احتباس حراري أم حرائق متعمدة؟

 

بينما لا يزال العالم يعاني تبعات وباء كورونا الذي اجتاح العالم مع بدايات عام 2020، تقرع الآن طبول كارثة أشد خطرًا وضررًا، وتدميرًا من “كوفيد- 19″، إنها ظاهرة الاحتباس الحراري، فعلى مدار الشهرين الماضيين وفجأة ودون سابق إنذار دخل نصف العالم في أتون نار مستعرة عبر سلسلة من الحرائق على مستوى الكوكب.

وتواصلت الحرائق في العديد من المناطق حول العالم، بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، وسرعة الرياح التي ساهمت في انتشار النيران.

وأرجع العلماء حدوث موجات من الجفاف بالمنطقة إلى التغير في المناخ، ما جعل البيئة أكثر عرضة للحرائق الضخمة والمدمرة.

خطر الانقراض 

ومع تصاعد موجة الحرائق في هذا الصيف المستعر، حذرت الدول المعرضة لتغير المناخ من أنها “على وشك الانقراض” إذا لم يتخذ أي إجراء لتجنب ذلك.

ويأتي التحذير من قبل مجموعة من الدول النامية بعد تقرير تاريخي للأمم المتحدة قال: إن الاحتباس الحراري يمكن أن يجعل أجزاء من العالم غير صالحة للسكن.

وقد وصف زعماء العالم، بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، التقرير بأنه “جرس إنذار للعالم”.

لكن بعض أقوى ردود الفعل على النتائج التي توصل إليها جاءت من بلدان من المفترض أن تكون الأكثر تضررًا.

ناقوس الخطر

وأكد تقرير أصدره علماء في الأمم المتحدة أن تأثير البشر الضار على التغير المناخي “حقيقة لا تقبل الجدال”.

وقال التقرير الأممي، غير المسبوق: إن الانبعاثات المستمرة للغازات الدفيئة قد تشهد أيضاً تغيراً في حدود درجات الحرارة الرئيسة خلال ما يزيد قليلاً على عقد.

كما أوضح المشرفون على التقرير أن ارتفاع مستوى سطح البحر إلى ما يقرب من مترين بحلول نهاية القرن الجاري “لا يمكن استبعاده”.

بيد أن ثمة آمالاً جديدة في أن يؤدي الخفض الكبير في انبعاثات الغازات الدفيئة إلى حدوث حالة استقرار في درجات الحرارة المتزايدة.

خطر الفيضانات

وأظهرت دراسة جديدة أن نسبة سكان العالم المعرضين لخطر الفيضانات ارتفعت بنحو الربع منذ عام 2000.

واستخدمت صور الأقمار الصناعية لتوثيق الارتفاع، وهو أكبر بكثير مما توقعته نماذج الكمبيوتر.

وأظهرت الدراسة أن سبب الارتفاع السريع في نسبة السكان المعرضين يعود إلى الهجرة، وإلى زيادة الفيضانات المسجلة في العالم.

وبحلول عام 2030، سيواجه ملايين آخرون فيضانات متزايدة بسبب تغير المناخ والتغير الديموغرافي، كما يقول معدو الدراسة.

حرارة الكوكب تستعر

وتشير دراسة مناخية كبيرة إلى أنه أصبح من المرجح أن يصل العالم إلى حد مؤشر درجة الحرارة العالمية الذي حدده علماء المناخ، في واحدة من السنوات الخمس المقبلة.

وتتوقع الدراسة أنه بحلول عام 2025، فإن هناك احتمالاً بنسبة 40%، أن تكون درجة الحرارة العالمية لعام واحد على الأقل أشد سخونة بـ1.5 درجة مئوية عن مستوى درجة الحرارة العالمية ما قبل الثورة الصناعية.

وتعد 1.5 درجة مئوية الحد الأدنى لدرجة الحرارة العالمية التي حددتها اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ، التي دعا العلماء إلى عدم تخطيها من أجل درء أسوأ آثار تغير المناخ، وجاء هذا الاستنتاج في تقرير نشرته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO).

احتباس حراري أم حرائق متعمدة؟

السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه هو: هل ما يحدث من هذا المسلسل المروع من الحرائق بفعل الاحتباس الحراري، أم حرائق متعمدة تقف وراءها أطراف مستفيدة لضرب وتدمير اقتصاد دول بعينها، وتغيير الخرائط في بعض دول العالم؟ الحقيقة أنه ثمة شبهات مثارة، لكن لم تفض إلى نتائج حاسمة في المساءلة.

 70 % من حرائق إيطاليا سببها البشر

ففي إيطاليا، قال وزير التحول البيئي الإيطالي روبرتو تشينغولاني: إن أكثر من 70% من الحرائق المندلعة في البلاد ناجمة عن التدخل البشري المتعمد أو غير المتعمد، ويساهم في اشتعالها بشكل طفيف تغير المناخ.

لدينا شكوك!

من ناحيته، تساءل وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو من منطقة منافغات في ولاية أنطاليا: «من أشعل هذه الحرائق؟»، مؤكداً: «لدينا شكوك، كل مؤسساتنا تجري تحقيقاً دقيقاً في هذا الموضوع».

وقال وزير البيئة والتخطيط العمراني التركي مراد قوروم: إن السلطات فتحت تحقيقات شاملة في أسباب حرائق الغابات، إذ تتولى التحقيقات كل من وزارة الداخلية وجهاز المخابرات.

حرائق مفتعلة

وفي الجزائر، أعلن محافظ الغابات بمحافظة تيزي وزو (100 كيلومتر شرقي الجزائر العاصمة)، التي عرفت أكبر عدد من بؤر الحرائق والأكثر تضرراً، عن تسجيل 4 وفيات بسبب الحرائق التي وصفها بالخطيرة، وقال في تصريح لـ”التلفزيون الحكومي”: إن الحرائق مفتعلة، واختير لها يوم عرف فيه ارتفاع كبير لدرجة الحرارة، خاصة وأن نشرة خاصة قد صدرت منذ أيام حذرت من ارتفاع درجة الحرارة، وساهم في انتشارها هبوب الرياح، حسب قوله.

فضيحة في أروقة الأمم المتحدة

وفي عام 2010، وعلى وقع قمة المناخ التي عقدت في كوبنهاجن، والقمة التي تلتها في المكسيك، فجرت فضيحة تدور وقائعها داخل أروقة الأمم المتحدة، التي حققت مع اللجنة الدولية الخاصة بدراسة التغيرات المناخية، بعد الاشتباه في تورط اللجنة في تزوير المعطيات العلمية، وفقاً لصحيفة «مير نوفستيي» الروسية.

وبحسب الصحيفة، فإن ثمة اعتقاداً سائداً بأن اللجنة المذكورة هي التي نصحت حكومات دول العالم بالانتقال إلى مصادر الطاقة البديلة، وتلقت مقابل ذلك رشى كبيرة من الشركات التي تعمل في إنتاج مصادر تلك الطاقة.

كانت الأمم المتحدة عقدت مؤتمراً دولياً في ديسمبر 2009 شارك فيه أكثر من 100 من رؤساء الدول والحكومات، وتبادل رؤساء الدول الكبرى والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون كلمات مؤثرة، حتى إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما دعا الدول المتهمة برفع درجة حرارة الأرض إلى تحمل مسؤولياتها أمام الدول الصغيرة التي تتضرر يومياً من هذه الظاهرة، واعتبر بان كي مون أن أمام البشرية 10 سنوات فقط للحيلولة دون التغير المناخي.

غير أن علماء روساً يؤكدون حالياً أن مناخ كوكب الأرض يتغير بشكل مستمر منذ مئات آلاف السنين، بعيداً عن الفكرة التي تقول: إن تصرفات الإنسان هي السبب، وفي هذا الصدد، قال الأكاديمي الروسي فلاديمير كوتلياكوف: إن درجة حرارة الأرض في الحقبة الراهنة أقل مما كانت عليه في حقب سبقت ظهور الإنسان الذي يُتَّهم اليوم بالتسبب في الكوارث المناخية.

وأضاف أن كل الظواهر الطبيعية الآن حدثت في أوقات سابقة دون تدخل البشر، لكن كل ما هنالك أن كوكب الأرض يجتاز حالياً دورة مناخية وصلت درجة الحرارة فيها إلى أعلى مستوى لها قبل 5 أو 6 آلاف عام.

كلمة ليست أخيرة

ملف الاحتباس الحراري ملف شائك يحتاج لعدة تقارير استقصائية لكشف حقيقة ما يحدث الآن لكوكب الأرض من مسلسل من الحرائق المدمرة، والكشف عمن من يقف وراء تلك الموجة من التحذيرات لسكان الأرض وللدول، ومن المستفيد من بث الرعب والخوف في العالم كما حدث في بدايات اجتياح وباء كورونا للعالم.

وما زال للاستقصاء في هذا الملف بقية.

 

 

 

 

 

 

____________________

مصادر ذات صلة:

1- التغير المناخي: الدول الأكثر عرضة لآثاره تحذر من أنها قد تواجه خطر الانقراض، bbc، https://bbc.in/37zC2VD.

2- تغير المناخ: تقرير أممي يدق ناقوس الخطر ويحذر من تسارع ارتفاع درجات الحرارة، bbc، https://bbc.in/3s2V0xj.

3- التغير المناخي: العالم معرض لخطر تخطي درجة حرارة الكوكب الحد الذي وضعه علماء المناخ، bbc، https://bbc.in/37x10oA.

4- التغير المناخي: العالم معرض لخطر تخطي درجة حرارة الكوكب الحد الذي وضعه علماء المناخ، https://bbc.in/3iBEmS4.

5- حرائق متواصلة حول العالم وخسائر هائلة في الغابات، عربي 21،

6- استمرار مكافحة الحرائق حول العالم وحملات لإجلاء السكان،

7- 5 محافظات تركية منكوبة بالحرائق، الجريدة،

8- 4 قتلى جراء حرائق مرعبة للغابات في الجزائر.. ومسؤول: متعمدة، القدس العربي،

9- الأمم المتحدة تحقق في «أكذوبة التغيرات المناخية» والاحتباس الحراري،

10- الاحتباس الحراري نموذجًا من الخزعبلات العلمية.. الشك العلمي ج (15)، ساسة بوست،

Exit mobile version