مصر.. خبراء يحذرون من تعديل قانون الإيجارات القديمة دون وضع البدائل

 

حذر عدد من الخبراء من تداعيات أي قوانين جديدة بشأن الإيجارات القديمة للوحدات السكنية ما لم تراع ظروف الأسر خاصة محدودة الدخل، وأن يكون هناك حوار مجتمعي حولها بحيث يتم التوافق على هذه القوانين حتى لا يفاجأ بها ساكنو هذه الوحدات ويجدوا أنفسهم فجأة بلا مأوى.

وأكدوا، في تصريحات لـ”المجتمع”، أن الحكومة ستكون المستفيد من هذه القوانين سواء باسترجاع وحدات ومقرات حكومية أو بطرح وحدات سكنية أنشأتها الدولة بأسعار مرتفعة لأسر مضطرة لشرائها وهو ما يدر دخلاً لخزانة الدولة، واعتبروا أن ما يتم اتخاذه من قرارات سواء برفع سعر الخبز أو بشأن الإيجارات القديمة ربما يأتي في إطار الانتقام من المصريين وإخضاعهم لقوانين جائرة وبالقوة.

ومؤخراً، تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسي مطولاً عن قانون الإيجار القديم، وانتقد القيمة المدفوعة في شقق قديمة، ولكن سعرها بالملايين حسب ما قال، ويأتي حديثه بعد رفع سعر الخبز مما يسبب مخاوف لدى الأسر الفقيرة جراء تشريعات لا تراعي ظروفهم.

وتزامن ذلك مع دعوات لأعضاء بالبرلمان بالتدرج في معالجة هذا الملف قبل إدخال أي تعديل عليه، وعلى رأس هؤلاء رئيس لجنة المحليات بالنواب.

حوار مجتمعي

من جانبه، بقال المستشار محمد سليمان: ربما تنتوي السلطة إجراء تعديلات قانونية تمس عقود الإيجار القديم، لكن الأمر كان يتطلب حواراً مجتمعياً واسعاً لإيجاد حلول وبدائل لملايين الأسر التي تستأجر شققاً سكنية بإيجار شهري بـ20 جنيهاً، وفجأة ستكون مطالبة بإيجار 2000 جنيه، وعليه سيكون هناك إضرار كبير بساكني تلك الوحدات بالنظر للمبلغ الكبير والمفاجئ الذي سيدفعونه، وفي الوقت نفسه لو استمر الإيجار كما هو سيكون هناك ضرر للمالك لضآلة العائد المادي الذي تدره هذه العقارات، وعليه يجب الوصول إلى حلول بحيث لا يكون هناك ضرر لأي طرف، فلا ضرر ولا ضرار.

وفي حديثه لـ”المجتمع”، يطالب سليمان بضرورة إيجاد حلول وبدائل أمام ملايين الأسر الفقيرة التي ستجد ما بين ليلة وضحاها أنها أصبحت عرضة للتشرد والضياع والطرد من مساكنها بدون إيجاد بدائل أمامها، على أن تكون حلول عملية وليست مجرد شعارات أو طرح وحدات سكنية بأسعار خيالية لا تقدر عليها هذه الأسر.

غضب شعبي

وفي سياق تعليقه، يقول رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام (تكامل مصر) مصطفى خضري: يعتبر ملف الإيجار القديم أحد الملفات الشائكة التي تركها النظام الناصري، وقد أورثها للأنظمة المتعاقبة خلفه، وقد وجد السيسي ضالته في هذا الملف، فحجم الوحدات السكنية المؤجرة بنظام الإيجار القديم يبلغ ما يقارب 3 ملايين وحدة، ربعها على الأقل ملك لمؤسسات الدولة كالأوقاف وشركات القطاع العام وقطاع الأعمال مثل مصر للتأمين وبنك مصر والبنك الأهلي، وفي حال قامت السلطة بتغيير هذا القانون فسوف يحقق عدة مكاسب لها.

وحول هذه المكاسب، يقول خضري لـ”المجتمع”: المكسب الأول يتمثل في استرجاع الوحدات السكنية المملوكة لمؤسسات الدولة وشركات القطاع العام وقطاع الأعمال، كذلك استرجاع ملاك العقارات لوحداتهم المؤجرة بنظام الإيجار القديم، وخضوع تلك الوحدات لقانون الضريبة العقارية، وهو ما سيحقق ما يقرب من 50 مليار جنيه، أيضاً.

كما سيعيد أملاكاً عقارية لما يقرب من 5 ملايين مصري، وهو ما سيرفع من شعبية السيسي المنهارة (رغم الأضرار التي ستلحق بعشرات الملايين من المصريين)، وسوف يوازن هذا القانون بين الغضب الشعبي نتيجة الرفع المنتظر لسعر رغيف العيش.

وحول  تداعيات هذا القانون وتقديراته السلبية في مقابل المكاسب، يؤكد خضري أن هناك معضلة تواجه النظام، حيث أنه سيحاول المفاضلة بين المكاسب التي سيحصلها من هذا القانون، وبين العواقب التي ستترتب على هذا القانون من عدم وجود مساكن بديلة عند القاطنين بوحدات الإيجار القديم، وإذا لم يستطع النظام حل المعضلة فسوف يواجه غضباً شعبياً أكبر من التأييد المنتظر من أصحاب تلك الوحدات، لافتاً إلى وجود حلول للأزمة تتمثل في  وحدات بديلة؛ حيث إن  الوحدات السكنية الخالية تكفي وتزيد، لكن المشكلة في الطريقة التي سيعامل بها النظام المنتفعين بالإيجار القديم.

سياسة الانتقام من الفقراء

أما الكاتب الصحفي خالد الشريف، فيرى أن سياسة السلطات بعد استيلائها على الحكم بالقوة هي الانتقام من الفقراء برفع الدعم عن الخدمات والسلع وما نتج عنه من ارتفاع الأسعار، وتعويم الجنيه والتوسع في فرض الضرائب، ومطاردة أصحاب المنازل المخالفة للبناء بالمناطق العشوائية الذين أصبحوا بين خيارين؛ إما الهدم أو دفع مبالغ باهظة، كما رأينا الحديث عن رفع الدعم عن رغيف الخبز الذي يسد جوع الملايين من المصريين، والآن تعد العدة لتعديل قانون الإيجار القديم ليجد معظم المصريين أنفسهم في العراء بلا مأوى.

ويضيف الشريف لـ”المجتمع”: واضح في سياستهم تكسير عظام المصريين، الذي يراه الشريف انتقاماً صريحاً من كل مصري؛ إما بالموت في السجون والقهر في المعتقلات أو أن تفتك به الأمراض والأوبئة أو يموت قهراً من الأسعار وغلاء المعيشة أو يطرد من أرضه وبيته ومسكنه، وهم ماضون في تدمير مصر والانتقام من المصريين الذين يمثل الفقراء القسط الأكبر منهم.

Exit mobile version