تقترب الأزمة المالية التي تعانيها الكويت، بسبب جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط، من سقف لم يكن يتوقعه أكثر الخبراء تشاؤماً، لبلد معروف بثرائه ورخاء مجتمعه.
وما عاد الحديث عن تلك الأزمة في البلاد، يستثني سيناريو السحب من احتياطي الأجيال والعجز عن دفع رواتب الموظفين، بحسب ما أعلنته الحكومة في فترة سابقة، بل امتد إلى عدم قدرتها على تمويل مشاريع تمس استقرار المواطنين وتأمين حياتهم، كالقضية الإسكانية مثلاً، حيث كشفت اللجنة الإسكانية البرلمانية أنها تلقت بلاغاً من الحكومة يفيد بعدم قدرتها على تمويل مشروعي جنوب صباح الأحمد وجنوب سعد العبدالله الإسكانيين بسبب عجز الميزانية، الأمر الذي يهدد بضرب المشاريع الإسكانية برمتها في الدولة.
ويطلّ مشروع قانون الدين العام برأسه من نافذة تمويل المشاريع الإسكانية، باعتباره حلاً تريد الحكومة اللجوء إليه لسدّ العجز، ولطالما كان «الدين العام» موضوعاً خلافياً مع البرلمان، منذ ترحيله من المجلس السابق إلى هذا المجلس، وقد حذر نواب من أن يكون حديث الحكومة عن عدم قدرتها فتح اعتمادات مالية لتمويل المشروع الإسكاني المذكور «مدخلاً لفرض قانون الدين العام، المرفوض نيابياً».
كشف النائب صالح المطيري أن وزارة المالية والهيئة العامة للاستثمار أبلغتا لجنة الشؤون الإسكانية البرلمانية بعدم وجود اعتمادات مالية مخصصة لمنطقتي جنوب صباح الأحمد، وجنوب سعد العبدالله، وبالتالي لا يمكن تخصيص الطلبات للمواطنين من أصحاب الطلبات على قوائم الانتظار.
وقال المطيري لـ”القبس”: «فوجئنا بأن وزارة المالية لم تنجز الاعتمادات المالية، وكأنها وببساطة تقول لنا: إن العجز في الميزانية موجود، ومن الواضح أنها تدفع بالحديث عن ضرورة فرض قانون الدين العام».
وبيَّن أن «الناس كانت تتأمل خيراً في سرعة التوزيع، بعدما طال الحديث عن إزالة العوائق في جنوب سعد العبدالله، وبعدما انتهينا منها يأتي الرد الحكومي بهذه الطريقة، فهو أمر غريب لأن الواجب على وزارة المالية وضع الميزانية الكافية لهذه المشاريع، لا أن تأتينا بلا حل، هذه كارثة بحق أصحاب الطلبات والشعب الكويتي عموماً».
خُفا حنين
وأعرب المطيري عن استغرابه من «الموقف المعلن من وزارة المالية، التي جاءت بخفي حنين حين قالت: إنه لا توجد اعتمادات مالية، لأن هذا الكلام غير صحيح، هذه مشاريع كان من المفروض أن تكون لها أولوية لا أن تترك الأسر الكويتية الباحثة عن السكن من دون حل، فعدم جهوزية الحكومة خير دليل على فشل وزير المالية ورئيس الوزراء من بعده».
وبين أن وزارة المالية أبلغت الهيئة العامة للإسكان بعدم وجود الاعتمادات المالية لهذه المناطق بحجة العجز في الميزانية، مشيراً إلى أن ذلك «عذر أقبح من ذنب، لأن الأدهى من ذلك أن وزارة المالية التي غاب وزيرها عن الاجتماع المهم لم تقدم الحلول لهذا المأزق».
وأعلن المطيري عن عزم اللجنة الإسكانية «طلب جلسة خاصة قبل حلول عيد الأضحى لمناقشة هذا الأمر ووضع المسؤولين أمام مسؤولياتهم لكي يعرف الشعب الكويتي من يقف وراء تأخير المشاريع التي طال انتظارها».
وحذر من «استخدام القضية الإسكانية كرسالة لتمرير الدين العام الذي تريده الحكومة، وبواقع 5 مليارات دينار ولمدة 5 سنوات فهو أمر مرفوض»، مشدداً على أنه «لن نقبل بهذا الوضع ولدينا حديث طويل سنقوله في الجلسة الخاصة التي سنكشف فيها العديد من الحقائق».
القضية الأولى
بدوره، قال رئيس اللجنة الإسكانية البرلمانية فايز الجمهور: إن اجتماع الأخير مع الجهات الحكومية ذات الاختصاص، تناول بحث آلية التمويل لمشروعي جنوب صباح الأحمد وجنوب سعد العبدالله، مشيراً إلى أن النقاش لا يزال متاحاً في اجتماعات مقبلة، والبحث مستمر لتوفير سبل وطرق لتمويل المشاريع الإسكانية.
وشدد الجمهور على أن «كلنا أمل بعد الله تعالى في توفير حلول جذرية لحل القضية الأولى والمهمة لشعب الكويت، ألا وهي القضية الإسكانية».