الجفاف وسوء إدارة المياه يشعلان الشارع الإيراني

 

بقلم- جو لو:

 

أدت نوبة الجفاف الأكثر حدةً منذ 53 عامًا إلى وصول سوء إدارة الموارد المائية المزمن إلى نقطة الأزمة، حيث قُتل، حتى الآن 8 أشخاص على الأقل في احتجاجات ضد النظام الحاكم في طهران.

يذكر أن موارد إيران المائية تستنزف بشدة بسبب قلة الأمطار، وبناء السدود الكهرومائية، وزراعة المنتجات كثيفة الاستهلاك للمياه مثل الأرز والقمح وقصب السكر، ويفر المزارعون الذين يعانون من نقص المياه من قراهم للعيش في مستوطنات غير مستقرة في ضواحي المدن.

وهذا هو السبب في اشتعال الاحتجاجات الشعبية الحاشدة بسبب نقص المياه منذ أكثر من أسبوعين في مقاطعة خوزستان الجنوبية الغربية (عربستان)، مع اشتعال موجة حر شديدة وصلت فيها درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية، وامتدت الاضطرابات إلى مدن أخرى تضمنت العاصمة طهران.

وقد زادت حدة الأزمة لدرجة أن بعض القرويين ليس لديهم ماءً للشرب، وعليهم أن يحصلوا على الماء من برك الصغيرة على الأرض، وقد صرح علي نظامي، عالم الهيدرولوجيا الإيراني، لموقع “Climate Home News”، أنه “ليس من المناسب حتى للحيوانات أن تشرب مثل هذا الماء”، “وفي المدن الكبرى، يستهلكون المياه المعبأة منذ سنوات لأن المياه التي تأتي من الأنابيب ملوّنة ورائحتها كريهة”.

ويقول الخبراء: إن الافتقار إلى القدرات والتنسيق بين الوكالات الحكومية هو الذي سبب تفاقم المشكلة، وأن هناك حاجة إلى إصلاح شامل لتلك الأنظمة في قطاعات متعددة.

ويضيف علي نظامي، الذي يبحث في جامعة كونكورديا في مونتريال، كندا، أن “تغير المناخ عامل فاعل هنا، لكن المشكلات البيئية بشكل عام ومشكلات المياه في إيران، على وجه الخصوص، هي قضايا متعددة الأوجه”.

ووفقًا لوكالة الأرصاد الجوية الإيرانية، ارتفع متوسط ​​درجة الحرارة في البلاد بمقدار درجتين مئويتين منذ الستينيات، وانخفض هطول الأمطار بنسبة 20% في العشرين عامًا الماضية، وكانت الفترة من أكتوبر 2020 إلى يونيو 2021 هي الفترة الأكثر جفافًا خلال الـ53 عامًا الماضية.

ووجدت دراسة حديثة أجرتها مجلة “Nature” أن هذا الاتجاه مهيأ للاستمرار، بالمقارنة مع الفترة 1980-2004، وستشهد الفترة 2025-2049 موجات حر وجفاف وفيضانات أكثر تواترًا وشدة.

ويتم استخدام أكثر من 90% من مياه إيران للزراعة، ولأن الدولة الإيرانية، بسبب العقوبات الدولية، تريد أن تتمتع بالاكتفاء الذاتي، فقد شجعت المزارعين على زراعة المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه مثل القمح والأرز وقصب السكر.

يقول بانافشة كينوش، الخبير في الجغرافيا السياسية في المنطقة، لموقع “Climate Home News”: “أقر المسؤولون الإيرانيون بأن أنظمة الزراعة والري القديمة، فضلاً عن سياسات إدارة المياه السيئة في العقود الثلاثة الماضية، قد ساهمت في نقص المياه على مستوى البلاد”.

وقد أدى بناء السدود الكهرومائية مثل تلك الموجودة على نهر كارون في خوزستان، وهو الأكبر في إيران إلى تفاقم نقص المياه، حيث يتجمع الماء في الخزانات ويتبخر بسبب الحرارة الشديدة.

وقال كنوش: إن السلطات أطلقت المياه من هذه السدود لتخفيف الندرة استجابة للاحتجاجات، وهناك 33 مشروعًا جديدًا للمياه والصرف الصحي قيد الإنشاء في المحافظة، لكن بعض الموارد المائية تُترك دون استغلال أو تُرسل إلى أجزاء أخرى من إيران.

وأضافت: “لا توجد خطة شاملة لإدارة المياه على مستوى إيران، أو تنسيق مشترك بين الوكالات، على الرغم من وجود الكثير من الحديث عن الحاجة لهذا التنسيق”.

أحد النظم البيئية التي تتعرض لضغوط معينة هو منطقة “هور العظم” الرطبة على الحدود بين إيران والعراق، فمنذ ثمانينيات القرن الماضي جفت الأهوار بفعل تأثيرات سدود المنبع وفتحت للتنقيب عن النفط، وبينما وجد الباحثون الذين يدرسون صور الأقمار الصناعية بعض الانتعاش منذ عام 2000، فقد تقلصت الأراضي الرطبة إلى ما يزيد قليلاً على نصف مساحتها السابقة.

وقال نيكاهانج كوثر، عالم جيولوجي إيراني عمل في خوزستان، لموقع “Climate Home News”: إن الرعاة، ومعظمهم من العرقية العربية الإيرانية، يكافحون من أجل إبقاء جاموسهم على قيد الحياة.

وفي مناطق أخرى من إيران، يقول نيكاهانج كوثر: إن المزارعين ليس لديهم ما يكفي من المياه لزراعة محاصيلهم، وأن الإفراط في استخدام طبقات المياه الجوفية أدى إلى هبوط منسوب المياه.

ويضيف: إذا لم يكن لديك ماء، فعليك المغادرة وفي العقود القليلة الماضية، ترك ملايين القرويين منازلهم وهاجروا إلى الأحياء الفقيرة ومدن الصفيح.

وقد أدت عملية مماثلة في شمال سورية إلى انتقال العديد من المزارعين إلى المدن في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وقال لوكاس روتينجر، كبير المستشارين في أدلفي، لموقع “Climate Home News”: إن هذا أدى دورًا في الاحتجاجات التي أدت إلى الحرب الأهلية المستمرة في سورية.

ويضيف روتينجر أن الاحتجاجات الإيرانية تعتبر “مثالاً واحدًا على كيف أن تغير المناخ والظروف الجوية المتطرفة يمكن أن تزيد الضغط على حكومة اختلت وظيفتها ولا تستطيع إدارة الضغط بشكل سلمي”.

و”إن الخلاف حول كيفية استخدام المياه النادرة بشكل متزايد يمكن إدارته بشكل سلمي، فعلى الرغم من أن إمدادات المياه في كاليفورنيا آخذة في الجفاف، وهناك استياء من الزراعات الكبيرة، فإن هذا التوتر لم يتحول إلى أعمال عنف”.

 

 

 

 

 

___________________________

المصدر: “Climate Chang News”.

Exit mobile version