إعمار غزة يُعيد إلى الواجهة “آلية سيري” الأُممية

 

أعادت آمال الفلسطينيين بإعمار منازلهم التي دمّرها العدوان “الإسرائيلي” الأخير على قطاع غزة، إلى الواجهة، “اتفاقية روبرت سيري” الأممية، التي وضعت آلية ضمن رقابة صارمة لإعمار ما دمّرته الحرب التي شنّتها “إسرائيل” عام 2014.

وشغل سيري منصب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام للشرق الأوسط، في الفترة الممتدة بين عامي 2007 – 2015.

وما زالت عشرات الوحدات والأبراج السكنية التي دُمّرت خلال الحرب “الإسرائيلية” عام 2014 تنتظر دورها في الإعمار حتّى هذا اليوم.

مسؤولون حكوميون في قطاع غزة، وفصائل فلسطينية، انتقدوا هذه الآلية معتبرين أنها تساهم في المماطلة بعملية الإعمار، ومفاقمة الأوضاع الصعبة والمعيشية للسكان.

وبحسب ناجي سرحان، وكيل وزارة الأشغال بغزة، فإن 1700 وحدة سكنية دمّرت بشكل كامل، خلال الحروب السابقة على غزة (باستثناء العدوان الأخير)، تنتظر دورها في الإعمار.

وقال: 60 ألف وحدة سكنية دمّرت بشكل جزئي خلال الحروب السابقة، لم يتم إصلاحها حتّى الآن.

ويرفض الفلسطينيون العودة إلى آلية الإعمار هذه، وذلك لشروطها الصارمة التي قالوا: إنها “تُعرقل” عملية البناء.

حرب عام 2014

في الثامن من يوليو الجاري، مرت الذكرى السنوية السابعة، للحرب التي شنّتها “إسرائيل” على قطاع غزة عام 2014، واستمرت لمدة 51 يوماً (انتهت في 26 أغسطس 2014).

بدأت الحرب فجر الثامن من يوليو، بقصف “إسرائيلي” لمنزل المواطن محمد العبادلة في مدينة خانيونس جنوبي القطاع.

وبحسب مراقبين، فإن أحداثاً جرت في الضفة الغربية، إضافة إلى تشديد الحصار على غزة، مهّدا لاندلاع الحرب؛ منها خطف وحرق مستوطنين “إسرائيليين”، للطفل محمد أبو خضير، من مدينة القدس، في 2 يوليو من ذات العام.

كما أدى حادث اختطاف 3 مستوطنين يهود في الضفة على يد مسلحين فلسطينيين، إلى تزايد التوتر بشكل كبير، حيث اتهمت “إسرائيل” “حماس” بالمسؤولية عن الحادث، وهو ما نفته الحركة.

وبحسب وزارة الصحة، فإن الحرب أسفرت عن مقتل 2322 فلسطينيًا، بينهم 578 طفلاً، و489 سيدة (20- 40 عاماً)، فضلاً عن إصابة نحو 11 ألف فلسطيني من بينهم نحو 3303 أصيبوا بإعاقات دائمة، بحسب وزارة الصحة.

كما تسببت الحرب بهدم 12 ألف وحدة سكنية بشكل كلّي، و160 ألف وحدة بشكل جزئي، وفق وزارة الأشغال ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

آلية سيري

بعد نحو شهر من انتهاء حرب عام 2014، تحديداً في سبتمبر من ذات العام، توصلت الأمم المتحدة إلى اتفاق ثلاثي مع “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية أُطلق عليه اختصاراً اسم “GRM”، يضمن بدء عملية الإعمار وتحقيق 4 متطلبات، هي:

الأول: تمكين الحكومة الفلسطينية من قيادة جهود إعادة الإعمار.

الثاني: تمكين القطاع الخاص للمشاركة في عملية الإعمار.

الثالث: طمأنة المانحين أن عملية الإعمار سيتم تنفيذها دون تأجيل.

الرابع: معالجة المخاوف الأمنية “الإسرائيلية” المتعلقة باستخدام مواد البناء وغيرها من المواد “ذات الاستخدام المزدوج (يمكن استخدامها لأغراض مدنية وعسكرية)”.

وأوكلت الاتفاقية للحكومة الفلسطينية المساهمة في إصلاح المنازل المتضررة، وذلك بعد إجراء تقييم لهذه الأضرار، وتحديد حاجة كل منها لمواد البناء.

ونصت الاتفاقية على أن أصحاب المنازل المتضررة سيحصلون على مواد البناء ذات الاستخدام المزدوج، من بائعين معتمدين من الحكومة بغزة.

وقالت: إن عملية الإعمار ستخضع لفحص مفاجئ من مهندسين متعاقدين مع الأمم المتحدة.

إدخال مواد البناء

لاقت عملية إدخال مواد البناء لإعمار غزة، إبان حرب عام 2014، مماطلة “إسرائيلية”؛ إذ دخلت أولى الشحنات المحمّلة بهذه المواد في 14 أكتوبر من ذات العام، عبر معبر كرم أبو سالم (تجاري)، الذي تسيطر عليه “إسرائيل”.

وقال الجيش، في بيان له آنذاك: إن إدخال تلك المواد جاء ضمن “عملية تجريبية، وفقاً للآلية الدولية للإشراف والمراقبة المتفق عليها، التي تتم إدارتها وتنسيقها من قبل ممثلي الأمم المتحدة وبمساعدة السلطة”.

وخلال السنوات الماضية، فرضت “إسرائيل” شروطاً على إدخال مواد البناء إلى قطاع غزة، بينما منعت دخولها لفترات طويلة جداً امتدت في بعض الأوقات لأكثر من عام، لدواع تقول: إنها أمنية.

وفي نوفمبر 2015، أعلنت “أونروا” أنها تمكّنت من إعادة إعمار منزل واحد فقط، من المنازل المدمّرة خلال حرب عام 2014.

وقال مسؤولون أمميون آنذاك: إن هذا التأخر بسبب وضع “إسرائيل” العراقيل أمام تدفق مواد البناء، بينما اتهم مسؤولون فلسطينيون آلية سيري بإعطاء الضوء الأخضر لـ”إسرائيل” لوضع تلك العراقيل.

رفض فلسطيني

لاقت الآلية الأممية لإعادة إعمار غزة عام 2014 انتقاداً فلسطينياً واسعاً من فصائل ومراكز حقوقية ومنظمات مجتمع مدني، وقطاع خاص.

اليوم، وبعد بدء المباحثات لإعادة إعمار ما دمّرته “إسرائيل” خلال عدوانها الأخير على قطاع غزة الذي استمر11 يوماً، ترفض الفصائل الفلسطينية ووزارة الأشغال بغزة (تديرها “حماس”) العودة لهذه الآلية، رفضاً كلياً.

وكان سرحان، وكيل وزارة الأشغال بغزة، قد قال لـ”الأناضول” في حوار سابق: إن “إسرائيل” تعمّدت خلال السنوات السابقة تأخير عملية إعادة إعمار غزة، من خلال آلية سيري.

وتابع أن “هذه الاتفاقية باتت خلف ظهورنا”.

وأوضح أنهم اتفقوا مع مسؤولين مصريين لاستيراد مواد البناء من الجانب المصري مباشرة بدلاً عن الجانب “الإسرائيلي”.

واستكمل قائلاً: 65 – 70% من الإعمار هي مواد بناء، الأولى أن يستفيد المصريون من الأموال بدلاً من الاحتلال الذي دمّر بيوتنا.

تدخل “إسرائيلي”

ورغم توافق حركة “حماس” مع مصر حول ملف إعادة إعمار غزة، فإن “إسرائيل” تعاود التدخل في هذا الملف وتفرض شروطها، التي ترفضها “حماس”.

واشترطت “إسرائيل” مؤخراً، بحسب قناة “كان” العبرية الرسمية، إعادة أربعة “إسرائيليين” محتجزين في قطاع غزة؛ قبل انطلاق أي عملية لإعادة إعمار القطاع.

لكن حركة “حماس” ترفض الربط بين عملية الإعمار وتبادل الأسرى، مؤكدة على انفصال الملفين عن بعضهما البعض.

وكان القيادي في الحركة، موسى أبو مرزوق، قد قال في تغريدة نشرها على “تويتر”، في يونيو الماضي: “من غير المقبول أن يتم ربط ملف إعادة إعمار غزة بملف جنوده المفقودين”.

Exit mobile version