الذي تفاقم بعد أن قال مسؤولون في تونس، ووسائل إعلام تونسية: إن هناك إرهابيين في قاعدة الوطية بصدد دخول تونس لإثارة القلاقل فيها، ورد الجانب الليبي بأن هناك 10 آلاف إرهابي دخلوا من تونس إلى ليبيا.
وتطور الخلاف منذ سيطرة الرئيس سعيّد، في 25 يوليو الماضي، على سلطات الحكم جميعها وتعليق عمل البرلمان، وهي خطوات وصفها منتقدوه الداخليون بأنها انقلاب.
وتشهد المنافذ البرية بين تونس وليبيا، منذ 8 يوليو الماضي، إغلاقاً بسبب تفشي سلالة “دلتا” المتحورة من فيروس كورونا في البلد الأخير.
وعلى الرغم من إعلان الحكومة الليبية، في 17 أغسطس الماضي، إعادة فتح المنافذ البرية وحركة الملاحة الجوية مع تونس، فإن ذلك لم يتحقق على أرض الواقع، وهو ما يرجى ألا يتكرر يوم الإثنين القادم، ولا سيما بعد الزيارة التي أداها الدبيبة إلى تونس.