مصر.. سر إعدامات رمضان

انتقدت منظمات حقوقية مصرية ودولية ما قالت: إنه مخالفات قانونية واكبت إعدام 17 مصرياً، يوم الإثنين 26 أبريل 2021م، في قضية “كرداسة”، فيما ربط سياسيون ونشطاء بين شيطنة مسلسل “الاختيار 2” للإخوان المسلمين وتصوير مشاهد غير حقيقية نفاها القضاء المصري لتسريع تنفيذ الإعدامات في شهر رمضان.

ونص الباب الثاني من قانون الإجراءات الجنائية رقم (150) لسنة 1950 على عدد من الضوابط فيما يتعلق بتنفيذ عقوبة الإعدام، وذلك في المواد من (470) وحتى (477)، بيد أنه تمت مخالفة ثلاثة على الأقل من هذه الضوابط.

فقد تم تنفيذ الإعدامات في شهر رمضان رغم أن القانون أكد أنه “لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام في أيام الأعياد الرسمية أو الأعياد الخاصة بديانة المحكوم عليه”، وجرى العرف بأن قطاع مصلحة السجون بوزارة الداخلية لا ينفّذ أحكاماً بالإعدامات خلال شهر رمضان.

وقالت منظمة “أوقفوا عقوبة الإعدام في مصر” في رصدها لمخالفات تنفيذ الإعدامات للقانون المصري أنه لم يتم أيضاً إخطار محاميي المحكوم عليهم لحضور الإعدامات على خلاف القانون، فضلاً عن عدم السماح لأسرهم بلقائهم بالمخالفة للقانون.

حيث تنص المادة (472) من قانون الإجراءات الجنائية على أن “لأقارب المحكوم عليه بالإعدام أن يقابلوه في اليوم الذي يعيَّن لتنفيذ الحكم، على أن يكون ذلك بعيداً عن محل التنفيذ”، وهو ما لم يحدث ولا يحدث حيث نُفِّذ حكم الإعدام بحق 9 دون إعلام ذويهم بميعاد التنفيذ وعدم السماح لهم بمقابلتهم.

أيضاً أحد الذين نفذ فيهم حكم الإعدام مصاب بشلل الأطفال وهو عمرو محمد السيد سلمان، كانت الشرطة تريد القبض على شقيقه فلم يجدوه وأخذوا عمرو بدلاً منه.

وأبرز من تم إعدامهم هو شيخ القراء الشيخ عبدالرحيم جبريل وعمره 81 عاماً قضاها في تعليم الناس القرآن، رغم أن شهود النفي من الأهالي سجلوا شهادتهم في الشهر العقاري وقالوا: إنه لم يكن متواجداً في مكان التجمع أمام قسم شرطة كرداسة، وكان متواجداً في منطقة أخرى.

“العفو الدولية”: محاكمة جائرة

وأصدرت منظمة العفو الدولية بياناً قالت فيه: إن “إعدام 9 أشخاص في إعدامات مروعة في رمضان”، وقالت: إن التنفيذ تم بعد محاكمة بالغة الجور حيث تعتمد المحاكم بشكل روتيني على اعترافات “ملوثة بالتعذيب”.

وقالت: إنه ومن خلال تنفيذ عمليات الإعدام هذه خلال شهر رمضان المبارك، أظهرت السلطات المصرية تصميمًا لا يرحم على الاستمرار في استخدام عقوبة الإعدام المتصاعدة.

والأسبوع الماضي، كشف تقرير منظمة العفو الدولية السنوي عن عقوبة الإعدام أن عدد عمليات الإعدام المسجلة في مصر تضاعف 3 مرات في عام 2020م، مما يجعلها ثالث أكثر عمليات إعدام متكررة في العالم بعد الصين وإيران.

وجاءت مصر في المرتبة 110 بمؤشر نزاهة القضاء من بين 113 دولة، كما جاء ترتيبها في المرتبة 117 على مؤشر الفساد.

من تم إعدامهم 9 أم 17؟

حدثت بلبلة حول عدد من تم إعدامهم، حيث أعلنت منظمة “نحن نسجل” أنها وثقت إعدام 17، ونقلت تأكيد 6 أسر تلقيهم اتصالاً من وزارة الداخلية باستلام الجثث، بيد أن منظمات أخرى وصحف مصرية أشارت لإعدام 9 فقط من المحكوم عليهم بالإعدام في قضية كرادسة وعددهم الإجمالي 20.

ويقول محامون: إن من تم إعدامهم بالفعل، أمس الأول، عددهم 9 أفراد، بحسب الصحف الرسمية المصرية، ولكن لم يتم الاتصال سوى بأسر 6 من المعُدمين، هم: عبدالرحيم عبدالحليم عبدالله جبريل (83 عاماً)، وعلي السيد علي القناوي، ومصطفى السيد محمد يوسف القرفش، وعصام عبدالمعطي أبو عميرة تكش، وبجر عبد النبي محمود جمعة زقزوق، ووليد سعد أبو عميرة أبو غرارة.

ويؤكدون أن هذه ثاني دفعة يتم إعدامها من المحكوم عليهم، حيث سبق أن نفذت وزارة الداخلية حكم الإعدام في حق ثلاثة في القضية ذاتها، بتاريخ 4 أكتوبر 2020م، وهم: شحات مصطفى محمد علي الغزلاني عمار، سعيد يوسف عبدالسلام صالح عمار، وأحمد محمد الشاهد؛ ليرتفع بذلك عدد المنفذ فيهم الحكم في هذه القضية إلى 12 متهماً.

ويقولون: إن ما ساعد على هذه البلبلة أنه لم تصدر حتى الآن أي جهة حكومية أو تابعة لوزارة الداخلية بياناً رسمياً توضح فيه أسماء المنفذ بحقهم الإعدام وإجراءات التنفيذ التي اتبعتها مصلحة السجون في حضور النيابة العامة، كما هو مقرر قانوناً.

وكانت محكمة النقض المصرية أصدرت حكماً نهائياً بإعدام 20 شخصاً بعد اتهامهم بالاعتداء على مركز شرطة كرداسة في منتصف أغسطس 2013م وقتل 14 من ضباط وأفراد الشرطة، كما أصدرت أحكاماً بالسجن تتراوح بين 15 و25 عاماً على 134 آخرين في القضية نفسها.

ثاني إعدامات جماعية

وتعد هذه هي ثاني إعدامات فعلية وجماعية للإخوان، حيث سبق إعدام 9 شبان، في 20 فبراير 2019م، في قضية مقتل النائب العام هشام بركات رغم ثبوت تعذيبهم بالكهرباء للاعتراف باعترافات كاذبة، حسبما قالوا للقاضي.

أيضاً أيدت محكمة النقض، في 28 سبتمبر 2020م، إعدام 6 آخرين حكم عليهم القاضي شعبان الشامي بالإعدام فيما سمي قضية “عصابة كرداسة” أو “لجنة المقاومة الشعبية بكرداسة”.

ويقول نشطاء: إن الإعدامات بالجملة تنفي تماماً ما جرى ترويجه عن مصالحة بين الإخوان والحكومة المصرية، وما تردد عن لقاءات مزعومة بين قيادات من الإخوان، وعباس كامل، ومحمود السيسي.

ويؤكدون أن ترويج مسلسل “الاختيار 2” الذي يعرض حالياً في رمضان لقضية كرداسة وبث أكاذيب نفاها القضاء المصري كان بمثابة تمهيد لعمليات الإعدام الأخيرة.

حيث روج المسلسل لواقعة كاذبة تفيد أن امرأة شاركت في قتل ضباط قسم شرطة كرداسة، وأنها أعطت نائب المأمور مادة كيماوية (ماء نار) ليشربه عندما طلب ماء ليشربه، في إشارة إلى المعتقلة سامية شنن، التي اتهمت بالمشاركة في الأحداث وحكم عليها بالإعدام، قبل أن يخفف الحكم إلى السجن المؤبد.

وكانت تلك شائعة تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام عدة مرات، قبل أن تنفي المحكمة تلك الشائعة بنفسها في حيثيات حكمها، في يوليو 2017م، حيث قالت المحكمة في الحيثيات حينذاك التي نشرتها وسائل الإعلام المصرية: “إن المحكمة تهيب بمن يتحدث عن الدعوى أن يتحرى الدقة والحقيقة، وألا ينساق وراء شائعات مغرضة بقصد إثارة الرأي العام والنيل من القضاء وهيبته بنشر أخبار كاذبة عن واقعات وهمية لا أصل لها بالأوراق”.

Exit mobile version