مشاركة “الحركة الإسلامية” بأول حكومة صهيونية.. نظرة تقييمية

بعض أعضاء الحركة الإسلامية بالكنيست

أثارت مشاركة حزب “القائمة العربية الموحدة” الذي ينتمي إلى “الحركة الإسلامية” الجنوبية في فلسطين المحتلة عام 1948م، والمنشق عن الحركة الإسلامية الأصلية (الجناح الشمالي) بزعامة الشيخ رائد صلاح، في أول حكومة صهيونية منذ احتلال فلسطين تساؤلات حول الأسباب التي دفعته لذلك.

وعلى حين واجه الحزب الإسلامي (راعم) أو “هاتنوعاه هإسلاميت”، كما يطلق عليه بالعبرية، انتقادات داخلية وخارجية لمشاركته في حكومة “إسرائيلية” مختلطة تضم غلاة المتطرفين المطالبين بقتل العرب مثل نفتالي بنيت الذي سيصبح رئيساً للوزراء وليبرمان وغيرهم، برر منصور عباس رئيس الحزب ذلك بأنه لصالح فلسطينيي الأرض المحتلة عام 48.

رئيس القائمة العربية الموحدة منصور عباس وصف توقيعه على الاتفاق الائتلافي بأنه “أصعب قرار” كونها المرة الأولى لحزب عربي أن يكون شريكاً في الحكومة الصهيونية، لكنه قال إنه حقق “إنجازات كبيرة للمجتمع العربي في إسرائيل، وحصل على تعهدات بتوظيف ميزانيات كبيرة للقري الفلسطينية في أرض 1948 المحتلة”.

ما ترشح من نتائج حتى الآن يشير إلى أن الحزب الإسلامي الذي ترجع جذوره للحركة الإسلامية التي أسسها الشيخ نمر درويش في فلسطين المحتلة، عام 1972م وانشق عن الحركة الإسلامية (الجناح الشمالي) بزعامة الشيخ رائد صلاح عام 1996م، بسبب اختلافهما حول المشاركة في مؤسسات وانتخابات الدولة الصهيونية، يشير إلى أن الحزب الإسلامي لن يشارك في الحكومة بأي وزراء ولكنه طلب خدمات محددة لفلسطينيي الأرض المحتلة.

ما هي المكاسب؟

ما ترشح من نتائج يشير إلى أن الحزب الإسلامي لن يشارك في الحكومة بأي وزراء ولكنه طلب خدمات محددة لفلسطينيي الأرض المحتلة

بحسب ما نشرت إذاعة الجيش الصهيوني من بنود الاتفاق الائتلافي لانضمام حزب “راعم” بقيادة منصور عباس إلى حكومة التغيير أو الائتلاف الذي يضم 8 قوى سياسية “إسرائيلية” يتضمن الاتفاق 9 بنود هي:

وتقول صحف صهيونية بأن عباس “تنازل” عن شرطه بإلغاء قانون “كامينيتس”، بعد أن رفضت أحزاب اليمين في “كتلة التغيير” إلغاء القانون الذي يشدد العقوبات على البناء غير المرخص، ويستهدف البيوت والمباني في المجتمع العربي، من دون مراعاة ظروف البلدات العربية، وخاصة عدم وجود خرائط هيكلية فيها.

وقالت القائمة الموحدة في بيان صدر عنها إنها “قامت بالتوقيع على دخول الائتلاف الحكومي برئاسة بينت -لبيد، بعد التوصل لاتفاق تاريخي مقابل مكاسب وإنجازات هي الأضخم والأوسع لصالح مجتمعنا العربي وحل قضاياه الحارقة، وميزانيات تتعدى الـ 53 مليار شيكل، وترسيخ مكانة الأحزاب العربية كلاعب مؤثر وشرعي في الساحة السياسية، وكذلك وضع الاتفاق آلية دائمة لاستكمال العديد من القضايا والنقاط العالقة خلال المرحلة القادمة.

وأوردت “الموحدة” (أي الحزب الإسلامي) في بيانها ما وصفته بـ”أبرز بنود الاتفاق”، بما في ذلك:

ويذكر أن البندين المتعلقين بالنقب وتجميد تنفيذ قانون “كامينيتس” لا يأتيان بجديد، إذ كان وزير الاقتصاد عمير بيرتس، المسؤول عن ملف عرب النقب، قد أعد قرارا طرحه على الحكومة ينص على الاعتراف بقرى عبدة، وخشم زنة، ورخمة.

“نفتالي بينيت” رئيس وزراء “إسرائيل” المقبل كاره للعرب، ويطالب بقتلهم ويفتخر بقتله العديد من العرب وهو ضابط في الوحدة الصهيونية الخاصة

كما كان المستشار القضائي للحكومة قد صادق على تجميد تنفيذ قانون “كامينيتس” في 12 نوفمبر الماضي 2020، كما أن هبة القدس عرقلة مضي الاحتلال في قرارات طرد سكان قرى عربية خشية صواريخ المقاومة وانتفاضة بين فلسطيني الأرض المحتلة 48.

اتفاق صهيوني

بالمقابل ينص الاتفاق الذي تمت بلورته بين “يش عتيد” وحزبي “يمينا” و”تيكفا حداشا” على “تشكيل هيئة مراقبة للاحتفاظ بمناطق سي (جـ)” في الضفة الغربية المحتلة، بالإضافة إلى “تعزيز المواقع التراثية اليهودية وتوسيعها” و”المصادقة على 300 ألف وحدة سكنية استيطانية بأسعار مناسبة”، دون تحديد مواقع هذه المشاريع، وإن كانت تشمل منطقة القدس والضفة الغربية!!.

كما ينص الاتفاق على “تقسيم منصب المستشار القضائي للحكومة” و”إصلاحات تتعلق بالحقوق المدنية في التحقيقات والإجراءات القضائية”، و”إقامة جامعة في منطقة الجليل” و”إصلاحات بشأن شرعنة استخدام القنب الهندي (الماريغوانا)”، ونقل “المسؤولية عن تعليم الطفولة المبكرة إلى وزارة التعليم وربط المراحل التربوية.

وسيشارك في الائتلاف الحكومي الجديد أحزاب: “يش عتيد” (17 مقعدا من أصل 120 في الكنيست) و”يمينا” (7 مقاعد) و”العمل” (7 مقاعد) و”تيكفا حداشا” (6 مقاعد)، و”كاحول لافان” (8 مقاعد)، و”ميرتس” (6 مقاعد) و”يسرائيل بيتينو” (7 مقاعد)، والقائمة الموحدة الإسلامية (4 مقاعد).

يذكر أن “نفتالي بينيت” رئيس وزراء “إسرائيل” المقبل كاره للعرب، ويطالب بقتلهم ويفتخر بقتله العديد من العرب وهو ضابط في الوحدة الصهيونية الخاصة.

كما يتبني “بينيت” خطاباً صهيوناً دينياً متشدّداً، ويقود حزب “يمينا” المؤيد للاستيطان ولضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، وفي حال نجاحه مع لابيد والائتلاف المعلَن عنه في تشكيل حكومة، سيصبح أول زعيم يميني ديني متشدّد يتولّى رئاسة الحكومة في تاريخ “إسرائيل”.

وهو جنديٌ سابق في “القوات الخاصة” في جيش الاحتلال، خدم مثل نتنياهو في وحدة “سايريت ماتكال” التي تعدّ من قوات النخبة وأصبح رئيس مكتب نتنياهو.

ويؤمن بينيت بأيديولوجيا يمينية متشددة واضحة المعالم، إذ يدعم حق “شعب إسرائيل” فيما يُسمى “أرض إسرائيل الكبرى”، ويؤيد بناء المستوطنات وضم أراضي الضفة الغربية لـ”السيادة الإسرائيلية الكاملة.

ويدعم بينيت بقوة الرد العسكري القاسي على المقاومة الفلسطينية وسياسات العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين، كهدم بيوت “منفذي العمليات”، ويقف ضد تحرير الأسرى الفلسطينيين وضد صفقات التبادل.

ففي عام 2013 قال إنه يجب قتل من أسماهم “المخربين” الفلسطينيين “لا إطلاق سراحهم”، كما قال إن الضفة الغربية “ليست تحت الاحتلال؛ لأنه لم تكُن هنا دولة فلسطينية.

وفي جلسة نقاش حول تحرير أسرى فلسطينيين قال: “إذا اعتقلنا مخربين، بكل بساطة علينا قتلهم”، مفتخراً بقوله: “قتلت الكثير من العرب، ولا يوجد في ذلك أية مشكلة”.

والخلاصة أنه من المفارقات العجيبة التي أسفرت عنها نتائج انتخابات الكنيست الصهيوني الأخيرة أنها أسفرت عن مفاجأتين:

المفاجأة الأولى: هي فوز تيارات صهيونية يمينية متطرفة تتبنى الفكر الكاهاني (نسبة إلى الحاخام مائير كاهانا زعيم حركة كاخ المتطرفة) التي يعتبرها كُتاب صهاينة أشبه بالتيار النازي في ألمانيا، وتنادي بقتل العرب وهدم المسجد الأقصى.

والمفاجأة الثانية: هي فوز حزب “الحركة الإسلامية”، وهي الجناح الجنوبي من الحركة الإسلامية التي أسسها الشيخ نمر درويش في فلسطين المحتلة، عام 1972 وانشق عن الحركة الإسلامية (الجناح الشمالي) بزعامة الشيخ رائد صلاح عام 1996، حيث اختلفا حول المشاركة في مؤسسات وانتخابات الدولة الصهيونية.

والمفارقة في فوز التيارين الإسلامي والصهيوني المتشدد هي أن كليهما بات مؤثرا في تشكيل الحكومة الصهيونية الجديدة

وقد وصفت صحيفة المونيتور الأمريكية الشيخ منصور عباس نائب رئيس الحركة الإسلامية ونائب رئيس الكنيست الحالي بأنه ربما يصبح “صناع الملوك” بسبب قدرة حزبه الجديد على قلب موازين التحالفات الانتخابية لتشكيل الحكومة بعدما فاز بما بين 4 و5 مقاعد في الكنيست لأول مرة من بين 120 مقعداً.

 

 

Exit mobile version