نفى وزير الشؤون الثقافية بالإنابة حبيب عمار أثناء رده على أسئلة النواب بخصوص شبهات التطبيع الثقافي التي شابت أعمال وتصريحات بعض المحسوبين على “الثقافة” و”الإعلام” بأن موقف تونس ثابت من القضية الفلسطينية ويرفض جميع أشكال التطبيع تحت أي لافتة من اللافتات.
وبيّن من تحت قبة البرلمان أن الوزارة أبدت في كل اللقاءات التي جمعت البلديْن (تونس وفلسطين) في مختلف المناسبات الوطنية والإقليمية والدولية، استعدادها المتواصل لدعم التعاون الثنائي في مجاليْ الثقافة والتراث وتبادل الخبرات للمحافظة على المكاسب الحضارية الفلسطينية.
بيت الرواية
وبخصوص بيت الرواية ومديره السابق كمال الرياحي الذي أثار جدلاً بسبب ترجمة روايته “المشرط” إلى العبرية ونشر مقال نقدي للرواية في صحيفة “يديعوت أحرنوت” الصهيونية، وافتخار الرياحي بذلك، أكد الحبيب عمار أن مؤسسة بيت الرواية لا تربطها أي علاقة بمسألة التطبيع مع الكيان الصهيوني أو التعامل معه.
واعتبر أن ما بدر عن مدير بيت الرواية السابق “تصرفات فردية تخرج عن إطار عمل الوزارة ومؤسساتها، وأن الممارسات تتعلق بأشخاص ولا تمّت إلى الوزارة بصلة”.
دعم القضية الفلسطينية
وقال عمار: إن موقف الوزارة من التطبيع نابع من موقف الدولة التونسية التي أعلنت عنه في كل المناسبات الدولية والعربية منذ عقود من الزمن.
وشدّد على أن وزارة الشؤون الثقافية تعمل على دعم القضية الفلسطينية، من خلال الحضور الفلسطيني والمشاركة الفاعلة لهذه الدولة في التظاهرات والمهرجانات والمعارض الثقافية والفنية في العاصمة وفي الجهات، من ضمنها تظاهرات معرض تونس الدولي للكتاب، وأيام قرطاج السينمائية، والمسرحية، والشعرية، ومهرجانيْ قرطاج والحمامات الدولييْن، إلى جانب اهتمام مجلة الحياة الثقافية بالقضية الفلسطينية وأدبائها ومثقفيها في بعض أعدادها.
وأشار الوزير إلى أن المشاركات الفلسطينية التي تنظمها الوزارة أو الهياكل الثقافية والفنية الخاصة كانت مشرفة ولاقت صدى جماهيرياً وإعلامياً كبيراً وشملت مختلف المجالات الفنية والإبداعية.
“حماس” مع تجريم التطبيع
من جهته، أكد الناطق الرسمي باسم حركة “حماس” سامي أبو زهري، الثلاثاء 1 يونيو الجاري، في تصريح لـ”الإذاعة التونسية” الرسمية دعم الحركة لكل التشريعات القانونية التي ترفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، معرباً عن أمله في أن تنسج بقية الدول العربية على منوال تونس في العمل على رفض التطبيع بمختلف أشكاله لما فيه من تحصين للشعوب العربية في اقتصادها وأمنها وليس تحصيناً للشعب الفلسطيني فقط.
رفض التطبيع الثقافي
وكانت جامعة منوبة التونسية قد رفضت حضور وفد جامعي صهيوني للمشاركة في “مؤتمر دراسات الشرق الأوسط” الذي كان مقرراً عقده في تونس، وهي المرة الأولى التي يتم فيها رفض عقد مؤتمر دولي في البلاد بسبب المشاركة الصهيونية.
ورفض المجلس العلميّ لجامعة منّوبة إقامة المؤتمر في فضاءاتها، وقرر انسحاب الجامعة من تنظيم الدّورة السّادسة لـ”مؤتمر دراسات الشرق الأوسط ” (WOCMES) الّتي كان من المفترض عقدها بتونس في سبتمبر 2022م، بسبب خلاف نشب على خلفية رفض الجامعة مشاركة أكاديميين “إسرائيليين” في هذه التظاهرة.
ويأتي قرار الجامعة بالانسحاب من تنظيم هذه التظاهرة، حسب بيان (اطلعت عليه “المجتمع”)، احتجاجاً على خرق مبادئ أساسيّة عليا، وتمّ اتّخاذه بناء على ما اعتبرته تجاهلاً لمبدأ ضرورة احترام قرار سياديّ لدولة حيال سياسة “إسرائيل” من القضيّة الفلسطينيّة، وتغييباً لمبدأ “الدّرس الحرّ” المتجرّد الّذي كان ينبغي أن يصدر عنه، وحده وبمقتضى علويّته.
رفض الضغوط
كما بني قرار الجامعة على ما وصفته بخرق مبدأ وجوب احترام نتائج التّصويت، والتراجع عمّا أسفر عنه تصويت سابق نتيجة ضغوط كبيرة مارستها أطراف من داخل المجلس الاستشاري ومن خارجه، على الأرجح، لفرض المشاركة “الإسرائيليّة” فرضاً، وهو ما ترفضه جامعة منّوبة رفضاً قطعيّاً، حسب نص البيان.
وأوضح المشرف على البرنامج العلمي للدورة السادسة للمؤتمر، هشام ريفي، في تصريح لوكالة “تونس أفريقيا” للأنباء، يوم الجمعة الماضي، أن خلافاً كبيراً نشأ بعد إعلام جامعة منوبة، المجلس الاستشاريّ للمؤتمر، بأنّه لا يمكن للجامعيّين “الإسرائيليّين” المشاركة في أشغال دورة تونس، سواء كان على نحو حضوريّ أو عن بُعد، وذلك قبل الشروع في ضبط قوائم المشاركين الّذين سيقع الاتّصال بهم وإثر الانتهاء من المرحلة الأولى للإعداد لهذه التظاهرة.
وبيّن أن الخلاف بين الطرفين تبعته مراسلات كثيرة في استيضاح الجانب التّونسي ومناقشة قراره ومحاولة دفعه إلى قبول “الإسرائيليّين” بتونس للمشاركة في المؤتمر، طوال شهرين تقريباً، وهو ما أكدته الجامعة في بيانها.
وأكد المتحدّث أن المجلس الاستشاريّ للمؤتمر صوّت إثر ذلك، في 15 أبريل الماضي، على مقترح يبقي على التنظيم في تونس دون مشاركة “إسرائيليّة”، غير أنّ أطرافاً من داخل المجلس ومن خارجه أيضاً، على الأرجح، ضغطت لإعادة التّصويت على مقترح جديد يتمثّل في تأخير المؤتمر إلى عام 2023م والاحتفاظ بتونس كبلد مترشّح ولكن مع دعوة ثانية إلى تقديم ترشّحات لتنظيم المؤتمر من قبل دول أخرى تسمح بمشاركة كلّ الجنسيّات، وهو ما تمّ يوم 4 مايو 2021م، حسب ما جاء في نص البيان.
موقف الدولة التونسية
وأكد المتحدّث أن موقف جامعة منّوبة كان واضحاً وحاسماً وثابتاً وصارماً، وقد ردّت الجامعة بالحجج على اتّهامات ضمنيّة وأخرى صريحة وطالبت بوجوب احترام موقف الدّولة التّونسيّة السيّاديّ من سياسة “إسرائيل” في القضيّة الفلسطينيّة، وهو ما تم تضمينه أيضاً في البيان المذكور.
ويذكر أن المجلس الاستشاريّ للمؤتمر انتخب، في فبراير 2020م، بأغلبية الأصوات، ترشّح جامعة منّوبة لتنظيم هذا الملتقى العلميّ الدوليّ في تونس بالاشتراك مع جامعتي تونس وتونس المنار ومراكز أبحاث من فرنسا.
ويشار إلى هذا الملتقى تحتضنه، كلّ 4 سنوات، دولة من الدّول، على إثر انتخابات لترشّحات عديدة تجريها هيئة استشاريّة تتألّف من 92 عضواً من جنسيّات مختلفة، ويشارك فيه بين 2000 إلى 3000 مشارك من مراكز البحث والمخابر العلميّة والجامعات المهتمّة في مختلف أنحاء العالم بدراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مختلف الاختصاصات في العلوم الإنسانيّة.