السودان يستعد لفيضانات محتملة.. والاتحاد الأوروبي: الملء الثاني لسد النهضة لا يساعد على حل تفاوضي للأزمة

أعرب الاتحاد الأوروبي عن أسفه لإعلان إثيوبيا اكتمال الملء الثاني لسد النهضة دون اتفاق مسبق مع دولتي المصب مصر والسودان، فيما أطلقت إثيوبيا منصة جديدة لحث مواطنيها بالخارج على التبرع لاستكمال بناء السد، في حين بدأ السودان يستعد لاحتمال حدوث فيضانات جراء ارتفاع منسوب مياه النيل.

ووصف الاتحاد الأوروبي عملية الملء الثاني لسد النهضة -التي رفضتها مصر والسودان- بالخطوة الأحادية التي لا تساعد في إيجاد حل تفاوضي للأزمة، ودعا المتحدث باسم الاتحاد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لويس ميغيل بوينو إلى استئناف المفاوضات بشأن سد النهضة بأسرع وقت، وفق إطار زمني متفق عليه، ووجود خريطة طريق متفق عليها.

وأضاف بوينو أن الاتحاد الأوروبي يواصل دعوة الأطراف لاستئناف المفاوضات، مؤكدا دعمه باعتباره مراقبا لهذه المفاوضات.

وكانت إثيوبيا كشفت في 20 يوليو/تموز الجاري عن استكمال التعبئة الثانية لسد النهضة المثير للجدل دون إبرام اتفاق مع دولتي المصب بشأن ملء وتشغيل السد، وقد استنكر السودان الخطوة؛ حيث عدها إصرارا من إثيوبيا على مواصلة فرض سياسة الأمر الواقع فيما يتعلق بملف السد، ودعت كل من الخرطوم والقاهرة أديس أبابا إلى العودة للتفاوض لإتمام اتفاق ملزم حول السد.

وفي سياق متصل، أعلنت إثيوبيا -أمس السبت- عن إطلاق منصة جديدة تحت مسمى “سدي” لحث المواطنين في المهجر على التبرع والمساهمة في تمويل ودعم استكمال بناء سد النهضة، وهو الأكبر في أفريقيا، وقال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إن هدف المنصة تمكين الإثيوبيين في جميع أنحاء العالم من تقديم مساهماتهم لسد النهضة.

مياه أكثر

وفي السودان، أفاد مراسل الجزيرة بزيادة معدل التفريغ التدريجي لبحيرة سد الروصيرص (جنوب شرقي البلاد) بعد ارتفاع كمية المياه الواردة من الهضبة الإثيوبية، ونقل عن إدارة السد قولها إن مستوى وارد المياه من إثيوبيا أصبح في المعدل الطبيعي خلال موسم الأمطار والفيضان.

وذكرت الإدارة أن السد يعمل وفقا للطريقة الهندسية الاعتيادية بما فيها إجراءات فتح وإغلاق بواباته أثناء هذا التوقيت من كل عام.

وقد بلغت كمية المياه الواردة من إثيوبيا اليوم السبت أكثر من 270 مليون متر مكعب، بينما سجلت أمس الجمعة 209 ملايين متر مكعب بحسب قراءات محطة الديم عند الحدود السودانية الإثيوبية.

كما أعلنت غرفة طوارئ الخريف والفيضانات في محافظة مروي (شمالي السودان) أن إدارة سد مروي -الذي يبعد نحو 400 كيلومتر شمال الخرطوم- أفادت بوصول كميات غير متوقعة من مياه النيل الأزرق، الأمر الذي دفع إلى فتح بوابتين في السد لتصريف المياه.

تحسب للفيضانات

وأعلنت السلطات السودانية أمس حالة الطوارئ في منطقة السد تحسبا لحدوث فيضان، عقب وصول كميات كبيرة فوق المتوقعة من المياه لبحيرة السد، وذلك بعد أيام من إعلان إثيوبيا إتمام التعبئة الثانية لسد النهضة.

وقال إبراهيم محمد صالح -مساعد مدير سد “مروي”- إن إدارة السد أرسلت نشرة تحذيرية للمواطنين على ضفاف نهر النيل تحسبا لفيضان هذا العام. وفي تصريحات للجزيرة، أضاف صالح أنهم قاموا بفتح اثنتين من بوابات السد لتصريف المياه المتدفقة من أعالي نهر عطبرة، وأنهم سيقومون بفتح مزيد من الأبواب وفق الحاجة.

والأحد الماضي، أعلنت وزارة الري والموارد المائية في السودان زيادة متوقعة في وارد مياه النيل الأزرق نتيجة الأمطار الغزيرة في الهضبة الإثيوبية، ودعت مواطنيها القاطنين على جانبي النيل الأزرق إلى اتخاذ الحيطة والحذر حفاظا على الأرواح والممتلكات.

وسد مروي هو سد كهرومائي سوداني يقع على مجرى نهر النيل قرب مدينة مروي في الولاية الشمالية على بعد 350 كيلومترا من الخرطوم.

واكتمل بناء السد في الثالث من مارس/آذار 2009، ويصل ارتفاعه إلى 67 مترا، وتبلغ السعة التخزينية لبحيرته أكثر من 12 مليار متر مكعب، بطول يصل إلى 176 كيلومترا، وتعد أكبر مسطح مائي في السودان، ويخزن مياها تكفي لتوليد الكهرباء باستقرار طيلة العام.

عدم التسييس

من جانب آخر، دعت وزارة الخارجية الروسية إلى عدم تسييس ملف سد النهضة، لتفادي أي تصعيد محتمل للتوتر القائم بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، رافضة محاولات ربط التعاون العسكري والتقني بين موسكو وأديس أبابا بملف سد النهضة.

وقالت الخارجية الروسية إن تسوية الخلافات بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن السد يجب أن تتم وفق اتفاق إعلان المبادئ الموقع بينها عام 2015.

وأعلنت الوزارة أن اتفاق التعاون العسكري الفني مع إثيوبيا لا يحمل أي طابع مزعزع للاستقرار، حسب وصفها.

يذكر أن روسيا وإثيوبيا وقعتا -في أوائل يوليو/تموز الجاري- على اتفاق للتعاون العسكري، وذلك في ختام الاجتماع الدوري المشترك الـ11 للتعاون بين البلدين.

وترى مصر أن السد الإثيوبي يمثل خطرا جسيما على إمداداتها من مياه نهر النيل التي تعتمد عليها بالكامل تقريبا. كما أبدى السودان قلقه من مدى سلامة السد وأثره على السدود ومحطات المياه لديه.

ولم تحقق جهود دبلوماسية مستمرة منذ فترة طويلة نجاحا في تسوية النزاع بين أديس أبابا وكل من القاهرة والخرطوم.

ويشار إلى أنه في الثامن من الشهر الجاري خلص مجلس الأمن الدولي لضرورة إعادة مفاوضات سد النهضة إلى رعاية الاتحاد الأفريقي بشكل مكثف، لتوقيع اتفاق قانوني ملزم يلبي احتياجات الدول الثلاث.

Exit mobile version