هل تنجح مساعي كندا وهولندا بتجاوز “فيتو” موسكو وبكين لمحاسبة نظام الأسد؟

مع حلول موعد الذكرى العاشرة للثورة السورية التي توافق غداً الإثنين 15 مارس، تشهد الساحة الدولية تحركات حثيثة، وتصريحات من مسؤولين غربيين رفيعي المستوى، تطالب بمحاسبة مجرمي الحرب في سورية.

وسبق أن اصطدمت الجهود الدولية لمحاسبة نظام الأسد، في مجلس الأمن الدولي، التي سعت إلى إحالة انتهاكات حقوق الإنسان في سورية، وتحويلها إلى المحكمة الجنائية الدولية، بحق النقض (الفيتو) للعضوين الدائمين في المجلس، اللذين يقدمان الحماية والرعاية للنظام في مواجهته لشعبه منذ اندلاع ثورته السلمية عام 2011م.

خطوات كندية هولندية

ورغم نجاح موسكو وبكين في تعطيل أي قرار أممي لمحاسبة النظام السوري، فإن المساعي الدولية لم تتوقف بهذا الصدد، وسعت العديد من الدول والمنظمات الحقوقية الدولية، لوضع النظام تحت طائلة المسائلة والمحاسبة، وآخر هذه المساعي صدرت عن وزير الخارجية الكندي مارك غارنو، ووزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك، اللذين أعلنا التزام بلديهما بدعم الجهود الدولية لوضع النظام السوري تحت طائلة التحقيق والمحاسبة.

وقال الوزيران، في بيان مشترك، الجمعة الماضي: “بعد عشر سنوات من الاحتجاجات في سورية لا تزال الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان مستمرة حتى يومنا هذا”.

وأضافا في البيان الذي نشر على صفحة وزارة الخارجية الكندية المخصصة لسورية في موقع التدوينات القصيرة “تويتر”: “بمواجهة هذه الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، ستتخذ كندا ومملكة هولندا خطوات إضافية معاً لمحاسبة سورية، بما في ذلك انتهاكات حقوق الإنسان والتعذيب على وجه الخصوص، وسنحاسب نظام الأسد على انتهاكاته لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب ونطالب بالعدالة لضحايا جرائم النظام المروعة”.

وأكد الوزيران، في بيانهما، التزام بلديهما بـما وصفاه “محاولة صادقة لحل النزاع في سورية من خلال المفاوضات”، وأكدا أنه في حال عدم حل النزاع في الوقت المناسب “فسيكشف البلدان إمكانية اتخاذ إجراء قانوني مشترك بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب”.

يشار إلى أن مملكة هولندا أرسلت، في سبتمبر العام الماضي، مذكرة قانونية إلى حكومة نظام الأسد في سورية، طالبتها فيها بإيضاح أسباب المخالفات الجماعية الجسمية لحقوق الإنسان، وانضمت كندا، مطلع الشهر الجاري، إلى هذا الجهد، حيث طالبت بإجراء مفاوضات رسمية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، الموقّع عليها النظام السوري، بهدف محاسبته على انتهاكات حقوق الإنسان.

وفي ذات السياق، صدر عن وزارة الخارجية الأمريكية موقف جديد، أكدت فيه سعيها لتحقيق العدالة في سورية.

وقال مساعد وزير الخارجية الأمريكي جوي هود، في تسجيل مصور (فيديو) نشر على موقع سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في سورية: إن “الولايات المتحدة تقف إلى جانب الشعب السوري، وهي ملتزمة بشدة بالسعي لتحقيق العدالة لضحايا الفظائع التي ارتكبها نظام الأسد”.

وأكد هود التزام بلاده بتحقيق العدالة ومحاسبة النظام على “الفظائع” التي ارتكبها بحق السوريين.

 مطالب بتجاوز شلل مجلس الأمن

منظمة العفو الدولية طالبت مجلس الأمن الدولي بتجاوز الشلل الذي يعانيه بسبب استخدام حق النقض (الفيتو)، داعية إياه للدفع باتجاه إجراء المساءلة على الانتهاكات المستمرة في سورية لضمان محاسبة مرتكبي هذه الجرائم.

وأصدرت المنظمة الدولية بياناً في الذكرى العاشرة للثورة السورية ذكرت فيه أن “الانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري طيلة العقد الماضي، شملت هجمات برية وجوية ضد المدنيين، واحتجاز وتعذيب للمعتقلين، إضافة إلى عمليات الحصار والتجويع”، وطالبت مجلس الأمن “بالدفع باتجاه إجراء المساءلة على الانتهاكات المستمرة لضمان محاسبة مرتكبي جرائم الحرب في سورية”.

وأشارت المنظمة إلى أنه “بدون إقامة العدل، فإن دوامة إراقة الدماء والمعاناة ستستمر في سورية”، منوهةً إلى أن “الوقت قد حان للدول كي تدرك أنها لا تستطيع تجاهل العدالة والمساءلة، إذا أرادت أن تظهر أي بارقة أمل في مستقبل آمن ومشرف للشعب السوري”.

ونقل البيان عن نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في منظمة العفو الدولية لين معلوف قولها: إن “أعضاء مجلس الأمن الدولي يملكون السلطة والتفويض لمساعدة الشعب السوري، وبدلاً من ذلك خذلوه خذلاناً تاماً، وبعد مضي عشر سنوات، يستمر مرتكبو الانتهاكات المروعة، ومن بينها الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، في التسبب بمعاناة هائلة للمدنيين فيما يفلتون من قبضة العدالة”.

واستدركت معلوف: “لقد أساءت روسيا والصين مراراً وتكراراً استخدام سلطة حق النقض لتقييد دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود التي تنقذ الأرواح، ولمنع إحالة الوضع في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية، وعرقلة إصدار القرارات التي يمكن أن تفرض حظر الأسلحة أو العقوبات الهادفة على الأشخاص المنتمين إلى كافة الأطراف والمسؤولين عن ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”.

وأشارت المسؤولة في منظمة العفو الدولية إلى أن “الدول وضعت بلا خجل ولمدة أطول كثيراً مما ينبغي الولاءات والمصالح السياسية قبل أرواح ملايين الأطفال، والنساء والرجال، وسمحت فعلياً باستمرار مسلسل الرعب في سورية من دون أن تلوح نهايته في الأفق”.

وختمت بالقول: “لقد حان الوقت للدول التي تدعم القوات الموجودة على الأرض كي تدرك أنها لا تستطيع تجاهل العدالة والمساءلة، إذا أريد أن تظهر أي بارقة أمل في مستقبل آمن ومشرف للشعب السوري”، بحسب البيان.

جدير بالذكر أن روسيا والصين استخدمتا حق النقض (الفيتو) 15 مرة، منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011م، ضد قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الرامية إلى ردع الانتهاكات التي أقدم عليها النظام في مواجهة الاحتجاجات السلمية المطالبة بالحرية والعدالة، التي تحولت إلى مواجهات عسكرية، بعد أن استخدم نظام الأسد القوة الفتاكة للدولة للبطش بمعارضيه، وتسبب ذلك في تدخل دولي وإقليمي واسع في سورية خصوصاً من قبل إيران وروسيا اللتين وقفتا بكل إمكاناتهما في دعم النظام بمواجهة الاحتجاجات.

Exit mobile version