تونس.. الآلاف يوقعون على عريضة شعبية تطالب بالتراجع عن الانقلاب

 

وقع آلاف التونسيين، خلال ساعات قليلة من ظهور عريضة شعبية مفتوحة (للتوقيع) على مواقع التواصل الاجتماعي، مساء أمس الإثنين، تطالب بالتراجع عن الانقلاب والعودة للمسار الديمقراطي، واضعة العديد من النقاط الواجب اتباعها وتمثل آلاف الموقعين عليها.

وجاء في العريضة التي حصلت “المجتمع” على نسخة منها، أنه وعلى إثر إعلان الرئيس قيس سعيّد، يوم 25 يوليو 2021، عن جملة من التدابير الاستثنائية باللجوء إلى الفصل (80) من الدستور من بينها إقالة رئيس الحكومة، وتجميد عمل مجلس نواب الشعب واختصاصاته لمدّة 30 يوماً، قابلة للتمديد بأمر رئاسي، في غياب المحكمة الدستورية، ورفع الحصانة البرلمانية عن نواب البرلمان، وتجميع كل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية بين بين يدي الرئيس سعيّد.

فإننا نحن المثقفين والجامعيين والناشطين المدنيين والسياسيين والإعلاميين الممضين (الموقعين) على العريضة، نتوجه إلى الرأي العام الوطني والدولي بهذا البيان.

تحميل المسؤوليات

اعتبرت العريضة أن الأداء الضعيف للسلطات العمومية أثناء الجائحة وقبلها واستفحال الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والصحية تتحمل مسؤوليتَهما جميعُ الأطراف حكومةً ورئاسةً ومجلسًا نيابيًّا، بأغلبيته ومعارضته، ومجتمعًا مدنيًّا.

وأكدت أن الفصل (80) من الدستور لا يخوّل للرئيس اتخاذ الإجراءات المذكورة، مثلما بيّن ذلك العديد من أساتذة القانون الدستوري وخبرائه المشهود لهم بالكفاءة.

ونبهت العريضة إلى أن تلك الإجراءات تُعدُّ خرقاً جسيماً للدستور وانقلاباً عليه وعلى مقتضياته.

ولاحظت أنّ تجميع رئيس الجمهورية السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية بين يديه يُعدُّ مخالفة صريحة لمبدأ الفصل بين السلط الذي أقرّه الدستور التونسي وكل الدساتير الديمقراطية.

وحذرت من أن يؤدي هذا الاستحواذ على كل سلطات الدولة إلى إقامة نظام استبدادي والقضاء على مكسبين مهمين من مكاسب الثورة في عام 2011 وهما الحرية والديمقراطية، وننبّه إلى أن المؤشرات الأولى على هذا الانحراف بالسلطة نحو الاستبداد بدأت تظهر بشكل واضح.

الاعتداء على حقوق الإنسان

وأعلنت العريضة الشعبية عن تخوف الموقعين عليها الشديد (لا تزال مفتوحة للتوقيع) من التعديات المتتالية على الحريات الفردية وحقوق الإنسان وعلى حرية الإعلام إثر التجاوزات الخطيرة في حق قنوات إعلامية ومراسلين أجانب ومدونين وسياسيين (تم إطلاق سراح 4 من نواب ائتلاف الكرامة).

وشدّدت على أن غياب حكومة قادرة على إعداد مشروع قانون ميزانية الدولة لسنة 2022 في هذا الظرف الدقيق دون إيجاد حل عاجل لأزمة المالية العمومية سيؤدي حتماً إلى مزيد تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

رفض الانقلاب

وعبّر الموقعون على العريضة عن قلقهم الشديد من المصير المجهول الذي ينتظر البلاد في غياب حكومة ومؤشرات واضحة على الاستعداد لاسترجاع سريع للسير العادي لدواليب الدولة.

كما أعلنوا رفضهم القطعي لهذا الانقلاب على الدستور، ودعوا إلى إنهاء التدابير الاستثنائية المتعسفة التي أعلن عنها الرئيس والعودة إلى الشرعية الدستورية واستئناف مجلس النواب لعمله.

كما دعت جميع الأطراف دون استثناء من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني ونخب إلى حوار بناء من أجل معالجة الأزمة المركبة التي تعيشها تونس، والاتفاق على خطة عمل تمكن البلاد من استئناف تجربتها الديمقراطية على أسس راسخة وتمكنها من إنجاز الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي تضمن لها الخروج من الأزمة الراهنة.

غياب المحكمة الدستورية

وقد تزامن صدور العريضة مع تحذيرات وكالة التصنيف الائتماني “موديز” من أن غياب محكمة دستورية سيساهم في تمديد الأزمة التي تمر بها تونس حالياً، مما قد يؤدي إلى تباطؤ نسق تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وبالتالي المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

وشددت وكالة “موديز”، في تقرير نشرته، أمس الإثنين، رداً على تجميد الرئيس التونسي قيس سعيد لأعمال مجلس نواب الشعب ورفع الحصانة عن النواب وإعفاء رئيس الحكومة من مهامه عملاً بالفصل (80) من الدستور، على أن امتداد الأزمة السياسية من شأنه أن يزيد في إرباك المفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول برنامج التمويل الجديد متعدد السنوات، التي توقفت بالفعل، بسبب الخلافات القائمة مع الحكومة.

وأوضحت أن الخلافات مع تونس تتعلق أساساً بتقليص كتلة أجور الوظيفة العمومية وإعادة هيكلة منظومة الدعم، إضافة إلى دور المؤسسات في الاقتصاد.

واعتبرت “موديز” أنه من غير المرجح أن يوافق صندوق النقد الدولي على عقد برنامج جديد دون الموافقة على إرساء حزمة من الإصلاحات الشاملة، في إطار ميثاق اجتماعي يجمع كل الأطراف الوطنية (نقابات وأصحاب المؤسسات ومجتمع مدني)، وبالتالي يمكن أن يزيد ذلك من مخاطر السيولة المحلية وتهديد استدامة الدين الخارجي.

Exit mobile version