انتقادات واسعة لرغبة الرئيس التونسي بالعودة لدستور 1959

فجّر الرئيس التونسي قيس سعيّد قنبلة من العيار الثقيل عندما أعرب عن رغبته في العودة إلى دستور 1959 الذي يعطي الرئيس سلطة شبه مطلقة تحوّله إلى دكتاتور مثلما كانت عليه الحال في عهدي بورقيبة، وبن علي.

وقال النائب بمجلس نواب الشعب رئيس المكتب السياسي لائتلاف الكرامة، عبداللطيف العلوي: إنّ “قيس سعيد يريد العودة بالبلاد إلى ظلمات القمع والاستبداد والفساد.

خضر: سعيّد يرغب في سلطات واسعة لا تتأتى سوى لدكتاتور

وأضاف العلوي، في رده على اقتراح سعيد العودة لدستور 1959: كان عليه عدم نبش التراب من تحت رؤوس الشهداء، ولا يعود لدستور صنعه بورقيبة على مقاسه ثمّ شكَّله بن علي بـ14 تعديلاً كلّها تفصيل على قدّ لباسه.

وتابع: دستور الثورة بالنسبة لسعيّد كلّه أقفال، وهو يريدها أبواباً مشرعة، في حين أن الأقفال التي يتحدث عنها هي التي تحمينا اليوم من نزعات التغوّل وحنين المستبدّين وعبث المغامرين.

فقد شرعيته

من جهته، أكد الناشط السياسي الوزير السابق فوزي عبدالرحمن، في منشور له على “فيسبوك”، أن ما نقله الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي عن الرئيس سعيد حول رغبته في الرجوع إلى دستور 1959، وإدخال بعض التحويرات عليه، والمرور إلى استفتاء شعبي؛ من أخطر ما قيل في الموضوع، وهذا يعني أن سعيداً بكلامه هذا فقد شرعيته كرئيس.

وأضاف: لن أعلق على المحتوى في الوقت الحاضر؛ لأن الموضوع المطروح هو مدى شرعية هذا الطرح من طرف رئيس دولة لم يعلن عن رفضه الدستور في برنامجه وفي حملته “التفسيرية”، ولم يعلن عن ذلك إلا بعد التمكن في قصر الرئاسة.

العلوي: الرئيس يريد العودة بالبلاد إلى ظلمات القمع والاستبداد والفساد

لا يملك مشروعاً

من جانبه، أكد المحلل السياسي الحبيب بوعجيلة، في تدوين على صفحته بـ”فيسبوك”: إنّ اقتراح ساكن قرطاج العودة إلى دستور 1959 بعد إدخال تنقيح عليه وعرضه على الاستفتاء دليل آخر على أن الرجل في مواجهة كل ما أجمع عليه التونسيون وطبقتهم السياسية ونخبهم الوطنية عبر المطالبة بمجلس تأسيسي ثم مصادقة هذا المجلس بما يقارب الإجماع على الدستور الجديد.

وأضاف: هذا الاقتراح الغريب أيضاً هو علامة مؤكدة على فراغ جعبة سعيد من كل مشروع رغم ما يزعمه كل مرة في خطبه ولقاءاته مع الداخل والخارج بأنه يريد “مقاربات جديدة”، فحتى في مسألة الدستور الذي هو من صلب اختصاصه يبدو الرجل مجرد “ترقيعي”، وبهذا الاقتراح نتأكد مرة أخرى من معاداة الرجل للثورة التونسية، وهو الذي لم يذكرها يوماً كحدث فارق إلا بعبارة سلبية ذات شحنة أيديولوجية فوضوية “الانفجار الثوري”، وأنه معاد للديمقراطية ومتفرد بالرأي وخطر حقيقي على مكسب الحرية الذي تحقق لتونس بعد ثورتها المجيدة.

لماذا دستور 1959؟

وفي تعليقه على رغبة الرئيس العودة إلى دستور 1959، قال النائب بالمجلس الوطني التأسيسي والمقرر العام لدستور 2014 الحبيب خضر، لـ”المجتمع”: سعيّد يرغب في سلطات واسعة لا تتأتى سوى لدكتاتور.

عبدالرحمن: سعيّد بكلامه هذا فقد شرعيته كرئيس

وأشار إلى أنه كانت هناك بوادر منذ مدة توحي بوجود نية للرئيس وضع يد على قوات الأمن، فضلاً عما منح له بالدستور من صلاحيات متعلقة بالجيش الوطني، ودستور 1959 يمنحه هذه الصلاحيات، وما يرغب فيه تجاوز للدستور نافذ المفعول وهو دستور 2014.

وأكد خضر أن فهم النص الدستوري محكوم بمقتضيات الفصل (146) الذي ينص على أن “أحكام الدستور تفسر وتؤول بعضها البعض كوحدة منسجمة”.

وأن القيادة العليا للقوات المسلحة الواردة في الفصل (77) لا يمكن البحث عن معانيها لفهمها في الصيغة القديمة لدستور 1959؛ لأن اللجوء له كآلية للفهم أو أداة للتفسير والتأويل هو عمل خاطئ تقنياً، باعتبار أن دستور 2014 هو نص جديد وليس تنقيحاً، وتم الانطلاق في صياغته من ورقة بيضاء حتى لا يحصل تعسف في فهمه وتأويله مما كسبه ورسخه النص السابق من توجهات في الفهم والممارسة.

وشدد المقرر العام للدستور التونسي (2014) على الإعلان صراحة العودة لدستور 1959 جاء بعد الفضل في اعتباره مرجعاً.

بوعجيلة: علامة مؤكدة على فراغ جعبة سعيد من كل مشروع

ودعا كل الأطراف لتحمل مسؤولياتها لحماية الديمقراطية والصدح بصوت عال بأن هذه القراءة متجاوزة للدستور، وأن التصدي لكل محاولة خرق الدستور ليس فقط من مهام البرلمان فقط، وإنما هي من مسؤولية كل المنتظم السياسي والوطني والمنظمات الوطنية في البلاد؛ لأن الصمت والسكوت عن هذا التجاوز ربما يكون بوابة للدخول في احتراب داخلي.

وأكد خضر أن الدفع بأجهزة الدولة الأساسية خاصة الجهاز الأمني وكل قوة حاملة للسلاح لتصبح في قلب التجاذب السياسي أمر غير مساعد على حماية الديمقراطية التونسية.

Exit mobile version