عدم اهتمام الخيّرين بأيتام المعرفة!

تنفق الجمعيات الخيرية والمؤسسات المدنية والشخصيات الطيبة مليارات الدولارات على أعمالها الخيرية كل عام ولا سيما في رمضان، لكن جهودها تنصب بالكلية على محاربة أعراض الأسقام التي تعاني منها مجتمعاتنا ولا تتعامل مع الأسباب.

 ومن صور هذه المعضلة المزمنة قيامها بإطفاء حرائق التخلف المتمثلة في الفقر والمرض والحاجة، وعدم اهتمامها بمعالجة أسباب الحرائق وتجفيف منابع العوامل المشتعلة التي تجري في شوارع المدن وأزقة القرى، والمتمثلة أساساً في الجهل والأمية الفكرية وعدم تقدير الذات، والتي يعاني منها كثير من خريجي الجامعات وحملة الشهادات العليا، فضلاً عن أنصاف المتعلمين وأشباه المثقفين!

وللأسف الشديد فإن واقعنا يشهد بأنه يمكنك الحصول بسهولة على طعام ودواء وكسوة لآلاف المساكين، ويمكنك أن تجد من يكفل آلاف الأيتام، لكن من الصعوبة التي تقترب من الاستحالة، أن تجد من يطبع كتاباً يغذي العقول الجائعة للعلم النافع، فضلاً عن بناء مدرسة متميزة أو كفالة باحثين يتفرغون لإنتاج المعرفة التي تقيم وزنا للقيم الحضارية لهذه الأمة، وتبني شخصيات فاعلة تستطيع تجاوز حالة الغثائية الطاغية في بلداننا.

وستستمر الأزمات وتتوسع رقعة التخلف، ما لم يصبح إشباع العقول موازياً لإشباع الأجسام، إن لم يكن سابقاً له، وما لم يتم النظر لكفالة العلماء المتفرغين للبحث العلمي والإنتاج المعرفي بذات النظرة لكفالة الأيتام وأشد!

ــــــــــــــ

(*) أستاذ الفكر السياسي الإسلامي – جامعة تعز.

Exit mobile version