تونس.. بين رفض التمديد للإجراءات الاستثنائية وتأييدها بتحفظ

 

أعرب العديد من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الاعتبارية في تونس عن رفضها التمديد في الإجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيّد، في حين أيدتها أخرى بتحفظ، واضعة شروطاً، من أهمها وضع خارطة طريق توضّح إلى أين يقود قيس سعيّد تونس.

ولم تخرج بقية المواقف السياسية وداخل المجتمع المدني عن هذا الإطار.

خرق جسيم للدستور

حركة النهضة، في بيان لها حصلت “المجتمع” على نسخة منه، أكّدت تمسّكها بموقفها المبدئي المعلن منذ الساعات الأولى للقرارات الرئاسية، مساء 25 يوليو 2021م، الذي يعتبر تعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب ورفع الحصانة عن النواب خرقاً جسيماً للدستور ومخالفة صريحة لمقتضيات الفصل (80) منه في التنصيص على إبقاء المجلس في حالة انعقاد دائم، وفي تعبير بيان صدر عن الحركة، مساء اليوم الثلاثاء 24 أغسطس.

وعبرت حركة النهضة عن انشغالها العميق بالغموض الذي يكتنف مستقبل البلاد بعد الأمر الرئاسي بالتمديد الذي يلغي مراقبة البرلمان الذي يمنح الدستور لرئيسه أو 30 من أعضائه حق طلب إنهاء الإجراءات الاستثنائية.

ويأتي البيان بعد إصدار رئيس الجمهورية أمراً رئاسياً يقضي بالتمديد في التدابير الاستثنائية إلى إشعار آخر، وتأجيل بيان رئيس الدولة إلى الشعب في الغرض إلى الأيام القادمة، كما جاء في البلاغ الرئاسي.

ودعت حركة النهضة إلى استئناف المسار الديمقراطي المُعطّل منذ 25 يوليو، والعودة السريعة إلى السير العادي لدواليب الدولة كما ينص على ذلك الفصل (80) من الدستور، واعتماد الحوار سبيلاً وحيداً لحلّ مختلف المشكلات.

وأكّدت الحركة حاجة البلاد الملحّة إلى الانصراف إلى معالجة أولويات الشعب الاقتصادية والمالية والتنموية واستحقاقات العودة المدرسية والجامعية والموسم الفلاحي، وما يقتضيه ذلك من تسريع بتعيين الشخصية المكلفة بتشكيل حكومة وعرضها لنيل ثقة البرلمان وإعطائها الشرعية القوية اللازمة لمجابهة أوضاع تونس الصعبة.

وطالبت الحركة بوضع حدّ لما تعرض ويتعرض له عدد مهم من المواطنين من ضروب متنوعة من الاعتداء على حقوقهم الدستورية سواء باحتجازهم في بيوتهم أو بمنعهم من السفر أو التضييق على حرياتهم في التعبير أو إحالتهم على القضاء بمخالفة الدستور والقوانين.

غموض وضبابية

من جهته، أعرب حزب “الأمل” الذي أسسه السياسي المخضرم محمد نجيب الشابي، عن انشغاله من التمديد في التدابير الاستثنائية في ظل ضبابية الرؤية وغياب تصور واضح للخطوات المقبلة لرفع هذه الإجراءات وعودة المؤسسات لأداء عملها.

وأكد حزب الأمل تمسكه بالفصل بين السلطات والعودة للمؤسسات الشرعية، وذلك في بيان أصدره، أمس الثلاثاء، إثر لقاء جمع وفداً من الحزب بالأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (منظمة نقابية) نور الدين الطبوبي بمقر الاتحاد.

وقد عبر وفد الحزب عن تخوفه مما قد ينتج عن جمع كل السلطات في يد الرئيس، منذ 25 يوليو الماضي، في غياب كل سلطة رقابية، وعلى رأسها البرلمان والمحكمة الدستورية.

وأعرب كذلك عن انشغاله بالأزمة العامة التي تمر بها البلاد سياسياً واقتصادياً، إضافة إلى الشلل الكامل لمؤسسات الحكم والهيئات الدستورية، وفق نص البيان.

استفتاء شعبي

وتفاعلاً مع التمديد دعا حزب “التّحالف من أجل تونس” الرئيس سعيّداً إلى إجراء استفتاء شعبي لتغيير نظام الحكم وإصلاح المنظومة الانتخابية والدعوة لانتخابات تشريعية سابقة لأوانها، فضلاً عن ضرورة تفعيل الفصل (163) من القانون الانتخابي التونسي والعمل على محاسبة المتورّطين الفاسدين الذين تسلّلوا بالغشّ لمؤسسات الحكم، وفق ما كشفه تقرير دائرة المحاسبات، من التجاوزات والجرائم الانتخابية لسنة 2019 (الرئيس نفسه سجلت عليه تجاوزات كبيرة).

وجدّد الحزب، في بيان له، أمس الثلاثاء، دعمه ومساندته لقرار رئيس الجمهورية القاضي بالتّمديد في الإجراءات الاستثنائية، وبيّن أنّه ينتظر أن يقترن الإعلان عن الحكومة الجديدة بإعلان ملامح المشروع المجتمعي والسياسي والاقتصادي للجمهورية الثالثة، مجدّداً مطالبته رئيس الدّولة بالرّد على كل المشكّكين في مسار الإصلاحات، بمزيد من الطمأنة للشعب التونسي والمجتمع الدولي كذلك، فيما يتعلّق باحترام الحقوق والحريات مع استكمال مسار المحاسبة لكل من ألحقوا ضرراً بالدولة ومؤسساتها وبمصالح وحقوق الشعب التونسي.

نفق مظلم

وفي سياق متصل، ذكر عضو مجلس نواب الشعب عماد الدايمي، في صفحته الرسمية على “فيسبوك”، أن ‏إعلان تمديد الإجراءات الاستثنائية في منتصف الليل والناس نيام بإرادة فردية دون تشاور ولا حوار إلا مع الوزراء والسفراء الأجانب، ودون أدنى تقييم لحصيلة الشهر الأول من حالة الاستثناء ومدى تنفيذ الشعارات، في كل هذا هل ما زلنا نحتاج إلى دليل آخر أننا نتقدم بسرعة في نفق مظلم؟

Exit mobile version