“الإسلاموفوبيا” تطارد إيمانويل ماكرون في مالي ويهدد بالانسحاب

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مقابلة مع صحيفة “لوجورنال دو ديمانش” الفرنسية، نُشرت أمس الأحد، أنّ باريس ستسحب قوّاتها من مالي في حال سار هذا البلد «باتّجاه» إسلامي، بعدما شهدت انقلابا ثانياً خلال 9 أشهر.

سأنسحب!

وصرّح الرئيس الفرنسي، في مقابلته خلال زيارته لرواندا وجنوب أفريقيا: «قلتُ للرئيس المالي باه نداو: الإسلام الراديكالي في مالي مع وجود جنودنا هناك، هذا لن يحصل أبداً، لكن إذا سارت الأمور في هذا الاتّجاه، سأنسحب».

وتدعم فرنسا عبر «قوة برخان»، التي تضم نحو 5100 عنصر، ومنذ مطلع عام 2013م أعلنت فرنسا عن إطلاقها تدخلاً عسكرياً في مالي، وهو ما استمر حتى اليوم وفق أشكال متعددة سواء أكان منفرداً أم بغطاء إقليمي ودولي.

وتعد فرنسا من أكثر الدول تدخلاً عسكرياً في القارة الأفريقية، وارتبط ذلك بالحفاظ على النفوذ الفرنسي في المستعمرات السابقة، وبمصالح النخب الاقتصادية والعسكرية والسياسية الفرنسية المرتبطة بمثيلاتها الحاكمة في الدول الأفريقية.

محاربة الإرهاب قناع المصالح

ولم يكن الحال مغايراً في مالي فتحت ذريعة مكافحة الإرهاب أطلقت الرئاسة الفرنسية عملية “سيرفال” عقب استيلاء المتمردين الماليين على مدن مهمة شمال البلاد وتقدمهم نحو العاصمة، وهو ما قرع أجراس الإنذار بقوة في باريس خوفاً من تشكل واقع سياسي جديد في البلاد يخرج المستعمرة السابقة التي نالت استقلالها عام 1960م من فلك النفوذ الفرنسي المهيمن.

وممّا زاد في قلق صناع السياسة في باريس الخوف من التمدد المسلح في جارات مالي الحليفة لفرنسا كالنيجر والجزائر، وهو ما سينعكس على مصالح فرنسية حيوية في تلك المنطقة، وعلى سبيل المثال، فإن ثلث اليورانيوم الذي تُزود به المفاعلات النووية الفرنسية يأتي من المناجم الموجودة شمال النيجر غير بعيد عن الحدود المالية، وهذه المفاعلات تعد المصدر الرئيس للكهرباء في فرنسا.

استثمارات فرنسا في مالي

ولفرنسا استثمارات في مالي التي تحتوي على ثروات باطنية مهمة، فهي على سبيل المثال تعد ثالث أكبر منتج للذهب في أفريقيا، كما يعتقد أنها تملك ثروة ضخمة من النفط والغاز غير مستغلة في شمال البلاد وفرنسا من الأطراف التي تملك حقوق التنقيب في تلك المناطق.

بجانب أن وقوع مالي ضمن دول الساحل التي تعد ممراً لنقل البترول والغاز يجعلها فضاء للصراع الدولي، ومن هنا يكتسي تدخل فرنسا في المنطقة بعداً إستراتيجياً متعلقاً بمواجهة القوى الجديدة النشطة في أفريقيا كالصين والهند وتركيا.

تقمص دور حاكم الاستعمار

وهو ما يفضي إلى عامل أساسي في تحريك السياسة الخارجية الفرنسية مرتبط بالماضي الاستعماري لباريس، وسعيها إلى إثبات وجودها كقوة عظمى على الساحة الدولية بالعمل على فرض نفوذها على العديد من مستعمراتها السابقة، وهو ما تجلى في السلوك الذي وصف بـ”المهين” من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تجاه الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان إثر انفجار مرفأ بيروت، وتقمصه دور الحاكم الفرنسي للبنان إبان الحقبة الاستعمارية مطلع القرن الماضي.

Exit mobile version