ما مآلات المحادثات بين الحكومة الأفغانية و”طالبان”؟

 

يجتمع ممثلون عن الحكومة الأفغانية و”طالبان” في قطر، اليوم السبت، لإجراء محادثات، بينما تدور معارك طاحنة على الأرض بالتزامن مع انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان بعد وجود دام 20 عاماً.

ويعقد الجانبان محادثات متقطعة منذ أشهر في العاصمة القطرية، لكن مصادر مطلعة أشارت إلى أن المفاوضات تتراجع مع تقدم “طالبان” في ساحة المعركة.

وخاضت القوات الأفغانية، أمس الجمعة، معارك عنيفة لاستعادة موقع سبين بولداك الإستراتيجي (جنوب) الذي يؤدي إلى الحدود الباكستانية وسقط بأيدي المتمردين، الأربعاء الماضي.

وشنت حركة “طالبان” هجوماً شاملاً على القوات الأفغانية، في أوائل مايو، مستغلة بدء انسحاب القوات الأجنبية الذي من المقرر أن يكتمل بحلول نهاية أغسطس، وقد سيطرت الحركة على مناطق ريفية شاسعة، خصوصاً في شمال أفغانستان وغربها، بعيدًا عن معاقلها التقليدية في الجنوب.

ويرى محللون أن الحملة العسكرية التي تشنّها “طالبان” بحجمها وسرعتها إلى جانب انعدام قدرة القوات الحكومية على كبح تقدّم المتمردين، نسفت كل الآمال التي كانت معلّقة على إنتاج محادثات السلام إطاراً لتقاسم السلطة قبل موعد إنجاز الانسحاب العسكري الأمريكي بنهاية أغسطس.

إبقاء الخيار العسكري

لكن المحلل في “مجموعة الأزمات الدولية” إبراهيم باحث، قال لوكالة “فرانس برس”: إنه يعتقد أن “طالبان” لا تزال تفضّل المسار السياسي على الرغم من أنه لا يحقق كل أهدافها، وأضاف: لكن إذا تعذّر ذلك، فهم يريدون إبقاء الخيار العسكري قائماً.

وغادر عدد من كبار المسؤولين، بمن فيهم الرئيس السابق حامد كرزاي، وعبدالله عبدالله، رئيس المجلس الحكومي المشرف على عملية السلام رئيس الحكومة السابق، كابول متوجين إلى الدوحة، بعد ظهر الجمعة.

وقالت ناجية أنواري، المتحدثة باسم الوفد الحكومي المفاوض، لوكالة “فرانس برس”: إن الوفد الرفيع المستوى موجود هنا للتحدث إلى الجانبين وتوجيههما ودعم فريق التفاوض (التابع للحكومة) لتسريع المحادثات وتحقيق تقدم، معبرة عن أملها في أن يتوصل الجانبان إلى اتفاق قريباً.

حكيمي: لا حل إلا عن طريق المفاوضات مع “طالبان”

وكشف أن الوفد الحكومي الأفغاني برئاسة رئيس المجلس الأعلى للسلام عبدالله عبدالله يتوجه إلى قطر لاستكمال المفاوضات مع “طالبان”، لافتاً إلى أن الأنظار متوجهة إلى ما تنتج عنه هذه المحادثات، وقال: إن الجميع يتمنى أن تلتزم “طالبان” بالمفاوضات، وأنه لا حل إلا عن طريق المفاوضات لا عن طريق الحرب.

ورأى حكيمي أن حركة “طالبان”، من وجهة نظره، لم تغيّر كثيراً من تصرفاتها وهذا يؤكده الكثر من المحللين، وتجربتها السياسية تؤكد أنها لم تختلف عما كانت عليه في السابق.

وعن تقدم “طالبان” إلى كابول، أشار إلى أن المفاوضات إذا فشلت فإنه ليس من مصلحة “طالبان” الدخول بالقوة، فـ”طالبان” لن تنجح وحدها في إدارة الحكومة وتحديثها وإعطاء صورة راقية صحيحة عن الحكومة، فمصلحة “طالبان” أن تدخل بالمفاوضات لتشكيل حكومة موحدة ويشترك فيها كل أطياف الشعب حتى تكون وطنية.

توتر مع باكستان

بينما يحتدم القتال بين القوات الحكومية و”طالبان”، تتصاعد أيضاً حرب كلامية بين إسلام آباد وكابول التي تتهم الجيش الباكستاني بتقديم دعم جوي للمتمردين في بعض المناطق، ونفت باكستان ذلك بشدة.

وكانت إسلام آباد قد أعلنت عن عقد مؤتمر لمختلف الجهات المشاركة في الصراع، من أجل مواجهة تصاعد العنف، لكنّ القمة أرجئت بسبب عطلة عيد الأضحى.

وشكلت الحدود الجنوبية لأفغانستان دائما نقطة حساسة في العلاقات مع جارتها.

وظلت مقاطعة بلوشستان الباكستانية تؤوي على مدى عقود قادة “طالبان” الرئيسين، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من المقاتلين الذين يتوجهون إلى أفغانستان بانتظام.

وتنتشر القوات الأجنبية في أفغانستان منذ ما يقرب من 20 عاماً، بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، لكن هذه القوات بدأت الانسحاب في الأشهر الأخيرة.

كسر عمود “طالبان” الفقري

في غضون ذلك، قال ممثل عن “طالبان” لوكالة “نوفوستي” الروسية: إن مقترح الحركة لا يقضي بإعلان وقف شامل لإطلاق النار بل مجرد الحد من الأعمال القتالية.

وتعهد الرئيس الأفغاني أشرف غني، أمس الجمعة، بأن الظروف في البلاد ستتحسن في غضون ثلاثة أشهر، ووعد بـ”كسر عمود طالبان الفقري”، على الرغم من مواصلة الحركة تقدمها على الأرض.

يأتي ذلك وسط تقدم سريع وكبير للحركة على الأرض، حيث استخدم حراس الحدود الباكستانيون، الخميس الماضي، الغاز المسيّل للدموع لتفريق مئات الأشخاص الذين كانوا يحاولون اجتياز معبر حدودي مع أفغانستان سيطرت عليه، منذ الأربعاء، حركة “طالبان” من الجانب الأفغاني، وفق ما أفاد مسؤولون محليون.

لافروف: الجميع يعلم أن المهمة فشلت

واعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الجمعة، أن مهمة الولايات المتحدة في أفغانستان “فشلت”، وقال، في تصريحات نقلتها وكالات أنباء روسية: إنه رغم محاولة الرئيس الأمريكي جو بايدن تصوير الوضع بشكل أكثر إيجابية (…) الجميع يعلم أن المهمة فشلت.

وقبيل هذه التصريحات، قال لافروف: إن التدهور السريع للوضع في أفغانستان يعود إلى الانسحاب السريع للقوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي؛ مما زاد عدم اليقين (…) العسكري والسياسي، محذراً في ظل الظروف الحالية من خطر حقيقي لامتداد عدم الاستقرار إلى الدول المجاورة.

والسؤال الذى يطرح نفسه بقوة في ظل هذا المشهد المعقد والمعارك المحتدمة على الأرض: هل تنجح المحادثات بين الحكومة الأفغانية و”طالبان”؟

Exit mobile version