لاكروا: خذوا حذركم في باريس.. حياة المعارضين الأجانب مهددة في فرنسا

عشرات المعارضين الأجانب المنفيين من بلادهم يواصلون كفاحهم في باريس على الرغم من التهديدات والهجمات العنيفة في بعض الأحيان. ومع أن تصفية المعارضين الأجانب على الأراضي الفرنسية نادرة، فإن الحالات التي وقعت كافية لغرس مناخ من الرعب قد يثبط هؤلاء عن ممارسة أي عمل سياسي.

وفي تقرير عن هذا الموضوع، انطلقت صحيفة لاكروا (La Croix) الفرنسية من قصة المدون الأذري المؤثر محمد ميرزالي (27 عاماً) الذي تعرض لمحاولتي اغتيال في مدينة نانت حيث يعيش، الأولى في خريف عام 2020م، عندما أطلق رجل النار عليه 3 مرات وهو يركب سيارته، والثانية في مارس/آذار الماضي عندما طعنه 4 رجال يتحدثون الأذرية وأصابوه بجروح خطيرة.

وفي كلتا الحالتين لم يتم القبض على أي من مهاجمي ميرزالي، إلا أن كل شيء يشير -بحسب رأيه- إلى سلطات أذربيجان. ومع أنه وضع منذ مايو/أيار الماضي تحت حماية الشرطة، فإنه -بحسب تحقيق أجرته صحيفة ليبراسيون (Liberation) الفرنسية- يعيش مختبئا في المنزل والرعب يحيط به من كل مكان، خاصة بعد أن وجد داخل سيارته التي كسرت نوافذها رسالة تقول “هذا لك”.

اغتيالات تغرس الرعب

وذكّرت الصحيفة بسلسلة من الاغتيالات والمحاولات التي وقعت في فرنسا، حيث قُتل 3 نشطاء من حزب العمال الكردستاني بالرصاص في قلب باريس في يناير/كانون الثاني 2013م، وقُتل المدون الشيشاني عمران علييف في غرفة فندق بمدينة ليل في يناير/كانون الثاني 2020م.

وترى الصحيفة أنه على الرغم من أنها حالات محدودة، فإن تلك الاغتيالات كافية لغرس مناخ من الرعب بين المعارضين، وتثبيطهم عن القيام بأي عمل سياسي.

وفي باريس، يستعيد الصحفي الباكستاني طه صديقي محاولة اختطافه بالقرب من إسلام آباد في يناير/كانون الثاني 2018م التي دفعته إلى الفرار من بلاده، ويذكر أن والديه تعرضا للمضايقة في باكستان، وقال لهما جندي أثناء مداهمة منزلهم “إذا كان طه يعتقد أنه آمن في باريس فهو مخطئ، يمكننا الوصول إليه حيثما نريد”.

وقال صديقي إن وكلاء من المخابرات الأمريكية عرضوا عليه لقاء عند حضوره مؤتمراً هناك، و”أخبروني أن أحد أجهزتهم اعترض قائمة بأسماء الذين سيُقتلون واسمي فيها، وإذا عدت إلى باكستان سأقتل”، وأضافوا “كن حذرا في باريس”.

وفي العام الماضي، نظم صديقي فعالية حول هذا الموضوع مع عشرات المعارضين الأجانب، وكان ذلك فرصة لاكتشاف أن الكثير منهم يعيشون هذه الأنواع من التهديدات، مشيراً إلى أن وزارة الداخلية الفرنسية طمأنته وذكرته بأنها موجودة لحمايته، لكن دون تقديم أي تفاصيل.

حماية الشرطة

وتساءلت لاكروا: ما الذي يمكن أن تفعله فرنسا لحماية المنشقين الأجانب الذين لجؤوا إلى أراضيها في مواجهة مثل هذه الأخطار؟ لتذكر أن حماية الشرطة مكلفة للغاية، وهي بالتالي لا تُمنح إلا في الحالات القصوى، مثل حالة محمد ميرزالي. ويقول شرطي من دائرة الحماية بالشرطة الوطنية “كان علينا القيام ببعض المهام مع اللاجئين السياسيين، لكن هذا ليس الاتجاه الرئيسي للخدمة”.

وبعد اختطاف بيلاروسيا طائرة ركاب بين أثينا وفيلنيوس لاعتقال المدون رومان بروتاسيفيتش الذي كان على متنها، انتشر الخوف في المعارضة بالخارج، رغم أن الدول الأوروبية شجبت هذا العمل واعتبرته “قرصنة دولة”.

وقد أكد مصدر في شرطة باريس وجود قسم لديها “خاص بالجاليات الأجنبية” يتكون من عدة مجموعات، كل منها مسؤول عن مراقبة مجتمعات معينة، والهدف منه -بحسب المصدر- “هو الحصول على معلومات استخبارية داخلية وخارجية، ومنع الإخلال بالنظام العام في منطقة باريس، وهو مهم للجاليات لأنه يدرس عن كثب التهديدات التي تتعرض لها”.

وإذا كانت المخابرات الفرنسية تتواصل أحيانا وتقدم النصائح لبعض الأجانب المهددين، فإن كثيرين يرون أن السلطات الفرنسية لا تقوم بما يكفي لحمايتهم. وكمثال على ذلك يشكو المجلس الديمقراطي الكردستاني من التضييق السياسي ومنعه من عقد اجتماع، كما يشكو مدير الأمن الرئاسي الكونغولي السابق فرديناند مباو من عدم توفير حماية له بعد أن تعرض لرصاصة في ظهره وهو يغادر منزله عام 2015م، رغم إحباط المديرية العامة للأمن محاولة اغتيال ثانية استهدفته عام 2018م.

وخلصت لاكروا إلى أن أفضل حماية من خطر الدول المصممة على القضاء على المعارضين، قد تكون الانتقام الدبلوماسي المنسق، كما حدث عام 2018م، عندما أرسلت الدول الغربية إشارة قوية من خلال الرد الجماعي على محاولة روسيا اغتيال العميل المزدوج السابق سيرجي سكريبال على الأراضي البريطانية، بطرد 150 دبلوماسياً روسياً.

Exit mobile version