لوفيغارو: التطعيم الإجباري.. لماذا تخيف هذه العبارة زعماء الدول؟

قالت صحيفة لوفيغارو (Le Figaro) الفرنسية إن زعماء الدول من الصين وروسيا وصولا إلى فرنسا والولايات المتحدة وغيرها باتوا يتفادون ما أمكن تحمل مسؤولية استخدام عبارة “التطعيم الإجباري” حتى لو تطلب الأمر الاستعانة بأساليب وطرق ملتوية أخرى لإخفاء ما بات في الواقع أمرا ضروريا لاحتواء جائحة كورونا.

وذكرت الصحيفة -في تقرير لإليزابيث بيرسون- أن التطعيم الإجباري وإن لم تفرضه أي دولة حتى الآن على كامل مواطنيها إلا أنه يشق بهدوء طريقه قدما، حيث فرض في أماكن على مقدمي الرعاية الصحية أو على فئة مهنية محددة، وفي أماكن أخرى على سكان مناطق دون غيرها.

وعلى الرغم من ذلك -تضيف الصحيفة- فإن استخدام الكلمة يظل من المحرمات بالنسبة لزعماء الدول، حيث لم يجرؤ حتى اللحظة أي منهم مثل إيمانويل ماكرون وجو بايدن ولا فلاديمير بوتين أو شي جين بينغ على أن يأخذ بزمام المبادرة كما لو كانت المسألة مسألة انتظار لمعرفة من الذي سيخطو الخطوة الأولى ويقرر أولا.

تحمل المسؤولية

ويرى ماثيو سلاما المستشار والمحلل السياسي الفرنسي أن “الأمر فعلا أضحى من المحظورات على الصعيد العالمي، وهذا أمر واضح، ففي جميع البلدان تقريبا تواجه السلطات ضعفا في الإقبال على اللقاحات بغض النظر عن مصدرها، لذلك يظل القادة حذرين ولا يستعجلون أبدا، فلا تدري فربما تحدث مشكلة، القضية تتعلق بالحد ما أمكن من حجم المسؤولية”.

ويضيف سلاما “ولا ننسى أيضا أن إجبار الناس على أخذ التطعيمات سيعد بشكل من الأشكال بالنسبة للساسة والقادة إقرارا بالفشل، وذلك سيعني أنك فشلت في إقناع شعبك وكسب ثقته”.

على صعيد آخر، ترى لوفيغارو أنه في الوقت الذي تثير فيه نسخة فيروس كورونا المتحورة من صنف “دلتا” مخاوف من حدوث موجة رابعة أو حتى خامسة في العديد من البلدان لا تخفي السلطات قلقها من ذلك، وتسعى جاهدة لإدارة تحد صعب يتمثل في محاولة إقناع المتشككين أو الرافضين لأخذ اللقاحات مع تجنب الحديث صراحة عن “الإكراه” على أخذها في الوقت ذاته.

وقد أكد الرئيس الفرنسي هذا الأمر صراحة خلال كلمة متلفزة له في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي حين قال “أريد أن أكون واضحا: لن أجعل التطعيم إلزاميا، لا أؤمن بمسألة التطعيم الإجباري”.

وكرر نفس الأمر لاحقا، حيث قال “لا نعرف كل شيء عن هذا اللقاح، كما أننا لا نعرف كل شيء عن هذا الفيروس”.

وبالنبرة ذاتها تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي قال الأربعاء الماضي -خلال لقائه الاعتيادي مع المواطنين عبر التلفزيون الروسي الرسمي- “أنا لا أؤيد إجبارية اللقاحات”.

بلوغ الحد

ويعتقد سلاما أن زعماء الدول المختلفة يحرصون كل الحرص على عدم “الإساءة” إلى الرأي العام “فبعد عام ونصف من الحرمان من الحريات فإن من شأن الحديث عن إلزامية اللقاحات أن يزيد حدة تصور الحرمان في خيال السكان الذين يشعرون بالتأكيد أنه تم بلوغ الحد”.

ومع ذلك -تضيف لوفيغارو- فإن التطعيم الإجباري في دول مثل فرنسا وروسيا مثلا أصبح بالفعل أو يكاد أمرا واقعا، ففي فرنسا يوجد مشروع قانون على وشك أن يفرض التطعيم على مقدمي الرعاية الصحية الفرنسيين، أما في روسيا فإلزامية التطعيم سارية بالفعل منذ منتصف يونيو/حزيران الماضي في العاصمة موسكو وضواحيها على العاملين في قطاع الخدمات.

كما أنه سيشترط قريبا في كلا البلدين جواز تطعيم من أجل السفر والنزهات والوصول إلى بعض التجمعات المحددة، وهو ما يدفع العديد من المواطنين مرغمين إلى أخذ اللقاحات.

Exit mobile version