تحولات في المشهد الصهيوني بعد معركة “سيف القدس”

تسود الأروقة السياسية الصهيونية حالة من الاستقطاب الشديد، وذلك مع قرب الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة برئاسة زعيم المعارضة يائير لابيد بالشراكة مع المستوطن اليميني المتطرف نفتالي بينت، بحيث يتولى الأخير رئاسة الحكومة لعامين، ثم يكمل لا بيد الفترة المتبقية في رئاسة الحكومة، وقد شكك سياسيون ومحللون بفرص نجاحها في ظل الخارطة الأيديولوجية المختلفة بين الأحزاب.

وقد أثار هذا التقارب لتشكيل ائتلاف جديد جنون رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو، الذي بموجب الاتفاق سيتم إقصاؤه وحزبه الليكود من الحكومة، التي يترأسها منذ عام 2009م، وقد اتهم نتنياهو، بينت (شريك الأمس وتلميذه) بأنه يلهث خلف اليسار ولا يوجد له وزن انتخابي ولا جمهور، وأنه لن يكون بمقدوره حماية”إسرائيل” (كيان الاحتلال)، ولا الاستيطان، ولا توفير الحماية للمستوطنين كما يزعم نتنياهو، بل وأن نتنياهو هاجم الأحزاب المشاركة في الائتلاف الآخذ بالتبلور ووصفها بالتآمر على الدولة ومصالح الكيان، وقد أثارت تصريحاته المثيرة للجدل غضب أحزاب “كتلة التغيير”، التي اتفقت خلال حملتها الانتخابية على إسقاط نتنياهو وضرورة مغادرته لمنصبه لسلوكه المدمر، كما يقولون، للحياة السياسية “الإسرائيلية”.

مع قرب تشكيل حكومة جديدة.. الزلزال السياسي في كيان الاحتلال هل يطيح بنتنياهو؟

وكان نتنياهو قال بغضب: إن الحكومة تشكل خطراً على “إسرائيل”، وهي حكومة استسلام ورضوخ، ويجب ألا نقبل بها، وأن نكون ضد اليسار، وهي تصريحات مجنونة، كما قال رؤساء الأحزاب “الإسرائيلية”، حيث قال لابيد: إن خطاب نتنياهو غير مسؤول من شخص فقد كل القيود، واصفاً تصريحاته بالتحريضية، مؤكداً أن الأيام القادمة ستشهد عهداً جديداً في “إسرائيل”.

لن تحدث تطورات ونتنياهو سيراوغ

بدوره، علق المحلل السياسي صالح النعامي، المختص بالشأن “الإسرائيلي” لـ”المجتمع”، على ما يحدث في المشهد السياسي الصهيوني بالقول: إنه لأول وهلة يبدو أن حكم نتنياهو قد شارف على الانتهاء، وأن عهداً جديداً قد حل في الكيان مع اقتراب المؤشرات أن حكومة جديدة برئاسة يائير لابيد، زعيم المعارضة، في طور التشكيل مع نفتالي بينت، اليميني الذي سيتولى رئاسة الوزراء في المرحلة الأولى، لكن في تقديري أن هذا الحكم سابق لأوانه لعدة أسباب؛ الأول: هو أن مركبات الأحزاب التي ستشكل الحكومة العتيدة في كيان الاحتلال تختلف في كل شيء باستثناء اتفاقها على رفض حكم نتنياهو، هي متعارضة في كل قضايا الصراع، الموقف من الدين والدولة، النظرة للقضايا الاجتماعية.

وأكد النعامي أنه من المستحيل في ظل هذا التباين بين الأحزاب التي تشارك في الائتلاف التوصل لبرنامج مشترك في القضايا المختلفة.

النعامي: الحكومة الائتلافية المرتقبة بدون نتنياهو لن تعمر طويلاً.. وبينت طفولي

وأضاف: العامل الثاني الذي يقلص فرص خروج هذه الحكومة للعلن هي أن هناك احتمال أن نواب كنيست من الأحزاب اليمينية خاصة من حزب يمينا المتطرف من الممكن في آخر لحظة ألا يصوتوا للثقة على هذه الحكومة، وذلك تحت ضغوط هائلة يمارسها نتنياهو والأحزاب اليمينية على حزب يمينا، لكيلا يؤيدوا هذه الحكومة.

الليكود سيحارب تلك الحكومة

وأشار النعامي إلى أنه حتى لو تجاوزت مرحلة حصول هذه الحكومة على الثقة في الكنيست وباشرت عملها، فإن عمرها سيكون قصيراً جداً بسبب التباين والاختلاف في الأيدولوجيا والبرامج، خاصة ما يتعلق بحل القضايا المختلفة، سيما وأن الليكود سيعمد لتقديم مشاريع مختلفة للكنيست تتناغم وتوجهات اليمين، منها ما يتعلق بتهويد القدس والاستيطان والضم للضفة، وذلك لكي يحرج الأحزاب المشاركة في الائتلاف فيدفعها للتصويت لهذه القوانين مما سيعرض الحكومة للانهيار والتصدع.

وبيَّن النعامي أن بينت وهو شخصية طفولية مزاجية وسيستغل منصبه من خلال تبني إستراتيجيات متطرفة، وهو أول من دعا لضم 60% من مساحة الضفة، وهذه الحكومة وصفة جديدة للتصعيد مع الفلسطينيين.

أزمة مستمرة

أبو دقة: كل الأحزاب الصهيونية متفقة على تصفية القضية الفلسطينية وعلينا مواصلة النضال

من جانبه، قال القيادي في الجبهة الديمقراطية الفلسطينية عصام أبو دقة: إن الاحتلال يعيش أزمة حقيقية ولا يمكن لهذه الحكومة أن تكون قادرة على إخراج الاحتلال من أزمة النظام السياسي في ظل اختلاف الأيديولوجيات والبرامج، لافتاً إلى أنها لن تكون مؤهلة لقيادة أي عملية سياسية، ولن تتعاطى مع المتغيرات الجديدة التي أفرزتها معركة “سيف القدس”.

وأكد أبو دقة أنه ما زال المجتمع الصهيوني يضم غلاة المستوطنين والتطرف، ويجب الرهان على العامل الذاتي الفلسطيني وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني واستمرار الحراك الجماهيري للضغط على الاحتلال والمجتمع الدولي للاستجابة للمطالب العادلة للشعب الفلسطيني برحيل الاحتلال واستنهاض كل عناصر القوة، واستثمار الزخم والتعاطف الدولي الذي ترافق مع العدوان الأخير على غزة.

وأكد أبو دقة أنه من يعتقد أن حكومة لابيد ستكون مختلفة عن سابقتها فهو واهم؛ لأن كل الأحزاب تتمسك بالاستيطان والضم والتهجير والقوانين العنصرية.

Exit mobile version