تونس.. أحزاب وشخصيات اعتبارية ترفض الانقلاب وتدعو للعودة للمسار الديمقراطي

 

نددت العديد من الأحزاب السياسية والشخصيات الاعتبارية بالانقلاب الذي ينفذه الرئيس قيس سعيّد على السلطات البرلمانية والتنفيذية والقضائية، في مقدمتها حزب حركة النهضة، وحزب قلب تونس، وائتلاف الكرامة، ودعت سعيّد للتراجع عن قراراته فيما دعا حزب نداء لعقد جلسة للبرلمان في مكان آخر غير مقره الرسمي بعد اغلاقه من قبل قوات الجيش تنفيذا لأوامر قيس سعيّد و عزل الرئيس، كما ندّد المكتب السياسي للتيار الديمقراطي ( محسوب على الرئيس ويتنازعه شقان أحدهما مع الانقلاب والآخر ضده بما في ذلك المكتب السياسي ) بالانقلاب وأعلن  رفضه قرارات الانقلاب واعتبرها منافية للدستور ودعا إلى احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وكانت حركة النهضة قد أدانت بدورها الانقلاب، واعتبره رئيسها راشد الغنوشي، ” انقلاباً على الدستور وعلى الثورة “.

ونفى القيادي البارز في حركة النهضة ووزير الداخلية الأسبق علي العريض ما ردده سعيّد من أنه تشاور مع رئيس البرلمان و رئيس الحكومة، وأكد على أن قرارات سعيّد منافية للدستور، ولا يمكن تبريرها بما حصل في البرلمان من مشاجرات، أو بالأوضاع الاجتماعية السائدة في البلاد، لأن ما تم ليس حلاً لذلك، بل تدمير لمكتسبات الحرية التي عرفتها البلاد.. فيما قال القيادي بحركة النهضة عبد اللطيف المكي، أن منع البرلمان من الانعقاد لم يرد في أي فصل من الدستور بل بالعكس ينص الدستور على بقائه في حالة انعقاد دائم.

وأفاد المكي في تدوين على صفحته الرسمية على فيسبوك اليوم الاثنين، أن وحدات من الجيش الوطني منعت رئيس البرلمان والنواب من الدخول إلى مقر المجلس للقيام بواجبهم، داعيا وزير الدفاع الوطني وقائد جيش البر إلى تدارك ذلك “لكيلا تتعلق مخالفة دستورية كبرى بالجيش الوطني”.

 الجمهوري يرفض قرارات سعيّد

وعلى إثر إعلان الرئيس قيس سعيد اتخاذه لجملة من القرارات منها تجميد نشاط مجلس نواب الشعب ورفع الحصانة عن النواب وإقالة حكومة هشام المشيشي وتوليه رئاسة السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة يتولى تسميته بنفسه وتنصيب نفسه رئيساً للنيابة العمومية أعلن الحزب الجمهوري عن رفضه لهذه القرارات “التي تعد خروجاً عن نص الدستور وانقلاباً صريحاً عليه وإعلاناً عن العودة إلى الحكم الفردي المطلق وحنثا باليمين التي أداها رئيس الجمهورية بالسهر على احترام الدستور”.

ودعا بيان الحزب الجمهوري الذي وقعه أمينه العام عصام الشابي ” إلى التراجع الفوري عن تلك القرارات والعودة إلى الشرعية والبحث عن حلول للأزمة الخانقة التي تمر بها البلاد في أطار احترام الآليات الديمقراطية ومقتضيات الدستور”.

وأكد أن “الاحتجاجات الشعبية والرفض المتنامي لسياسات حكومة المشيشي وحزامها السياسي وللأداء الكارثي تمثل عناصر ضغط ايجابي للدفع نحو حلول تستجيب لتطلعات التونسيين بتركيز حكومة انقاذ وطني تنكب عاجلاً على وضع خيارات تقطع مع الفساد وتتبنى خيارات اقتصادية واجتماعية من شأنها إعادة الثقة والأمل للتونسيين في مستقبل أفضل”.

وناشد الحزب الجمهوري في بيانه ” القوى الديمقراطية والوطنية إلى تنسيق جهودها للبحث سريعاً عن حلول لهذه الأزمة قبل استفحالها حفاظاً على وحدة الدولة وصيانة الديمقراطية والسلم الأهلي”.

حزب العمال: لا للحكم الفردي

بدوره ندّد حزب العمال بالانقلاب وجاء في بيان له بهذا الخصوص “تصحيح مسار الثّورة لا يكون بالانقلابات وبالحكم الفردي المطلق”

وأكد أن ” حزب العمال الذي سبق أن نبّه منذ مدة إلى السيناريوهات الأليمة التي تتهدد البلاد بما في ذلك سيناريو الانقلابات ومنزلقات العنف “.

وشدّد حزب العمال على أنّ “ما أقدم عليه الرئيس قيس سعيّد، كان متوقعاً انطلاقاً من عدة مؤشرات لعل أبرزها إقحام المؤسسة العسكرية في صراع أجنحة المنظومة، هو من الناحية القانونية خرق واضح للدستور ولأحكام الفصل 80 الذي اعتمده ومن الناحية السياسية إجراءات استثنائية معادية للديمقراطية تجسّم مسعى قيس سعيد منذ مدة إلى احتكار كل السلطات، التنفيذية والتشريعية والقضائية، بين يديه وتدشن مسار انقلاب باتجاه إعادة إرساء نظام الحكم الفردي المطلق من جديد”.

وأكد حزب العمال في بيانه أن” هذا المنعرج سيفتح على مرحلة جديدة ستزيد من خطورة الأوضاع المتأزمة التي تعاني منها البلاد على جميع الأصعدة بل قد تؤدي إلى سقوطها في دوامة العنف والاقتتال والإرهاب.”

كما أكد أنّ” الشعب التونسي في حاجة ماسة وملحة إلى تغيير عميق ينتشل البلاد من الأزمة الخانقة والشاملة التي تردت فيها جرّاء الخيارات الرجعية المتّبعة طوال العشرية المنقضية ويجدد الدعوة إلى إسقاط منظومة الحكم برمتها، رئاسة وبرلماناً وحكومة، وهو ما يستوجب محاسبتهم وفي مقدمتهم حركة النهضة لما تسببت فيه من خراب اقتصادي وإفلاس مالي وتفشي الفساد والإرهاب والاغتيالات السياسية وإغراق البلاد في التبعية والمديونية وتدمير كل أركان حياة التونسيات والتونسيين.”

وجّدد حزب العمال” قناعته بأنّ التغيير المنشود لا يمكن أن يكون بمساندة انقلاب قيس سعيد وإنّما يكون من صنع الشعب التونسي وفي أفق إرساء ديمقراطية شعبية قوامها الدولة المدنية والسلطة بيد الشعب وسيادة البلاد على مقدراتها وخيراتها وعلى قرارها السياسي المستقل والعدالة الاجتماعية والمساوة بين المواطنين والمواطنات”.

ودعا البيان الشعب التونسي إلى “مواصلة التعبير عن مواقفه بالأساليب السلمية ويدعوه إلى اليقظة تجاه نوايا المتربصين بالدولة من أنصار النظام القديم والدولة العميقة ومافيات المال والتهريب”.

ودعا” كلّ القوى الديمقراطية والتقدمية، أحزاباً ومنظمات وجمعيات وفعاليات وشخصيات إلى التعجيل بالالتقاء حول آلية للتشاور من أجل صياغة تصور موحد لمواجهة هذه التطورات الخطيرة وتداعياتها التي يمكن أن تزجّ بالبلاد في دوامة العنف والاقتتال الأهلي أو تؤدي بها إلى السقوط مجددا تحت استبداد الحكم الفردي المطلق الذي قدّم الشعب التونسي تضحيات جسيمة للخلاص منه.”

انقلاب ولا شيء آخر

ووصف الإعلامي زياد الهاني قرارات سعيّد بالانقلاب قائلاً: في تدوين له على صفحته على فيس بوك “

عندما تقوم بتجميد برلمان أكد الفصل 80 من الدستور بقاءه في حالة انعقاد دائم، وتغلق بالجيش أبوابه، فهذا اسمه انقلاب، ولا يحتمل أية تسمية أخرى”..

وتابع ” وعندما تقوم بإقالة حكومة وعزل رئيسها الذي لا يمكن لغير البرلمان سحب الثقة منه، فهذا اسمه انقلاب، ولا يحتمل أية تسمية أخرى..”

وواصل ” وعندما تتخذ قرارات استثنائية انفرادية خلافاً لما أوجبه عليك الدستور من استشارة رئيسي البرلمان والحكومة، فهذا اسمه انقلاب ولا يحتمل أية تسمية أخرى”..

وقال “الأنظمة السياسية في العالم صنفان: ديمقراطي يقوم على أساس التداول السلمي على الحكم، ودكتاتوري يقوم على اغتصاب الحكم بالقوة”.

ماذا بعد؟

وكتب الاعلامي بوبكر بن عكاشة “إذا كانت القرارات محاولة لإصلاح الأمور وتصويبها أو هكذا يقول قيس سعيد.. سيدي الرئيس هل فكرت في اليوم الموالي”؟

وأردف ” لنتفق أنه انقلاب، رغم سعادة بعض التونسيين وزغاريدهم لإعلان الرئيس تجميد البرلمان ورفع الحصانة عن النواب.. سيدي الرئيس هل فكرت في الخطوة التالية”؟

وطرح سؤالاً آخر ” هل تخيلت مثلاً أن البرلمان قرر سحب الثقة منك، ورئيس الحكومة رفض قبول الإقالة لأنها غير دستورية.. ماذا سيحدث؟ هل توقعت مواقف الدول الصديقة كيف ستكون.. والمؤسسات المقرضة والترقيم السيادي “.

ووصف قرارات سعيّد بأنها” مغامرة.. غير محسوبة العواقب.. ستكون عواقبها وخيمة ومكلفة جداً جداً على الشعب السعيد”.

مواجهة الانقلاب

النائب اليساري والحقوقي المعروف، والمرشح لعضوية المحكمة الدستورية العياشي الهمامي، دعا بدوره “جميع الأطراف السياسية وكل مكونات المجتمع المدني والمناضلات والمناضلين من أجل الديمقراطية إلى تنسيق الجهود والمواقف لمجابهة محاولة الانقلاب”.

ووصف ما يجري بأنه ” مرحلة خطيرة تمر بها تونس لا يعلم إلا الله كيف ستنتهي ولكن قوس الديمقراطية والحرية لم يغلق بهذه القرارات”.

اعتداء على الدستور

ووصف أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك قرارات قيس سعيد بأنها” اعتداء على الدستور من أوجه عديدة ومحاولة للاستحواذ على السلطة وتجميعها في يد شخص واحد ومحاولة انقلاب على الديمقراطية”.

وتابع في تدوين على صفحته الرسمية على فيسبوك، أنه” بالنسبة للشعب السعيد الليلة سيرى غداً أن هناك شعباً آخر غاضب، أتمنى لشعبي ولبلدي ألا يتناحر تونسي مع تونسي من أجل السياسة وأن يبقى شعبها موحّداً محافظاً على السلم الأهلي”.

Exit mobile version