تونس.. العودة المدرسية تثير جدلاً بين الانقلاب والمجتمع المدني

 

تتسع الهوة في تونس بين الانقلاب والمجتمعين السياسي والمدني، حيث زادت الإجراءات الانفرادية لإدارة الانقلاب من حدة الانتقادات التي بدأت تضع الخطوط الحمراء أمام الانقلاب مع قرب العودة المدرسية، وتصريحات وزير التربية التونسي بأنها ستكون عادية بدون نظام الأفواج (الدراسة بالتناوب)، ومع قرب نهاية الشهر الذي حدده الرئيس قيس سعيّد لما وصفه بالإجراءات الاستثنائية (24 أغسطس الجاري)، وفي ظل المخاوف من تمديد الفترة، وأنباء هجرة الأموال والشباب، وهو ما ينذر باحتمال حصول صدامات مع النقابات والمجتمع السياسي في تونس بعد عمليات الإيقاف الأمنية خارج إطار القانون، حيث انتقد الرئيس الأسبق ​المنصف المرزوقي​ “الإجراءات المتتابعة بخصوص عمليات الإيقاف والمنع من السفر”، مجدداً وصف ما يجري في تونس بـ”الانقلاب” .

حادث مرور تاريخي

واعتبر في تدوين نشره على صفحته بـ”فيسبوك” أن ما حصل في البلاد بمثابة حادث مرور تاريخي ستخرج منه تونس مثخنة بالجراح، ولكن بتجربة لا تنسى وبعزيمة أقوى لبناء دولة قانون ومؤسسات لا يختطفها مغامر وشعب لا ينخدع بالشعارات التي أوقعت كم من شعوب في فخّ الاستبداد وهو شرّ أنواع الفساد.

نوع من الاستعجال

بدوره، حذّر كاتب عام الجامعة العامة للتعليم الثانوي الأسعد اليعقوبي من أن العودة المدرسية عادة ما تشهد نقائص أو عدم إيفاء وزارة التربية بالتزاماتهم تجاه المربين والمدرسين ونقابات التعليم، وفي مقدمتها التلقيح، وهو الأمر الذي يخلق إشكالاً في العودة المدرسية.

وأضاف اليعقوبي، في تصريح لإذاعة “إكسبراس أف أم” الخاصة، أن الحديث عن عودة مدرسية يوم 14 سبتمبر أمر محسوم ولا يتضمن أي لبس أو إشكال.

إلا أن تصريح وزير التربية التونسي فتحي السلاوتي، بخصوص التخلي عن نظام الأفواج، فيه نوع من الاستعجال وغير مبرر وفيه دفع نحو توجه معين للعودة المدرسية دون اتفاق نهائي مع الأطراف الاجتماعية.

وتساءل اليعقوبي: كيف لوزير التربية أن يطرح عودة مدرسية مع التخلي عن نظام الأفواج، دون حسم مسألة التلقيح؟

كما أن الحديث عن سيناريو واحد للعودة المدرسية قبل الحسم في مسألة تلقيح التلاميذ يعتبر خاطئاً، وأن الإشكالية ليست في تاريخ العودة الدراسية، وأن الإجراء الذي يتم اتخاذه يجب أن يراعي فرضية عودة موجة خامسة لوباء كورونا.

وشدد كاتب عام الجامعة العامة للتعليم الثانوي في تونس على أن شرط إلغاء نظام الأفواج هو تأمين التلاميذ من الوباء، وعلى وزارة التربية عدم التسرع والتشاور مع اللجان العلمية.

انعكاسات سيئة

العقلية الشعبوية كما يقول البعض تدفع قيادة الانقلاب إلى محاولة إظهار قدرته على إعادة الأمور في تونس إلى طبيعتها، مع الحديث عن انتصار موهوم على جائحة كورونا، والدعوة إلى تخفيض الأسعار دون استجابة حقيقية على أرض الواقع، فقد أعلن وزير التربية، فتحي السلاوتي، يوم الأحد 15 أغسطس 2021م، عن أن العودة المدرسية ستكون في موعدها، يوم 15 سبتمبر القادم.

وأضاف السلاوتي أنّه من غير الممكن العودة إلى نظام الأفواج بالمعاهد والمدارس، معتبراً أنّ مواصلة سنة دراسية أخرى بنظام الأفواج ستكون له انعكاسات سيئة جدّاً، وفق تعبيره.

ولم يف وزير التربية التونسي فتحي السلاوتي بما صرّح به، يوم الإثنين 5 يوليو الماضي، وهو إمكانية تلقيح التلاميذ والطلبة والأطفال، لتأمين العودة المدرسية القادمة.

تحذيرات اللجنة العلمية

بدورها، حذّرت اللجنة العلمية لمجابهة كورونا في تونس، خلال اجتماعها يوم الثلاثاء 18 أغسطس الجاري، من الإجراءات الشعبوية فيما يتعلق بالعودة المدرسية أو تخفيف الإجراءات الصحية، ودعت إلى الإبقاء على الإجراءات الوقائية المعتمدة للحد من انتشار فيروس كورونا، وذلك تحسباً لاحتمال حدوث أي نكسة في الوضع الوبائي.

وقال عضو اللجنة أمان الله المسعدي، في تصريح لوكالة “تونس أفريقيا”، أمس الثلاثاء: إن اللجنة لم تقدم أي توصية بتخفيف الإجراءات المتخذة، ومن بينها حظر الجولان من الساعة العاشرة مساء إلى الساعة الخامسة صباحاً، ومنع كافة التظاهرات والتجمعات الخاصة والعامة بالفضاءات المفتوحة أو المغلقة.

وحذّر المسعدي من أنّه رغم تراجع نسبة التحاليل الإيجابية اليومية، فإن مجمل المؤشرات ما زالت أعلى من تلك المسجلة قبل ظهور الموجة الرابعة من فيروس كورونا في تونس، ومن أبرزها حالات إيواء المرضى التي أشار إلى أنها ما زالت مرتفعة ويبلغ عددها 3 آلاف مصاب حالياً.

تفاقم الهجرة

إلى جانب إرهاصات ومقدمات أزمة العودة المدرسية، يجري الحديث في تونس عن إغلاق مصانع وتهريب كميات كبيرة من العملات الأجنبية خارج تونس، وهو ما تكشفه الأخبار اليومية لجميع وسائل الإعلام في تونس، وبيانات وزارة الداخلية التونسية، وهو ما يعكس قلقاً لدى رجال الأعمال والمستثمرين والشباب من مستقبل الاستقرار في تونس، كما تعاظمت عمليات الهجرة للشباب وأنباء إحباط الوحدات العائمة التابعة للأقاليم البحرية للحرس الوطني التونسي عشرات عمليات اجتياز للحدود البحرية خلسة تتابع يومياً وتؤكد المنحى الذي يسير فيه الانقلاب منذ 25 يوماً.

Exit mobile version