ماذا بعد إحالة الرئيس الموريتاني السابق إلى السجن؟

أحال قطب التحقيق في الجرائم الاقتصادية، مساء أمس الثلاثاء، الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز إلى السجن المدني بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، وتأتي إحالة الرئيس الموريتاني السابق إلى السجن بعد تغيبه عن التوقيع يوم الأحد الماضي، حيث رجع من منتصف الطريق إلى منزله دون التوقيع عند إدارة الأمن احتجاجاً على تعامل الشرطة الموريتانية مع مناصريه.

ومبّرر ولد عبدالعزيز، في تدوينة له على حسابه في “فيسبوك”، سبب عودته إلى منزله دون التوقيع قائلاً: ولحرصي على عدم التسبب لأفراد هذا الشعب في المزيد من المعاناة، قررت العودة إلى المنزل دون التوقيع الذي احترمت لقرابة شهر، لم أتأخر دقيقة واحدة عن مواعيده، كما قررت سابقاً عدم استخدام السيارة تفادياً لحوادث السير التي تسببت فيها سيارات الشرطة التي كانت تلاحقني.

ملفات مفبركة

وفي مؤتمر صحفي عاجل الليلة البارحة، ندّد السعد ولد لوليد، رئيس حزب الرباط الوطني من أجل الحقوق وبناء الأجيال -الذي تحالف مع محمد ولد عبدالعزيز خلال الأشهر الأخيرة- بإحالة الرئيس الموريتاني السابق إلى السجن، وقال: إن الخطوات التي قام بها النظام الموريتاني تجاه ولد عبدالعزيز غير قانونية وغير مسؤولة، موضحاً أن توقيف الرئيس السابق جاء في أقل من 3 ساعات من استجوابه، مساء أمس الثلاثاء، أمام قطب التحقيق في قصر العدالة، بعد سنتين من فبركة الملفات الاقتصادية، في تراجع خطير لمساحة الحريات وخرق جسيم للدستور الموريتاني، حسب تعبيره.

وأضاف رئيس حزب الرباط الوطني أن قطب التحقيق في الجرائم الاقتصادية وضع الرئيس الموريتاني السابق تحت الإقامة الجبرية وقد استجابة لها وكان ملتزماً بالتوقيع كل يومين خلال مدة تقترب من شهر، لكن السلطة التنفيذية بموريتانيا أبت إلا أن تظل تضايق وتحاصر ولد عبدالعزيز بتخطيط من أطراف سياسية غير مسؤولة وغير وطنية كانت تناصبه العداء وتصرّ على ضرورة الزّج به في السجن.

وأعلن حزب الرباط الوطني من أجل الحقوق وبناء الأجيال رفضه لسجن الرئيس الموريتاني السابق، وقال: إنه سينظم خلال الأيام المقبلة وقفات ومسيرات احتجاجية، من أجل التعبير عن هذا الرفض بوضوح، والتأكيد على مؤازرة ولد عبد العزيز في محنته، والإعلان عن رفضه لممارسات النخبة المتملقة والنظام الموريتاني الاستبدادي الفاشل، حسب قوله.

رفض الانسجام

وفي تصريح لـ”المجتمع”، قال الكتاب الصحفي الموريتاني محمد عبد الله لحبيب: إن إحالة الرئيس الموريتاني السابق إلى السجن تعني أنه رفض الانسجام مع مقتضيات الرقابة القضائية، فلجأ القضاء الموريتاني إلى استخدام حق قانوني آخر هو الإيداع في السجن.

وأضاف ولد لحبيب أن محاولة إعطاء أي معنى سياسي للقرارات القضائية في ملف الرئيس السابق ستفشل كما فشلت محاولات الرئيس السابق نفسه تسييس ملفه، لأن هذا الملف قضائي لم تتدخل فيه السلطة التنفيذية ولن تتدخل فيما بقي منه، وبالتالي فإن الرئيس السابق الآن متهم بتهم ثقال وليس زعيماً سياسياً ولا حتى مناضلاً سياسياً، بل متهم ذاهب إلى السجن والمحاكمة، وأظنه سيدان ببعض التهم إن لم يكن كلها.

تُهَمٌ عظيمة

بدورها، أكدت الناشطة السياسية منى منت الدي أن القضاء الموريتاني أحال محمد ولد عبدالعزيز إلى السجن بعد أن رفض الذهاب للتوقيع عند الشرطة، وفي انتظار محاكمته على التهم العظيمة التي وجهت له النيابة سيظهر أن لا أحد يستطيع أن يواجه القضاء والدولة من بعده، وأنه سيكون سجيناً مهيض الجناح كغيره من المساجين والمجرمين.

وقالت: إن أهم ما في ملف ولد عبدالعزيز هو المؤسسية التي تركت لها السلطات حرية ممارسة سلطاتها كاملة غير منقوصة، فبدا عمل السلطة التشريعية حراً مطلقاً، وجاء دور السلطة القضائية التي فتحت تحقيقها وارتأت المراقبة القضائية بسبب طول التحقيق واستحالة طمس أدلة الجرائم واستحالة الهرب، وها هي اليوم بسبب سوء تقدير المتهم وعربدته ورفضه لما حكم به القضاء من توقيع كل يومين عند الشرطة تحيله للسجن ريثما تتم محاكمته ويحكم عليه أو يبرأ، ولا أظن البراءة بسبب كثرة الأدلة والمضبوطات والمسروقات.

وكان قاضي التحقيق قد أمر، منتصف مايو الماضي، بوضع الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبدالعزيز -الذي حكم البلاد 11 سنة- تحت الإقامة الجبرية في منزله بالعاصمة نواكشوط لمدة شهرين قابلة للتجديد، بسبب تهم عديدة منها: إساءة استغلال السلطة، والفساد المالي وغسل الأموال، والإثراء غير المشروع، فيا ترى ماذا بعد إحالة ولد عبد العزيز إلى السجن، هل سيُبرَّأ أم ستتم إدانته؟

Exit mobile version