لماذا اعترفت كوسوفو كأول دولة إسلامية بالقدس “صهيونية”؟

أصبحت دولة كوسوفو الإسلامية هي أول دولة أوروبية تعترف بالقدس كعاصمة للدولة الصهيونية فعلياً، بعدما افتتحت رسمياً الأحد 14 فبراير 2021، سفارتها في القدس، وسط حفاوة “إسرائيلية”.

ووصفت إيناس الدميري، أول قائم بالأعمال في سفارة كوسوفو بالقدس، عبر حسابها على “تويتر”، فتح سفارة القدس بأنها “لحظة فخر وتاريخية”، و”أعظم شرف في حياتي هو أن أحظى بهذه الفرصة لفتح السفارة وخدمة بلدي بفخر في إسرائيل”.

 https://twitter.com/InesDemiri1/status/1371084477414453250

وستحصل بريشتينا مقابل إقامة بعثتها الدبلوماسية في القدس، كأول دولة بغالبية مسلمة تعترف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، على اعتراف “تل أبيب” باستقلال كوسوفو عن صربيا.

الحكومة الحالية قد تُزاح في المستقبل القريب بسبب قرار التطبيع

وجاء افتتاح كوسوفو رسمياً سفارتها الجديدة في القدس بعد ستة أسابيع من إقامتها رسمياً علاقات دبلوماسية مع “إسرائيل”، في أول فبراير 2021.

سبق هذا، في 4 سبتمبر 2020، إعلان الرئيس الأمريكي السابق ترمب مفاجأة على هامش قمة حول “التطبيع الاقتصادي” بين صربيا وكوسوفو، بكشفه أنه انتزع اعتراف بريشتينا بـ”إسرائيل”، وفتح سفارة في القدس.

وفي اليوم نفسه، كتب رئيس كوسوفو هاشم ثاتشي يقول على “تويتر”: “أرحب بإعلان رئيس الوزراء “الإسرائيلي” نتنياهو عن نيته الصادقة حيال الاعتراف بكوسوفو وإقامة علاقات دبلوماسية معها، وكوسوفو، من جانبها، ستوفي بوعدها بنقل بعثتها الدبلوماسية إلى القدس”.

 https://twitter.com/HashimThaciRKS/status/1301928740201607168

 

إرتان: قرار تطبيع العلاقات مع “إسرائيل” محزن ومثير للتساؤل

وبذلك باتت كوسوفو هي أول دولة إسلامية تنقل سفارة للقدس، ورابع دولة في العالم تنتهج هذا النهج التطبيعي عقب نقل أمريكا سفارتها هناك واعترافها بها عاصمة للدولة الصهيونية، واتباع جواتيمالا والتشيك ثم كوسوفو لها.

واعترفت إدارة ترمب بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، في أواخر عام 2017، ونقلت السفارة الأمريكية إلى هناك، في مايو 2018.

وتبعتها جواتيمالا بفتح سفارة لها هناك، ثم افتتاح التشيك مكتباً دبلوماسياً في القدس، في 11 فبراير 2021، كفرع لسفارتها في “تل أبيب”، وأخيراً نقل سفارة كوسوفو للقدس، في 14 فبراير 2021.

رفض شعبي

وهذا الموقف الرسمي الكوسوفي لا يعبر عن موقف الشعب، الرافض للصهيونية الذي يخرج كثيراً ليعلن تضامنه مع الشعب الفلسطيني، ففي عام 2014 خرجت المظاهرات في مدن كوسوفو تنديداً بالمجازر “الإسرائيلية” التي ارتكبها في قطاع غزة.

9 دول عربية اعترفت بكوسوفو هي مصر واليمن وليبيا ودول الخليج الست

وانتقد سياسيون كوسوفيون تمرير اتفاق الاعتراف بـ”إسرائيل”، وقالوا: إنه تم بصورة أحادية دون عرضه على البرلمان ما يشكك في دستوريته.

ويعتبر تيار كبير داخل الشارع الكوسوفي الاتفاق مع “إسرائيل” خطوة أحادية من السلطة الحاليّة لا تعبر عن إرادة الشعب الرافضة لأي تقارب مع دولة الاحتلال، مستندين في ذلك إلى تولي حزب “رابطة كوسوفو الديمقراطية” المنتمي إلى يمين الوسط، قيادة الحكومة دون إجراء انتخابات، ومن ثم لا يعكس إرادة الشعب الكوسوفي.

ويقول كثير من الكوسوفيين: إن الحكومة الحالية قد تُزاح في المستقبل القريب، وإن قرارها بتطبيع العلاقات مع “تل أبيب” قد يصبح أحد الأسباب الرئيسة التي تدفع الناس إلى طرد مسؤوليها من السلطة.

وقد وصف السياسي الكوسوفي إرتان سيميتشي قرار بلاده بتطبيع العلاقات مع “إسرائيل” بأنه “وضع محزن ومثير للتساؤل”، وانتقد النظام الحاكم؛ الرئيس والحكومة، على هذا التحرك الذي وصفه بأنه “ظالم وغير أخلاقي”، ولا يتماشى مع مكانة القضية الفلسطينية لدى الشارع الكوسوفي، بحسب تصريحاته لموقع “التلفزيون التركي” (TRT)، في 11 سبتمبر 2020.

أيضاً أثار قرار كوسوفو انتقادات ليس فقط من الدول ذات الأغلبية المسلمة مثل تركيا، لافتة إلى أن التفكير في هذه الخطوة انتهاك واضح للقانون الدولي، حيث لا تزال المدينة محتلة ولا تخضع للسيادة الصهيونية.

وتعتبر هذه الخطوة التي أقدمت عليها كوسوفو (ذات الغالبية المسلمة) خروجاً على إجماع الدول الإسلامية.

9 دول عربية اعترفت

يرى مراقبون أن سبب افتتاح كوسوفو سفارة لها في القدس هو سعيها للحصول على اعتراف المزيد من دول العالم بها بعد انفصالها عن صربيا عقب الحرب الدموية هناك، ولإرضاء أمريكا التي ساعدتها على التحرر من الصرب.

حيث أعلنت كوسوفو استقلالها عن صربيا، في عام 2008، بعد 9 سنوات من شن “الناتو” بقيادة أمريكا حملة جوية استمرت 78 يومًا ضد صربيا لوقف حملة قمع دموية ضد المسلمين في كوسوفو.

وقد أعلنت “إسرائيل” اعترافها بها، في سبتمبر 2020، مقابل اعتراف كوسوفو بسيطرتها علي القدس ونقل سفارتها إلى هناك، لفرض أمر واقع على الدول الإسلامية وتشجيعها على الاعتراف بسيادتها على القدس المحتلة.

وأعربت كوسوفو في مناسبات مختلفة عن خيبة أملها لعدم اعتراف الدول العربية والإسلامية بها عقب استقلالها خشية تضرر مصالحهم مع صربيا، والتضحية بالأخوة الإسلامية.

واعترفت 9 دول عربية لاحقاً بكوسوفو، هي مصر واليمن وليبيا ودول الخليج الست، فيما لا تزال 14 دولة عربية غير معترفة بها.

وألحت كوسوفو على أهمية اعتراف مصر بها خاصة بعد ثورة يناير 2011، وتقدير مصر الجديدة لقيمة الحرية وبشكل أخص في ظل تولي التيار الإسلامي الحكم في مصر وهو التيار الذي ساند استقلال البوسنة والهرسك مساندة إنسانية كبيرة.

وقبل الانقلاب العسكري في مصر بأسبوع، أعلنت حكومة الرئيس الراحل محمد مرسي اعترافها بكوسوفو في 26 يونيو 2013.

وفي 3 مارس 2020 إثر حملة شنتها صربيا لإثناء دول عن الاعتراف بكوسوفو أعلن وزير الخارجية الصربي إيفيكا داتشيتش سحب 18 دولة اعترافها بكوسوفو.

أضاف: حالياً، من بين 193 عضواً في الأمم المتحدة، اعترفت 92 دولة باستقلال كوسوفو، و96 دولة لا تعترف بذلك، وهناك 5 دول أخرى لديها موقف غامض، وأكد أن هذا يعني أن كوسوفو لم تعد لها أغلبية في الأمم المتحدة.

وهناك 111 دولة أعضاء في الأمم المتحدة تعترف بكوسوفو كدولة مستقلة حالياً من بين 193 دولة، ولم تحصل كوسوفو بعد على اعتراف الصين وروسيا وخمسة أعضاء من دول الاتحاد الأوروبي، باستقلالها.

“حماس” تستنكر

واستنكرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الإثنين الماضي، إعلان وزارة خارجية كوسوفو فتح سفارة لها في مدينة القدس المحتلة.

وقال الناطق باسم الحركة حازم قاسم في تصريح مكتوب: “الإعلان عن فتح سفارة لكوسوفو في مدينة القدس، انتهاك فاضح لكل القرارات الدولية والمواثيق الإنسانية، وانحياز سافر للاحتلال الصهيوني”.

وأضاف: “هذا القرار من دولة مثل كوسوفو يأتي بتشجيع من خطوات التطبيع التي قامت بها بعض الأطراف العربية مع الاحتلال”.

وشددت حركة “حماس” على أن مدينة القدس ستبقى فلسطينية، وستظل هويتها عربية أصيلة، وكل محاولات الاحتلال لن تغير من حقائق التاريخ شيئًا.

والأحد، أعلنت وزارة خارجية كوسوفو في بيان، فتح بعثة دبلوماسية لها لدى الاحتلال، في مدينة القدس المحتلة.

وفي 4 سبتمبر 2020، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، اتفاق كوسوفو والاحتلال “الإسرائيلي”، على إقامة علاقات دبلوماسية.

Exit mobile version