ضجَّتْ لغيبـةِ وجهِــك الشَّهباءُ |
وبكتْ بيومِ رحيلِـكَ العلماءُ |
|
ودمشقُ واجمةٌ وسائرُ شامِنا |
جـلَّ المصابُ وسارت الأنبـاءُ |
|
وهناك في أمِّ القرى عين بكتْ |
والإخوةُ الأبناءُ والآباءُ |
|
وعلى الثغورِ مجاهدون عيونُهم |
بالدمعِ فاضتْ والدموعُ وفاءُ |
|
واشتدَّ حزنُ القومِ فيك وإنَّمـا |
يُبْكَى الضحى إنْ هاجتِ الظلماءُ |
|
فلِمثلِ صوتِك عاشَ يُصغي جمعُنا |
في الشامِ لـم يَفْتِنْهُمُ السُّفهاءُ |
|
قد كنتَ بدرًا في سماءِ ربوعِنا |
ولـك المدارُ الحُلوُ واللألاءُ |
|
وتلوحُ إن دهتِ النوازلُ في الدجى |
كالصَّارمِ البتَّـارِ ليس يُساءُ |
|
بالحقِّ جالدْتَ الذين تلوَّنوا |
زورًا كمـا تتلونُ الحِـرباءُ |
|
ونهضتَ بالشَّرعِ الحنيفِ كمـا أتَتْ |
بِسَنَى علاهُ السُّنَّةُ الغــرَّاءُ |
|
تأبى المِـراءَ: غباءَ نفسٍ أدلجتْ |
والعينُ في تَطوافها عمياءُ |
|
يا صاحبَ التفسيرِ صفوتُـه لهـا |
في العالمين ــ أخـا الهدى ــ أصداءُ |
|
وعقيدةُ السَّلفِ الكرامِ نظمتَها |
فَهَفَتْ إلى أفيائهـا العقلاءُ |
|
يستجلبون النهجَ نهجَ نَبِيِّنَـا |
فَتُرَى عليه السِّيرةُ الحسناءُ |
|
فمؤلفاتُـك لـم تزلْ نورا لمَن |
نادتْ رؤاهُ الدعوةُ العصماءُ |
|
قـد عشتَها أيامَ خيرٍ ملؤُهـا |
التأليفُ والتبيانُ والإنشاءُ |
|
وأتيتَ بالقيمِ الأثيرةِ لا كمـا |
جاءت بهـا لفسادِهـا الآراءُ |
|
أمـا الميسرُ للبخاري فانثنى |
ــ لمَّـا بـدا في شرحه ــ الخبثاءُ |
|
أحقادُهم ركلت بأحذيةٍ ولم |
يصمد أمامَ بيانها اللؤماءُ |
|
فعقيدةٌ سبئيةٌ مأفونةٌ |
غمرتْ فصولَ غثائها الأنـواءُ |
|
ووقفتَ كالجبل الأشمِّ مؤيَّدًا |
بالحـقِّ حيثُ استعصمَ البلغاءُ |
|
شخصيةٌ نالت مكانـةَ رِفعةٍ |
لمَّــا تنلْها القِمَّةُ الجوزاءُ |
|
تسعون عامـًا ما لوتْ عـزمًـا سَخَا |
عند الهبوبِ بدربك النكباءُ |
|
إذ هكذا العلماءُ عاشوا في الورى |
لهـم السيادةُ : أهلُهـا الأكفاءُ |
|
هذي رسائلُك الكريمةُ صوتُهـا |
أصغى إليه شبابُنا المعطاءُ |
|
إذْ في العقيدةِ والصلاةِ وسِفرِها |
جَلَّـى هُداهـا النُّطقُ والإيمـاءُ |
|
أغرت رجالَ العلمِ في أزماننا |
ما عابهـا دجـلٌ ولا إخفــاءُ |
|
أمُّ القرى تبكي عليك مودةً |
وبها تطيبُ الدعوةُ السَّمحاءُ |
|
والمسجدُ الميمونُ لا ينسى وقد |
أوفى الحديثَ لأهلِـه الإفتاءُ |
|
وعكفتَ فيها باحثا متبحرًا |
في العلمِ لمَّـا حثَّـكَ الإحياءُ |
|
والمستشارُ بهيئة الإعجازِ لـم |
تجفلْ فأنتَ لركنهـا البنَّـاءُ |
|
فبها الهدى والعلمُ والأفذاذ عاشوها |
وفيهـا العصبةُ الحكماءُ |
|
تبقى من الحرمين تحملُ مشعلا |
للعالمين هُدىً يــدٌ بيضاءُ |
|
فللحرمين أعلامُ الهدايةِ إنهـم |
حِرزُ الهدى وجبينُهم وضَّـاءُ |
|
يا قائد العلماءِ في شامِ النَّدى |
ذلَّتْ أمامَ صمودك الأعداءُ |
|
والعزُّ للشعبِ الأبيِّ ولـم يزل |
في صفِّـه علماؤُه الفضلاءُ |
|
اللهُ يرفعُ قدرَهم بين الورى |
والشَّاهـدُ القرآنُ والعليـاءُ |
|
مضتِ القرونُ وذكرُهم باقٍ على |
أفقِ الخلودِ فشأنُـه الإعــلاءُ |
|
علماؤُنـا الأخيارُ مـا هـانوا ولا |
لانوا وحـالُ شعوبهم نكراءُ |
|
هاهم وقد طغتِ الخطوبُ وأوجعتْ |
كبدَ الشعوبِ الغارةُ الشعواءُ |
|
يسعون بين الناسِ لـم يهدأْ لهم |
بالٌ ولـم ترهبْهُمُ الهيجـاءُ |
|
هـم صفوةُ القوم الذين اختارهم |
ربُّ السَّـما -في العصرــ والغرباءُ |
|
علماءُ دينِ اللهِ في أقطارِنـا |
لهمُ الفدا والهمَّـةُ القعساءُ |
|
والموتُ حـقٌّ، فالمقالةُ والعَزَا |
ما ترتضيه المـلَّةُ الغــراءُ |
|
كم عالم لقي الشهادةَ باسما |
إذ بورك العلماءُ والشهداءُ |
|
وكم اشمخرَ بوجـهِ مَن ظلموا ومَن |
قتلوا الشعوبَ سفاهـةً وأساؤوا |
|
ما هـم سوى العلماءِ مَن وجدوا لهم |
إرثَ النَّبَيِّ ومنهم الفقهاءُ |
|
والصَّابرون على الأذى لـم يحفلوا |
بالنَّائباتِ وإنَّهـم سُمَحَاءُ |
|
تمضي الحياةُ وإنما غدا الجــزا |
للأشقياءِ، وللهــداةِ جــزاءُ |
|
في جنَّة الفردوسِ مأواهـم وفي |
طيبِ النعيمِ سيخلدُ السُّعداءُ |
|
تُزجَى لهم نفحـاتُ ربٍّ راحــمٍ |
ماشابهـم كــدرٌ ولا إعياءُ |
|
عذرًا فقيدَ ركابِنا، فلكم على |
أمثالِنـا شجنٌ طغى ورثاءُ |
|
ولقد بكينا يا محمدُ مَن قضوا |
وتلألأت بسمائنا الأسماءُ |
|
علماؤُنا شهداؤُنا، واللهُ لن |
ينسى وقد فاضت هناك دمــاءُ |
|
والأمَّـةُ الثكلى تنوحُ وتشتكي |
وكأنمـا أبناؤُهـا الضعفاءُ! |
|
لكنهـا صبرتْ، وآنَ لدينِهـا |
عــَوْدٌ لهـا وبـه لديك رجـاءُ |
|
فانصرْ إلهي أمَّــةً يحيـا بها |
مـا سَفَّهَ الطاغوتُ والإزراءُ |
|
ويعودُ بالإسلامِ وجــهُ زماننا |
طلقًـا تغرِّدُ حولـه الشعراءُ |
إلى فضيلة رئيس رابطة العلماء السوريين الأبرار الشيخ المجاهــد محمد علي الصابوني -يرحمه الله- في جنات الخلود إن شاء الله.