البرلمان التونسي يرفض اعتقال نائب واستهجان واسع لمحاكمة مدنيين أمام القضاء العسكري

لا يعرف إلى الآن إن كان النائب بمجلس نواب الشعب التونسي راشد الخياري معتقلاً أم لا يزال حراً طليقاً، لدرجة أن صفحته الرسمية على “فيسبوك” لم تجب عن هذا السؤال، بل ونقلت السؤال نفسه دون إفادة، وذلك بعد صدور بطاقة جلب عسكرية في حقه، في الوقت الذي تجري فيه النيابة العمومية تحقيقات بخصوص الأدلة التي بحوزة الخياري التي من ضمنها تلقي الرئيس قيس سعيّد تمويلات أجنبية.

مذيوب: البرلمان دعا الخياري إلى تقديم إفادة بما جرى

وصدر العديد من المواقف التي ترفض مثول مدنيين أمام القضاء العسكري، في مقدمتها البرلمان التونسي الذي عقد اجتماعاً، ودعا الخياري إلى تقديم إفادة بما حصل ليتم التحرك على ضوئها.

وقد اعترف رئيس حملة قيس سعيّد الرئاسية فوزي الدعاس، الخميس الماضي، على إذاعة “موزاييك” الخاصة (التسجيل موجود ومنشور على موقع الإذاعة ومواقع التواصل الاجتماعي) بتمويلات من ضابط أمن السفارة الأمريكية بباريس، ولكن ذكر أن ذلك على سبيل القرض (سلفة).

البرلمان يتدخل

العياري: منصبا القائد الأعلى للجيش ووزير الدفاع لا تجعل منهما عسكريين بل هما مدنيان

من جهته، أكد عضو مكتب مجلس نواب الشعب ماهر مذيوب، الخميس الماضي، بأن مكتب المجلس دعا، في اجتماع استثنائي، النائب المستقل راشد الخياري إلى تقديم إفادة كتابية للمكتب للنظر في الإجراءات التي سيقوم بها المجلس على إثر صدور بطاقة جلب في حقه، كما نفى مذيوب ورود طلب رفع حصانة عن الخياري حتى يوم لخميس؛ لأنه لا يحق اتخاذ أي إجراء قضائي دون موافقة البرلمان.

وقال رئيس لجنة النظام الداخلي بمجلس نواب الشعب ناجي الجمل: إنه تمت المسارعة بإصدار بطاقة جلب ضد النائب المستقل راشد الخياري على خلفية الاتهامات التي وجهها لرئيس الجمهورية، واعتبر الجمل في تصريح لإذاعة “شمس أف أم”، يوم الخميس، أن القضية ليست من اختصاص القضاء العسكري لأن الخياري شخص مدني ووجه اتهامات لرئيس الدولة عندما كان مرشحاً للانتخابات الرئاسية.

ليس من اختصاص المحاكم العسكرية

الجمل: لا يمكن اعتقال نائب دون موافقة البرلمان

بدوره، عبر النائب بالبرلمان ياسين العياري عن رفضه لدعوة النائب المستقل راشد الخياري للمثول أمام القضاء العسكري عقب الاتهامات التي وجهها لرئيس الجمهورية بخصوص استفادته من تدخل ودعم أجنبي خلال الانتخابات الرئاسية.

واعتبر العياري، في تدوين على حسابه بموقع “فيسبوك”، أن القضية المنسوبة للخياري ليست من اختصاص المحكمة العسكرية، وأن مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية للمدنيين مقتصرة فقط على فصل وحيد المتعلقة بهضم معنويات عسكري أو الحط من معنويات الجيش.

وذكر العياري بأن الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي توجه ضد مواطن إلى القضاء المدني، وأن الإرهابيين المتورطين في إدخال الأسلحة وقتل الجنود والتآمر على أمن الدولة تمت محاكمتهم مدنياً.

وقال العياري: منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة ومنصب وزير الدفاع لا تجعل من أصحابها عسكريين! هما موظفان مدنيان.

الشابي: التسريبات تصبح ذات فائدة إذا كانت ستكشف ما كان مخفياً عن الرأي العام

لم يكن الوحيد

وعلق رئيس الهيئة السياسية لحزب الأمل أحمد نجيب الشابي على التصريحات والاتهامات الأخيرة التي وجهها النائب المستقل راشد الخياري ضد الرئيس سعيد واتهامه بتلقي دعم أجنبي، أن الخياري لم يكن أول من أثار هذه المسألة، فقد سبقه رئيس حزب “الشعب يريد”، في حوار كامل على صفحات جريدة “الصباح” بحكم كونه شاهد عيان.

وتابع، في حوار مع موقع “تونس الرقمية”: أعتقد أن المحكمة العسكرية غير مختصة للنظر في تصريحات الخياري، كما اعتبر الشابي أن طريقة التسريبات التي راجت أخيراً هي وسيلة غير أخلاقية، لكن إن كانت ستكشف معلومات كانت محجوبة عن الرأي العام فإنها تصبح ذات فائدة.

تهم مضحكة

بن عمر: بطاقة الجلب تهدد المكاسب التي حققتها الثورة

المحامي البارز المختص في مثل هذه القضايا منذ ما قبل الثورة سمير بن عمر قال: سبق وأن أبديت رفضي المبدئي لمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، أما وقد وقع نشر بطاقة الجلب الصادرة عن قاضي التحقيق العسكري بصفحات “فيسبوك” قريبة من الرئيس سعيد (وهي جريمة في حد ذاتها)، فإنه آن لي الآن أن أمد رجلي.

وتابع: التهم الموجهة إلى النائب راشد الخياري حسب بطاقة الجلب هي القيام بما من شأنه أن يضعف في الجيش روح النظام العسكري والطاعة للرؤساء أو الاحترام الواجب لهما، وانتقاد أعمال القيادة العامة أو المسؤولين عن أعمال الجيش بصورة تمس من كرامتهم، وتعمد المشاركة في عمل يرمي إلى تحطيم معنويات الجيش أو الأمة بقصد الإضرار بالدفاع الوطني والتآمر على أمن الدولة الداخلي، المقصود منه تبديل هيئة الدولة أو حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضاً بالسلاح، وربط اتصالات مع أعوان دولة أجنبية الغرض منها الإضرار بحالة البلاد التونسية من الناحية العسكرية!

طبق أحكام الفصول (91) من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية، و(60 مكرر ثالثاً)، و(61 مكرر ثانياً)، و(68)، و(72) من المجلة الجزائية!

الدعاس: الأموال التي تلقيتها كانت على سبيل سلفة

وعلّق قائلاً: هذه التهم المضحكة لم يسبق حتى للمجرم بن علي نفسه أن وجهها جميعاً ضد أحد خصومه، وهي تعكس استغلال الرئيس لنفوذه وسلطاته للتنكيل بخصومه السياسيين ولجم أفواههم في محاولة بائسة للمس من حرية انتقاد رئيس الجمهورية بدعوى أن أي انتقاد له من شأنه المس من الروح المعنوية للجيش وإضعاف روح النظام العسكري والطاعة للرؤساء والاحترام لهما ويصل إلى الاعتداء على أمن الدولة الداخلي.

وخلص إلى القول: محاكمة راشد الخياري أمام القضاء العسكري وبهذه التهم تعتبر عملية فرز حقيقية لأنصار مدنية الدولة والديمقراطية، وعلى كل أحرار تونس التصدي لهذا الانحراف الذي يهدد المكاسب التي حققتها الثورة.

Exit mobile version