في عريضة مفتوحة نشرتها صحيفة “لوبينيون” الفرنسية بمناسبة زيارته إلى باريس تلبية لدعوة نظيره الفرنسي، كتب وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو عن ملامح السياسة التركية الخارجية في المنطقة، وتناول العديد من الملفات المهمة التي تنخرط فيها سياسة بلاده.
العلاقة مع فرنسا
وفيما يتعلق بالحديث عن التوترات في العلاقة مع فرنسا، قال الوزير تشاووش أوغلو: إن العلاقات بين تركيا وفرنسا مرت مؤخراً بفترة من التوتر، وهو أمر غير معتاد بالنسبة لدولتين حليفتين، لكن الاتصال الذي تم بين رئيسي البلدين في أوائل مارس الماضي يمنح باريس وأنقرة الفرصة لتعزيز علاقاتهما، وقال رئيس الدبلوماسية التركية: إن زيارته إلى باريس تعكس الرغبة المتبادلة لتعزيز هذه العلاقات.
وبعيداً عن القضايا الدولية، شدد مولود تشاووش أوغلو على أن بلاده لم تكن لديها أبداً أي نية للتدخل في فرنسا، وأن الأولوية الوحيدة لبلده تجاه الأتراك في فرنسا هي تزويدهم بجميع الخدمات العامة التي ينتظرونها من تركيا مع تعزيز اندماجهم الناجح.
واعتبر الوزير التركي أن إلقاء نظرة على القضايا الإقليمية التي اختلفت حولها باريس وأنقرة مؤخراً، تسمح اليوم للبلدين برؤية المصالح المشتركة.
الملف السوري
وفيما يتعلق بالملف السوري، قال الوزير التركي: يشترك بلدانا بشكل أساسي في نفس الأولويات في العديد من الموضوعات المهمة مثل إيصال المساعدات الإنسانية أو الحاجة إلى المضي قدماً في العملية السياسية مع الحفاظ على وحدة أراضي البلاد، لقد أجرينا مؤخراً مباحثات صادقة ومثمرة مع فرنسا حول موضوع سورية، أما بالنسبة لخلافاتنا المرتبطة بتعاون حلفائنا مع إرهابيي حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب في قتالهم ضد “تنظيم الدولة”، فلا يمكن التغلب عليها إلا عندما يتوقف هذا التعاون نهائياً، لا يمكن لأحد أن يتجاهل أن الهدف الحقيقي لحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب ليس محاربة “داعش”، ولكن محاولة تقسيم سورية وإنشاء منطقة يسيطر عليها الإرهابيون على حدود أوروبا وحلف شمال الأطلسي، يجب أن يفهم حلفاؤنا أن هذه المنظمة الإرهابية تشكل تهديداً لأمننا القومي ولا يمكننا تجاهله، بحسب قول تشاووش أوغلو.
الملف الليبي
وتطرق الوزير التركي للملف الليبي قائلاً: إن أولويتنا التي نتشاركها مع فرنسا تتمثل في ضمان الاستقرار والوحدة السياسية في البلاد، ودعم حكومة الوحدة الوطنية التي تمارس سلطتها في جميع أنحاء البلاد، وإعادة توحيد المؤسسات، ووقف دائم لإطلاق النار، وكذلك مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية، شاركتها مع فرنسا اليوم، نحن منفتحون على الحوار لإيجاد الأمور ذات الاهتمام المشترك في ليبيا التي يؤثر استقرارها على المنطقة بأسرها.
الصراع في شرق المتوسط
أما عن صراع النفوذ المحتدم في شرق البحر الأبيض المتوسط، قال تشاووش أوغلو: أصبحت الخلافات مع جارتنا اليونانية الآن موضوع حوار هادئ من خلال آليات مختلفة مع أثينا، لم يكن لتركيا أبداً أي طموح توسعي، وهذا الحوار مع اليونان هو تأكيد إضافي على ذلك، وفيما يتعلق بقضية قبرص، ستدعم تركيا جهود القبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيين إذا اتفقوا على أهداف المفاوضات، ونعتقد في ظل إخفاقات المبادرات السابقة، أن الجهود القائمة على مبادئ المساواة في السيادة والوضع الدولي المتكافئ هي الوحيدة التي لديها فرصة للتوصل إلى حل.
ومضى وزير الخارجية التركية إلى القول: في مواجهة الإرهاب، يجب أن تعلم فرنسا أنها تستطيع الاعتماد على تركيا، ثاني أكبر حليف لها في الحلف “الأطلسي”، ربما تكون تركيا حليفة فرنسا التي ساهمت أكثر من غيرها في حربها ضد الإرهاب، ولا سيما من خلال تبادل المعلومات والإعادة المنظمة للإرهابيين الفرنسيين الذين تم القبض عليهم على الحدود السورية.
تركيا والاتحاد الأوروبي
وعن العلاقة بين بلاده والاتحاد الأوروبي، قال تشاووش أوغلو: نأمل أن تصبح فرنسا مرة أخرى محرك التقارب مع تركيا من خلال المساهمة في التقدم الذي يعود بالفائدة على كل من الاتحاد والعلاقات الثنائية، بغض النظر عن عضويتها المستقبلية التي ما تزال ملتزمة بها بالكامل، فإن تركيا أوروبية وستواصل المساهمة في تطوير واحترام القيم الأوروبية التي تتشاركها مع فرنسا، لا ينبغي أن تكون العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي رهينة للطموحات المتطرفة والقومية لعدد قليل من الأعضاء المتمردين، لن يصبح الاتحاد الأوروبي قوة عالمية إلا بعضوية تركيا، كما يشدد وزير الخارجية التركي.
واختتم وزير الخارجية التركي هذه العريضة المقترحة التي نشرتها صحيفة “لوبينيون” الفرنسية بمناسبة زيارته لباريس، بالتأكيد أن تركيا وفرنسا دولتان صديقتان وحليفتان، وعليهما أن تتأكدا من عدم حدوث أي سوء تفاهم يخل بعلاقة الصداقة هذه.