لماذا رفضت إيران المحادثات “غير الرسمية” مع أمريكا حول الخطة الشاملة؟

نشر موقع “إنسايد آرابيا” تحليلاً سياسياً مطولاً للمحلل الاستخباراتي ومستشار السياسة الخارجية في إيران من عام 2008 إلى 2010م ميسم بهرافيش عن أسباب رفض إيران المحادثات غير الرسمية مع أمريكا حول الخطة الشاملة.

استهل تحليله قائلاً: بعد حوالي أسبوعين من توصل المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إلى “تفاهم تقني” مع إيران يمدد المراقبة المعززة لأنشطتها النووية لمدة ثلاثة أشهر، رفضت طهران عقد اجتماع “غير رسمي” اقترحه الاتحاد الأوروبي مع الولايات المتحدة، لمعالجة الاتفاق النووي المتعثر لعام 2015م، والمعروف رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة JCPOA)).

ويستعرض الكاتب أسباب رفض إيران هذا الحوار وما تداعياته على خطة العمل المشتركة؟ التي يمكن إيجازها على النحو التالي:

أولاً: يعتبر رفض طهران المشاركة في محادثات “غير رسمية” مع الولايات المتحدة تقديراً إستراتيجياً مناسباً للإجراءات التي اتخذها بايدن حتى الآن، حيث تدرك طهران جيداً أن قرار بايدن لن يحقق النتيجة المطلوبة بالاستمرار في سياسة الضغط الأقصى التي كان ينتهجها سلفه ترمب الذي أعلن عام 2018م انسحاب بلاده أحادياً من الاتفاق وأعاد فرض عقوبات قاسية على طهران التي ردت بعد نحو عام ببدء تراجع تدريجي عن غالبية التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق، وتدرك كذلك أن بايدن لن يدفع بالمزيد من العقوبات ضدها مما يجعل أي محاولة للمفاوضات عديمة الجدوى ولكنها مكلفة أيضًا من الناحية السياسية مع قرب الانتخابات الرئاسية في إيران.

ثانياً: فيما يبدو أن إيران جادة في قرارها عدم الدخول في المفاوضات مجدداً قبل رفع العقوبات، وهذا ما أكده المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي بقوله: طهران أكدت مراراً وتكراراً أنها لن تستأنف المحادثات النووية، يجب على إدارة بايدن أولاً رفع العقوبات التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترمب.

ثالثاً: الرفض الإيراني لم يكن مفاجئًا من منظور علم التفاوض السياسي، بل كان منطقيًا وإستراتيجياً من وجهة النظر الإيرانية على الأقل، فبالنسبة لطهران، لا فائدة من التفاوض تحت الضغط الأقصى، وهي نفس السياسة التي يتبعها بايدن رغم أنه كان يدينها باعتبارها إرثًا لسلفه دونالد ترمب.

رابعاً: في 15 فبراير، سمح الرئيس بايدن بتنفيذ أول عمل عسكري في فترة ولايته -ضد القوات الموالية لإيران في شرق سورية- ردًا على هجوم صاروخي للمليشيات على قاعدة عسكرية أمريكية في مطار أربيل الدولي في كردستان العراق أسفر عن مقتل مقاول فلبيني وأصيب 5 أمريكيين، وفقًا للمتحدث باسم البنتاغون جون كيربي، وخلفت الضربات الجوية الأمريكية مقتل عضو في جماعة كتائب حزب الله شبه العسكرية التي ترعاها إيران وإصابة 4 آخرين، على الرغم من أن واشنطن أرسلت رسالة خفض التصعيد إلى طهران عبر القناة السويسرية بعد ذلك، هذه المواجهة زادت الاحتقان في الأجواء السياسية للمحادثات “غير الرسمية” بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة.

خامساً: قبل فترة وجيزة من رفض طهران، وزعت واشنطن مسودة من ثلاث صفحات على أعضاء مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في 25 فبراير، حثت على توجيه اللوم لإيران بشأن تحديها النووي المتصاعد، بعدها أبدت الدول الأوروبية المنضوية ضمن الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، وهي فرنسا وألمانيا وبريطانيا، قلقها من إعلان طهران أنها تتقدم في أبحاثها بشأن إنتاج معدن اليورانيوم، داعية إياها إلى عدم المضي في الخطوة التي تشكل تراجعاً إضافياً عن التزاماتها بموجب اتفاق فيينا، وهو ما تعتبره طهران تحشيداً لأطراف الاتفاق  ضدها وهو ما يعوق أي مفاوضات قادمة.

سادساً: الأهم من ذلك؛ أن إدارة بايدن لم تتخذ أي إجراء جوهري لتخفيف عقوبات عهد ترمب –من وجهة نظر إيرانية- حتى في الوقت الذي لا تزال تواجه إيران فيه أزمة فيروس كورونا، وهي الأسوأ في الشرق الأوسط التي أسفرت عن أكثر من 60 ألف حالة وفاة وما يزيد على 1.6 مليون إصابة، كما لم ترق واشنطن إلى مستوى التوقعات الإيرانية بشأن تسهيل وصول إيران إلى أصولها المجمدة في دول أخرى.

Exit mobile version