ما تداعيات رفع السرية عن هجمات 11 سبتمبر على السعودية؟

 

 

أمر الرئيس الأمريكي جو بايدن برفع السرية عن الوثائق المتعلقة بتحريات “مكتب التحقيقات الفيدرالي” حول هجمات 11 سبتمبر 2001.

جاء ذلك بناء على أمر تنفيذي وقعه بايدن ووجهه إلى وزارة العدل والوكالات الأخرى ذات الصلة، وأصدر القرار استجابة لطلب مئات من أسر ضحايا الهجمات.

رفع السرية رغم المخاطر

وقال، في بيان للبيت الأبيض: على الرغم من أن الإفراج العشوائي عن معلومات سرية يمكن أن يعرض الأمن القومي للخطر -بما في ذلك جهود حكومة الولايات المتحدة للحماية من أعمال الإرهاب المستقبلية- فلا ينبغي أن تظل المعلومات سرية، عندما يكون اهتمام الجمهور بالإفصاح يفوق أي ضرر للأمن القومي يمكن توقعه بشكل معقول من الكشف.

وذكر بايدن: عندما ترشحت لمنصب الرئيس، التزمت بضمان الشفافية فيما يتعلق برفع السرية عن وثائق هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية على أمريكا، مضيفاً أنه سوف “يتعامل باحترام” مع أسر أولئك الذين ماتوا في الهجمات.

أصابع الاتهام نحو السعودية

وفي مطلع أغسطس الماضي، وقع مئات من أسر ضحايا الهجمات خطاباً يطلبون فيه من الرئيس الأمريكي الإفراج عن الوثائق التي يرون أنها تشير إلى تورط مسؤولين سعوديين، بينما نفت الحكومة السعودية صلتها بالهجمات.

وأعلن السيناتور الأمريكي روبرت مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، عن تقديم مشروع قانون لرفع السرية عن وثائق استخباراتية حول هجمات 11 سبتمبر، و”أي دور للمملكة العربية السعودية أو أفراد من السعودية أو أي دولة”.

هل أتلفت الأدلة؟

في السياق، طلبت عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001 من هيئة رقابية تابعة للحكومة، التحقيق في شكوك في أن مكتب التحقيقات الفيدرالي “أتلف أدلة تربط السعودية بالخاطفين”.

وجاء في الطلب الذي تم إرساله إلى المفتش العام بوزارة العدل الأمريكية، مايكل هورويتز، أنه من المحتمل أن يكون واحد أو أكثر من مسؤولي مكتب التحقيقات الفيدرالي قد تعمد إتلاف الأدلة لتجنب الكشف عنها.

وامتنع مكتب التحقيقات الفيدرالي عن التعليق على الخطاب، وفق وكالة “رويترز” للأنباء، التي نقلت الخبر.

وتضمنت الرسالة التي وقعها حوالي 3500 شخص من عائلات الضحايا وأوائل المستجيبين والناجين، طلبات للتحقيق في تصريحات مكتب التحقيقات الفيدرالي، التي صدرت رداً على أمر استدعاء من العائلات، بأن الوكالة “فقدت أو ببساطة لم تعد قادرة على العثور على أدلة رئيسة حول الأفراد الذين قدموا دعماً كبيراً داخل الولايات المتحدة لخاطفي الطائرات في 11 سبتمبر.

تقارير سرية

ولطالما سعى أفراد عائلات الضحايا إلى الحصول على وثائق حكومية، بما في ذلك تقارير سرية لإنفاذ القانون والاستخبارات، تتعلق بما إذا كانت السعودية قد ساعدت أو مولت أياً من منفذي الهجمات الـ19، المرتبطين بـ”القاعدة” التي منحتها “طالبان” ملاذاً آمناً في أفغانستان في ذلك الوقت، وكان 15 من الخاطفين الـ19 من المملكة العربية السعودية.

ولم تجد لجنة حكومية أمريكية أي دليل على أن المملكة السعودية مولت “القاعدة” بشكل مباشر، وترك الأمر مفتوحاً بشأن ما إذا كان المسؤولون السعوديون قد فعلوا ذلك.

قانون “جاستا”

“جاستا” هو اختصار لقانون “العدالة ضد رعاة الإرهاب”، ومن اسمه يكشف القانون عما يسعى له من تحقيق العدالة للضحايا وأسرهم؛ عبر دفع تعويضات مالية لهم.

القانون مُرر في الكونغرس الأمريكي بغرفتيه (الشيوخ والنواب) بلا أي معارضة عام 2016، حيث يضيق القانون المفهوم القانوني للحصانة السيادية عبر تعديل قانون حصانات الدول السيادية الأجنبية وقانون مكافحة الإرهاب.

القانون لا يذكر هجمات 11 سبتمبر أو المملكة العربية السعودية، إلا أنه سيسمح ضمنياً بإجراء دعاوى قضائية ضد المملكة من قبل أهالي القتلى والجرحى والمتضررين جراء الهجمات.

وقال السيناتور الأمريكي ريتشارد بلومينثال حينها: إن “المبدأ واضح؛ إذا كانت الحكومة السعودية غير ضالعة في الهجوم فيجب ألا تخشى القانون”.

تهديدات سعودية

وخوفاً من فرض القانون، هددت السعودية ببيع ما يصل إلى 750 مليار دولار في سندات الخزينة الأمريكية للأوراق المالية وغيرها من الأصول إذا تم تنفيذ القانون، لكن صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية قالت: إن “المملكة من غير المرجح أن تفعل مثل هذه التهديدات”، معتبرة أن مثل هذا البيع سيكون “من الصعب تنفيذه، وفي نهاية المطاف سيشل اقتصاد المملكة”.

وفي 28/ 3/ 2018 رفض القضاء الأمريكي، طلب السعودية إلغاء مجموعة دعاوى ضدها تقول: إن المملكة ساعدت في تنفيذ هجمات 11 سبتمبر وتطالب المملكة بدفع تعويضات لأسر الضحايا.

وقال القاضي في محكمة منهاتن الإدارية بنيويورك، جورج دانيلس: إن تصريحات رافعي الدعاوى “توفر أساساً معقولاً” له لتأكيد الاختصاص بنظر فيها بموجب “قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب” الصادر في عام 2016.

ورفض دانيالز كذلك مزاعم مقدمي الشكوى ضد بنكين سعوديين وشركة بناء سعودية تتهم المؤسسات الـ3 بتقديم دعم مادي لتنظيم “القاعدة” وزعيمه الراحل، أسامة بن لادن، لتنفيذ الهجمات، وتطالبها بدفع تعويضات، نظراً لغياب الصلاحيات الضرورية.

ونفت الحكومة السعودية مراراً الضلوع في هجمات 11 سبتمبر، التي أسفرت عن مقتل قرابة 3 آلاف شخص، وانتقدت بشدة “قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب”، الذي تبنته الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة الرئيس السابق باراك أوباما.

هذا، وقد أدانت وزارة الخارجية السعودية إقرار قانون أمريكي يتيح لأسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001 مقاضاة المملكة للمطالبة بتعويضات، ووصفت الوزارة في بيان لها الأمر بأنه “مصدر قلق كبير”.

سيف أمريكي على السعودية

يرى الكثير من المراقبين أن كشف السرية وطرح القانون مجددًا للواجهة بمثابة سيف أمريكي على السعودية لتعويض ضحايا 11 سبتمبر.

فالتعويضات السعودية لذوي الضحايا قد تصل إلى تريليون دولار، وهو ما يذهب بكل أموال الصندوق السيادي السعودي، وأي رئيس أمريكي سيحول دون تطبيق قانون “جاستا” سيخرج بنتيجة بائسة، ومجرد دخول السعودية بمعركة قضائية مع أمريكا فهي خاسرة، خصوصاً أن أحداث سبتمبر حساسة، ولا يريد أحد من الإدارة الأمريكية أن يتهم بالتواطؤ مع أي جهة ترعى أو تمول الإرهاب.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

____________________

مصادر ذات صلة:

1- القضاء الأمريكي يرفض إسقاط دعاوى ضد السعودية تتهمها بدعم هجمات 11 سبتمبر،

2- الخارجية السعودية تدين إقرار قانون “جاستا” الأمريكي وتعتبره “مصدر قلق كبير”،

3- ما مصير قانون جاستا ضد السعودية مساحة 11 اغسطس 2021،

4- بعد 20 عاما.. هل ترفع واشنطن السريّة عن وثائق هجمات 11 سبتمبر،

5- قانون “جاستا”.. سيف أمريكي على السعودية لتعويض ضحايا 11 سبتمبر،

6- مشرعون أميركيون يفعّلون ورقة 11 سبتمبر للضغط على السعودية،

7- عائلات ضحايا 11 سبتمبر تحذر بايدن من الانحياز للسعودية،

8- بايدن يأمر برفع السرية عن هجمات 11 سبتمبر.. واتهامات للرياض،

Exit mobile version