الجزائر.. احتساب “البطاقات البيضاء” يفجر خلافا حول الانتخابات البرلمانية

أثار قرار احتساب أصوات الناخبين الفارغة (البطاقات البيضاء) كصوت معبر عنه لجميع المرشحين في القائمة الانتخابية للبرلمان، جدلا واسعا بالجزائر.

وقال رئيس السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات في الجزائر، محمد شرفي، الأحد، إنه حتى الأوراق البيضاء التي لا تحمل أي اسم مرشح ستحسب على أنها صوت يوزع على جميع المرشحين خلال الانتخابات المقبلة.

وأوضح شرفي في حديث للإذاعة الحكومية أن “الأوراق الفارغة لا تحتسب كورقة ملغاة بل تعتبر أن الناخب منح صوته لكافة أفراد القائمة بالتساوي”.

معلقون رأوا في هذا القرار محاولة لإعطاء نفس من الشرعية لهذه للانتخابات، بينما ترفض شرائح واسعة المشاركة فيها.

وقال ياسين عبدلي، الناشط في الحراك الشعبي المطالب بـ”تغيير حقيقي” في الجزائر، إن القرار يكشف أن “النظام في مأزق بسبب رفض الجزائريين مماهاة السلطة في المسار الذي رسمته للبقاء رغم رياح التغيير القوية التي جاء بها الحراك”.

وفي حديث لـ “موقع الحرة” قال عبدلي إن “الهدف من هذه الخطوة هو تشجيع الناس على المشاركة لصالح أحد خيارات السلطة فقط”.

وقررت السلطات الجزائرية إجراء انتخابات برلمانية مسبقة شهر يونيو المقبل، إثر قرار الرئيس، عبد المجيد تبون، حل البرلمان الحالي الذي انتخهب خلال عهد الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، الذي استقال تحت ضغط الشارع الجزائري.

وغداة إعلان موعد الانتاخابات النيابية، أعلنت أحزاب معروفة بقربها من السلطة، مشاركتها بينما أعلنت أخرى مقاطعتها لموعد يونيو المقبل ولا سيما حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وحزب العمال.

يُذكر أن الرئيس تبون خلف بوتفليقة إثر انتخابات الرئاسة التي جرت في 12 ديسمبر 2019 وفضها الشارع الجزائري الذي كان يغلي على وقع المظاهارت المطالبة بتغيير حقيقي.

ولم تتعد نسبة المشاركة في تلك الانتخابات 41 في المئة.

وبينما احتفظ تبون بالمجلس الشعبي الوطني الذي انتخب في عهد بوتفليقة حتى مرر مشروع تعديل الدستور الذي اقترحه، قرر مؤخرا حلّه وإجراء انتخابات تشريعية مسبقة.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، عبد الحميد نوري، يرى بأن احتساب “الصوت الأبيض” على حد وصفه لصالح جميع المرشحين هدفه تشجيع الترشح لعضوية البرلمان وسط “تجاهل” النخبة لهذا الموعد الذي تهدف من خلاله السلطة “إضفاء الشرعية على نفسها”.

وخذر نوري في حديث لـ “موقع الحرة” من النتائج العكسية لهكذا قرار وقال إن “من شأنه التشجيع على المقاطعة” بدل التشجيع على الترشح أو الانتخاب.

يقترح نوري بدلا من ذلك، فتح أبواب الحوار الحقيقي مع من يصفها بـ”النخبة الحقيقة” ثم التحضير لبرلمان ممثل شرعيا وليس تنظيم انتخابات “على جناح السرعة قد نضطر بعدها لحل البرلمان مجددا”.

لكن عضو حزب التجمع الوطني الديمقراطي، عبد الرحيم بوناب، يرى بأن الانتخابات المقبلة “على العكس مما يروج له على مواقع التواصل الاجتماعي من شأنها أن تعطي دفعا جديدا لحركة بناء مؤسسات الدولة على أرضية مطالب الحراك الشعبي.

وشدد الرجل على أن قرار احتساب الأصوات الفارغة لصالح جميع المرشحين “الهدف منه محاربة التزوير وإلحاق تلك الأصوات بمرشح معين”.

لكن الناشط الجزائري، ياسين عبدلي، يقول إن القرار يخدم بالدرجة الأولى “أحزاب السلطة” التي فقدت شرعيتها بعد الحراك الذي أسقط الكثير من الأقنعة، وكشف الحجم الحقيقي لتلك التشكيلات السياسية التي خدمت النظام على مدى عشرات السنين.

وقبل أسبوعين، غداة إعلان يوم 12 يونيو، موعدا للانتخابات التشريعية، خرج الآلاف من متظاهري الحراك الاحتجاجي في العاصمة الجزائرية رفضاً للانتخابات ورددوا شعارات منددة رافضين المشاركة في أي استحقاق انتخابي قبل تحقيق مطالب الحراك.

واستأنف متظاهرو الحراك الاحتجاجي مسيراتهم الأسبوعية، كل يوم جمعة، منذ إحياء الذكرى الثانية للتحرك الشعبي في 22 فبراير الماضي.

وكان الرئيس تبون اعتبر أن قرار حل المجلس الشعبي الوطني، وإجراء انتخابات مبكرة، جاءا استجابة لمطالب الحراك الاحتجاجي.

Exit mobile version