تحت عنوان “افعلها يا ريّس”، كتب عبدالناصر سلامة، رئيس تحرير “الأهرام” الأسبق، داعياً الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى التنحي وتحمل مسؤولية ضياع النيل.
وقد أثار المقال الذي كتبه عبدالناصر ردود فعل غاضبة بعد هزيمة مصر الدبلوماسية والإعلامية في مجلس الأمن الدولي، وانكشاف الموقف المصري الذي لم يجد من يهتم به أو يؤيده من دول العالم.
واكتظت وسائل التواصل الاجتماعي بتعليقات كثيرة تؤيد الكاتب وتسانده وتبدي خوفاً عليه من انتقام النظام الذي لم يوفر خصماً ولا مسانداً.
كانت هناك أصوات قليلة تابعة للنظام تدعو إلى مظاهرات تفوّض السيسي ليأخذ قراراً بالحرب من أجل تدمير السد، وأخرى أعلنت تأييدها للسيسي، وسخرت من الأكثرية الغاضبة.
قال عبدالناصر سلامة:
لماذا لا تكون لدى الرئيس عبدالفتاح السيسي الشجاعة الأدبية والأخلاقية، ويعلن مسؤوليته المباشرة عن الهزيمة الثقيلة أمام إثيوبيا، وإضاعة حق مصر التاريخي في النيل، عندما منح الشرعية للسد موضوع الأزمة بالتوقيع على اتفاقية عام 2015 المشؤومة، (وكان يدرك عواقب ما يفعل)، ثم عندما منحه الشرعية مرة أخرى باللجوء لمجلس الأمن دون إعداد جيد، وقبل ذلك عندما تغاضى عن بدء البناء، ثم عندما عجز عن اتخاذ قرار عسكري يعيد القيادة الإثيوبية المتآمرة إلى صوابها، وأيضاً عندما فشل في حشد التأييد الدولي لقضية عادلة، على الرغم من إنفاق مليارات الدولارات بشراء السلاح وغير السلاح من الدول المؤثرة.
إن الأمانة والشجاعة تقتضيان خروج الرئيس إلى الشعب بإعلان تنحيه عن السلطة، وتقديم نفسه لمحاكمة عادلة، عن كل ما اقترفته يداه، من تنازل عن جزيرتي البحر الأحمر، وحقلي غاز البحر المتوسط، ومياه النيل، وإهدار ثروات مصر على تسليح لا طائل من ورائه، وتكبيل البلاد بديون باهظة لن تستطيع أبداً سدادها، وإشاعة حالة من الرعب والخوف بين المصريين بتهديدهم بنشر الجيش خلال 6 ساعات، وتقسيم المجتمع طائفياً ووظيفياً وفئوياً بخلق حالة استقطاب غير مسبوقة، وسجن واعتقال عشرات الآلاف بمبرر ودون مبرر، وتحويل سيناء إلى مقبرة لجنودنا وضباطنا نتيجة إدارة بالغة السوء لأزمة ما كان لها أن تكون، ناهيك عن عشرات الاتهامات التي سوف تتكشف في أوانها.
ليتك يا سيادة الرئيس اقتنعت مبكراً بالحقيقة المؤلمة التي كشفت عنها جلسة مجلس الأمن، وهي ألاّ نصير لك في العالم، وما هذه أبداً بمصر على امتداد تاريخها القديم والحديث معاً، والأسباب تعلمها جيداً.
افعلها وتنحّ يا سيادة الرئيس من أجل إنقاذ مصر إذا كنت بالفعل مصرياً، هي الحسنة الوحيدة التي سيذكرها لك العالم وتمحو من ذاكرتهم تهمة الانقلاب التي تؤرقك التي كانت سبباً في معظم التنازلات الخارجية، افعلها حتى يكون لدى القوات المسلحة حرية التصرف قبل فوات الأوان، وسوف تجد هذه القوات دعماً غير مسبوق من كل فئات الشعب إن هي فعلت ما يجب، مع الوضع في الاعتبار ألّا شرعية لأحد لم يدافع عن النيل.
يكفي أن الأمَّة المصرية قد شاهدت، كما شاهد العالم أجمع، أن رئيس مصر كان يمتطي دراجة هوائية للتنزه في مدينة العلمين الجديدة بالتزامن مع جلسة مجلس الأمن التي كانت تناقش قضية مصر الوجودية، في استخفاف بالغ بشعب، كان يتابع الأحداث على الهواء مباشرة عبر شاشات التلفزيون، بمشاعر من الغضب والحزن على ما سيؤول إليه مصير أبنائهم وذرياتهم، من التعامل مع مخلفات الصرف الصحي في الطعام والشراب، وحتى الوضوء.
واختتم الكاتب بقوله:
افعلها وتنحّ فوراً دون إضاعة مزيد من الوقت، وإذا لم يكن من أجل مصر، فمن أجلك أنت، أكرر: من أجلك أنت، ذلك أن عمليات التغييب والخداع لم تصمد أبداً في كل الدكتاتوريات التي مر بها العالم، لا بد لها أن تتآكل شيئاً فشيئاً، حتى وإن دامت طويلاً بكتائب ولجان إلكترونية فاشلة، وهيمنة على إعلام بائس.
وقد أحدث المقال غير المتوقع حالة من الغضب العارم بين رواد التواصل الاجتماعي، واستقطب تعليقات كثير من السياسيين والناشطين وعامة الشعب، وأشاد كثير منهم بشجاعة عبدالناصر سلامة، مع إبداء خوفهم عليه، وانتقد بعضهم ما يطالب به أتباع النظام من تفويض السيسي لمواجهة الأزمة، وتساءلوا: هل أداء الواجب الوطني والقومي يتطلب تفويضاً؟ وهل كان هناك تفويض حين تنازل عن النيل ووقّع الاتفاقية المشؤومة؟ وهل كان هناك تفويض حين تنازل عن الجزيرتين، وحقول النفط شرقي المتوسط؟
وسخر بعض الناشطين من مطالبة المجتمع الدولي بإيجاد حل للأزمة التي تسبب فيها السيسي.
وقد نشر الناشطون فيديوهات قديمة للمشير محمد عبدالحليم أبو غزالة، والشيخ عبدالحميد كشك، والرئيس محمد مرسي وهي تتحدث عن الحفاظ على النيل، والدفاع عنه إلى آخر قطرة من دماء المصريين.
وما زال الجدل صاخباً حتى كتابة التقرير، وترقب ما سوف يحدث للصحفي كاتب المقال!
_______________________
رابط مقال عبدالناصر سلامة: