الناظر إلى واقع القدس المحتلة وحياة المقدسيين فيها، يصدم من واقع الاستيطان، وعملية التمكين التي تقودها الجهات اليمينية في حكومة الاحتلال الصهيوني، ومصير 350 ألف مقدسي يقطنون أكثر من 18 حيا في مدينة القدس تتم محاربتهم بشتى الطرق والوسائل.
الاحتلال أجبر المقدسي على هدم منزله بيده خوفا من تكاليف باهظة تفرض عليه إذا قامت جرافات الاحتلال بهدم المنزل؛ فلا يوجد في العالم مواطن يهدم منزله بنفسه وعلى حسابه الشخصي!
خبير التخطيط المحاضر في جامعة حيفا البروفيسور “راسم خمايسي” من الداخل الفلسطيني يقول: “جماعات استيطانية تنهش في المدينة من كل جانب وصوب، والبلدية والداخلية الإسرائيلية تعملان ليل نهار لأسرلة وتهويد المدينة وتطبيق قرارات اللجان وأوامر الهدم وقرارات الحكومة وتعديل قانون التنظيم البناء ١١٦ الذي يزيد من حجم الغرامات على كل من يبني دون موافقة وترخيص من البلدية وتحول الكثير من الأبنية إلى الهدم الفوري“.
وأوضح خمايسي في معرض حديثه عن واقع مدينة القدس المحتلة وأهلها: “إن للمقدسيين حضورا قويا رغم كل السياسات والإجراءات الإسرائيلية الرامية لضرب الوجود والكينونة والهوية والحيز، إلا أن المقدسيين يشكلون اليوم أكثر من ٤٠٪ من عدد سكان القدس، وهذا العدد سيزداد في السنوات الـ١٠ المقبلة بشكل كبير؛ الأمر الذي يقلق الاحتلال الذي شرع بتطبيق ما يسمى بتعميق السيطرة وقرر تطبيق قرارات الحكومة التي كان جزء منها غير مفعل للحد من ذلك المستقبل المقدسي”.
وقال إن “الفلسطينيين في البلدة القديمة يشكلون أكثر من ٦٥٪ من سكان المدينة ومحيطها، وإن هذا الوجود والحضور الفلسطيني القوي بحاجة لتعزيز وتمكين من قبل الفلسطينيين والعرب والمسلمين“.
تعزيز عزل المدينة
هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أفادت في بيان لها أن المستوطنات الجديدة في جبل أبو غنيم تهدف إلى فصل شرقي القدس المحتلة عن مدينة بيت لحم وتعزيز عزل المدينة المحتلة والحياء العربية حتى لا يكون في المستقبل أي ترابط فيما بيتها “.
الخبير المقدسي بالخرائط د. جمال عمرو يقول عن سياسة تمكين السيطرة على الحياء المقدسية بمشاريع استيطانية: “إن تعزيز وتمكين المقدسيين واجب في هذه المرحلة الحرجة والحساسة من تاريخ المدينة والقضية، إذ أننا نتحدث عن ٧٥٪ من المجتمع المقدسي يعيش تحت خط الفقر وفق المقاييس الإسرائيلية، والمسح يشير إلى ارتفاع هذه النسبة ويتحدث عن مجتمع فقير دون مرجعية أو عون”، مشيرا أن “دولة الاحتلال لا تقوم بالتخطيط الكافي لتنمية وتطوير هذه الأحياء والقرى لتعيق تحويلها إلى مدينة، واستخدام التخطيط كأداة سيطرة، وتعيق عملية تسوية الأراضي وتقسيمها وتفتيتها، وكل ذلك أدوات ضمن مصفوفة السيطرة في مركبات (خشنة) ومركبات (ناعمة) للسيطرة على المقدسيين وأراضيهم، وتحويل القسم الأكبر منها لصالح الاستيطان والمستوطنين“.
إلى ذلك لفت البروفيسور خمايسي قائلا: “إسرائيل تستخدم رخصة البناء كأداة للسيطرة والهدم، وحولت المقدسيين من مواطنين عاديين يعملون ويحاولون تنمية وتطوير مجتمعهم ويثبتون وجودهم داخل المدينة إلى مواطنين مشردين يعيشون ظروف عدم استقرار يحملون أعباء ملفات جنائية تعيق عملهم وخططهم وقدرتهم الاقتصادية وإمكانية بقائهم في المدينة المحتلة في ظل مصفوفة إجراءات وقوانين وضرائب تهيئ البيئة الطاردة للمقدسي متوسط الحال، في ظل فقر وظروف اقتصادية صعبة“.