لبنان.. ما زالت ولادة الحكومة متعسرة!

 

رغم اللقاءات والمشاورات الجارية، لا تزال أزمة تشكيل الحكومة في لبنان تتشابه مع الولادة المتعسرة، وذلك رغم إعلان الرئيس ميشال عون عدم تمسكه بالثلث المعطل.

وقال مكتب عون، في بيان، الأسبوع الماضي: إن الرئيس يتعاطى مع ميقاتي بانفتاح وإيجابية، وإنه لم يطلب أو يسمِّ أي وزراء، وكذلك لم يطالب بالثلث المعطل.

وقال نجيب ميقاتي، رئيس الوزراء اللبناني المكلف: إن “الاعتذار عن تشكيل الحكومة غير وارد”، محذراً من أن البلاد في خطر.

عون ينفي تمسكه بالثلث المعطل.. فمن يعطل تشكيل الحكومة؟

اختلاف حول معايير التشكيل

ونقلت “الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية”، عن المكتب الإعلامي للرئاسة اللبنانية، الأسبوع الماضي، أن الرئيس عون التزم طوال اللقاءات التي عقدها مع ميقاتي بالنقاط التي تم الاتفاق عليها منذ اللقاء الأول، وهي النقاط المتفق عليها مع الجميع سابقاً كأساس لتشكيل الحكومة.

ومن بين تلك النقاط، الشروط الواجب توافرها أو المعايير في توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف والكتل، بعدالة ومساواة، بحسب ما تقتضيه مصلحة لبنان واللبنانيين، وما يفرضه الدستور والميثاق في البلاد.

بيان الرئيس عون

ونفى المكتب الإعلامي، في بيان مطول له، طلب الرئيس اللبناني 9 أو 10 وزراء، حيث لم يطلب ميشال عون الثلث المعطل، وهو يدرك هذا الأمر من خلال المحادثات مع ميقاتي.

هناك ظروف إقليمية ودولية متعاكسة تؤثر على تشكيل الحكومة

وشدّد البيان على أن عوناً لم يقدّم إلى ميقاتي أي اسم حزبي لتولي حقيبة وزارية أو أكثر، وكل الأسماء التي تم عرضها تتمتع بالخبرة والكفاءة المناسبة للوزارات المرشحة لها، موضحاً أن عوناً يتعاطى مع الرئيس المكلف بانفتاح كامل وإيجابية.

ولفت البيان الإعلامي للرئاسة اللبنانية إلى أن الرئيس يريد تأمين ولادة حكومة جديدة يرضى عنها اللبنانيون، وتلاقي دعم المجتمع الدولي، في آن واحد، حيث قدم لميقاتي كل التسهيلات الممكنة دون التوقف عند حقيبة أو اسم.

أزمة معقدة

أزمة تشكيل الحكومة في لبنان معقدة ومركبة، فهناك العديد من الأسباب التي تقف وراء ذلك، منها الداخلية والخارجية الإقليمية.

فالأسباب الداخلية تتعلق بالحصص والثلث المعطل، وتوزيع الوزارات والحقائب على القوى السياسية المتناحرة التي تبحث عن أكبر المكاسب والمناصب.

والسبب الآخر للتعطيل له علاقة بالظروف الإقليمية والدولية، المتعاكسة والمتضاربة التي تنعكس على تشكيل الحكومة تسهيلاً أو تعطيلاً، والثلث المعطل أحد مظاهر الخلافات التي تعكس التناقصات الداخلية والإقليمية، وليست هي السبب الوحيد للأزمة.

فيما يبدو أن الأزمة التي عانى منها الحريري مع عون عانى منها ميقاتي

الخلاف على الحقائب

يرى الكثير من المراقبين أن إنكار الرئيس عون تمسكه بالثلث المعطل غير حقيقي، فهو يصر على ذلك سواء كان هذا ظاهريًا أو مبطنًا، وهو سبب الخلاف على حقيبتي العدل والداخلية، فالرئيس عون لديه هاجس واحد هو كيف يؤلف حكومة يتحكم بها من خلال الثلث المعطل من أجل تأمين وصول صهره لرئاسة الجمهورية، وهو يتوقع أنه بعد انتهاء ولايته سيدخل في لبنان فراغ رئاسي طويل ويريد أن يكون لديه حكومة يتحكم بها.

ويرى البعض أن الأزمة التي عانى منها الرئيس الحريري مع عون، يعاني منها الرئيس ميقاتي ولم يتغير شيء، نفس المطالب وهناك إصرار من قبل عون على التحكم بالحكومة، من خلال الثلث الذي لا يعطل الحكومة وحسب، بينما يعطل لبنان كله.

الأزمة مستمرة

وإزاء هذا التعنت المبطن من الأطراف المشكلة للحكومة من المتوقع أن ينتهي عهد الرئيس عون دون تأليف حكومة، وسيبقى الوضع كما هو، من أزمات وانعدام للحلول والطبقة السياسية مشغولة في التهريب، وتأمين الصفقات والسوق السوداء، والشعب اللبناني هو الذي يذوق القهر والعذاب من أجل تأمين حاجياته، وهذا ما ينذر بانفجار اجتماعي وربما بفلتان أمني خطير جدًا، وقد بدأ بالفعل في بعض المناطق.

الشارع يترقب الحكومة الجديدة في ولادتها المتعسرة ويغلي من الفساد وغلاء الأسعار

المشهد في الشارع المترقب

نعم الشارع اللبناني يترقب الحكومة الجديدة في ولادتها المتعسرة لكنه يغلى من الفساد وغلاء الأسعار، فمنذ أيام، يشهد الشارع احتجاجات قوية ولا سيما بعد صدور بيان المصرف المركزي برفع الدعم كليًا عن المحروقات، ما أدى إلى قيام محتجين بقطع الطرق في العديد من المناطق داخل العاصمة بيروت.

ويندّد المحتجون بتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد، وانقطاع التيار الكهربائي، ويطالبون بمحاسبة المسؤولين عن انفجار بلدة التليل في عكار، وقال الصليب الأحمر اللبناني: إن 20 فرداً على الأقل قتلوا في انفجار صهريج وقود في عكار.

وتمرّ البلاد بأزمة محروقات شلّت مختلف القطاعات الحيوية والأساسية فيه، فيما يتواصل الخلاف بين حاكم مصرف لبنان الذي أعلن رفع الدعم عن المحروقات ورئاستي الجمهورية والحكومة التي ترفض هذا القرار من دون التوصل إلى حل من شأنه التخفيف من حدة الأزمة.

ويعاني لبنان العديد من الأزمات السياسية والاقتصادية والصحية التي أدخلت البلاد في حالة من العجز والشلل التام، وأدت إلى تدهور الأوضاع وخروج الشعب إلى الشوارع احتجاجا على فشل النخبة السياسية والفساد.

        

_____________________

مصادر ذات صلة:

1- عون ينفي تمسكه بالثلث المعطل والمناقشات مع ميقاتي إيجابية،

2- “الجديد” اللبنانية: ملف تشكيل الحكومة عاد إلى ما دون الصفر،

3- ميقاتي ينتقد “بطء” تشكيل الحكومة اللبنانية،

4- ميقاتي: الاعتذار عن تشكيل حكومة لبنانية ليس على أجندتي،

5- 3 محطات «خارجية» تفرض نفسها على مسار تشكيل الحكومة اللبنانية،

6- تسريبات عن ملامح حكومة لبنانية لا تمنح طرفاً الثلث المعطل،

7- ميقاتي: نسبة تشكيل الحكومة اللبنانية تفوق نسبة الاعتذار،

8- تشكيل الحكومة اللبنانية والاستحالتان!

Exit mobile version