ذكري مجزرة “خوجالي” التي ارتكبها الأرمن ضد مدنيين عزل

مجزرة “خوجلي” التي ارتكبها الأرمن ضد مدنيين أذريين عزل تعتبر واحدة من أبشع المجازر التي ارتكبت في التاريخ الحديث بعنصرية وتعصب عرقي وطائفي منقطع النظير. هذه المذبحة التي ارتكبت في العقد الأخير من القرن العشرين لم تأخذ حظها من الانتشار، ولم يدر بها إلا القليل وخصوصا من الناطقين بالعربية، رغم أن الحديث عن مذابح الأرمن المزعومة، التي يقال إنها ارتكبت في بدايات القرن الماضي، يملأ الآفاق العربية والعالمية

في يومي 25 و26 فبراير 1992م ارتكبت وحدات من الجيش الأرميني مذبحة مروعة في منطقة خوجالي الواقعة بإقليم قرة باغ الذي كانت تحتله أرمينيا، وراح ضحية المجزرة 613 مدنيًا، منهم 106 نساء و83 طفلًا و70 مُسِنًّا، كما أصيب 487 بجروح بالغة، هذا بالإضافة إلى القبض علي 1275 رهينة واختفاء 150.

وقد كشفت شهادات الناجين وفحوصات الطب الشرعي تعرُّض سكان المنطقة لتعذيب وحشي على يد القوات الأرمينية، تضمنت سلخ جلد الرؤوس وتشويه الأبدان بتقطيع أعضائها من دون تمييز بين النساء والأطفال وكبار السن. كما أظهرت التسجيلات المصورة قطع رؤوس الضحايا وحرق الجثث وبقر بطون الحوامل.

الأكثر دموية في التاريخ الحديث

  بدأ الأرمن بمحاصرة مدينة خوجالي التي تضم المطار الوحيد في المنطقة كما أنها تقع على الطريق الرئيسي الذي يربطها بمدينتي خانكندي وأجدام اللذان يحصل الأرمن على المساعدات العسكرية، واعتبارًا من يوم 25 من فبراير 1992 كثفت قوات الأرمن هجماتها العسكرية على المنطقة وذلك بالتعاون مع الفوج السوفيتي 366 الذي كان متمركزًا بالقرب من مدينة خانكندي الأذربيجانية.

ووفقًا للتحقيقات التي أجرتها الحكومة الأذربيجانية بناءً على شهادة 2000 ناجٍ من المذبحة قامت قوات الأرمن بتعذيب الأهالي وحرقهم أحياء، هذا بالإضافة إلى ذبح بعض الضحايا وقطع آذانهم وتقشير رؤوسهم وجدع أنوفهم واقتلاع عيونهم وتشويه أعضائهم التناسلية اضافة لعمليات القتل الجماعي.

وأما عن الأضرار المادية فقد بلغت قيمتها نحو 170 مليون دولار. ونتيجة لهذه المجزرة البشعة وما بثتّه من رعب في أرجاء المنطقة اضطر أكثر من مليون مواطن أذري إلى ترك ديارهم.

العالم يشهد على المجزرة

يقول الصحفي الفرنسي جان إيف يونت: “لقد سمعت الكثير عن الحرب، وقرأت كثيرًا عن غدر الفاشيين الألمان، ولكن الأرمن فاقوا ذلك بقتلهم الأبرياء والأطفال في عمر الخامسة والسادسة”.

بعد المجزرة بأيام وفي عددها الصادر بتاريخ 4 من مارس 1992 عنونت صحيفة “تايمز” اللندنية خبر المذبحة كالتالي: “معظم القتلى ممثل بجثثهم، وطفلة صغيرة لم يبق إلا رأسها”، أما بالنسبة لصحيفة “لو موند” الفرنسية فقالت: “الصحفيون الأجانب الموجودون بمحافظة أجدام يشاهدون ثلاث جثث مسلوخة الرأس ومنزوعة الأظافر بين جثث النساء والأطفال في خوجالي، وهذه ليست مجرد حملة دعائية من الأذربيجانيين، بل هي الحقيقة”.

وفي سياق متصل كان عنوان صحيفة “أزفيزستيا” الروسية عن المجزرة كالتالي: “الكاميرات تنقل لنا صور أطفال قُطعت آذانهم وامرأة لم يبق إلا نصف وجهها، ورجل سلخت فروة رأسه”.

 بعض شهادات الناجين

“كسروا أصابعي واقتلعوا أظافري وأحرقوا يدي”

فالح حسينوف هو أحد الناجين من مجزرة خوجالي، تمكن من الفرار من القوات الأرمينية بعد 27 يوماً من الأسر، وفق ما ذكرته وكالة أنباء “الأناضول” التركية.

وبحسب حسينوف البالغ من العمر 52 عاماً والذي فقد زوجته في الهجوم، فقد “بدأ الناس من رجال ونساء وأطفال بالهروب إلى داخل الغابات قرب البلدة ولكن القوات الأرمنية تمكنت من اللحاق بنا وأطلاق الرصاص تجاهنا فتوفي الكثير من المدنيين بينهم زوجتي واعتقلوا الناجين منهم.”

وذكر حسينوف أن القوات الأرمنية عذبته منذ بداية أسره خاصة عندما علموا أنه يعزف على الغيتار، فنزعوا أظافره ثم كسروا أصابعه ثم وضعوا يده على موقد ساخن وأحرقوها.

وبقي أسيراً مدة 27 يوماً قبل أن يتم إطلاق سراحه عن طريق مبادلة أسرى تمت بين أذربيجان وأرمينيا.

وأشار إلى أنه أثناء مبادلة الأسرى كان لونه أسود وأزرق وبالكاد يستطيع الوقوف بسبب الضرب الذي تلقاه في الوقت الذي كان الأسرى الأرمن الذين أطلق سراحهم في حالة جيدة.

راضية اصلانوفا

وتقول راضية اصلانوفا التي قدمت إلى أجدام مشيا على الأقدام مع سائر النساء والأطفال الذين هربوا من خوجالي إن الأرمن كانوا يطلقون النار عليهم بلا انقطاع. وكانوا يحرقون الناس وهم أحياء ويسلخون جلود الرؤوس من الأحياء والأموات. وأضافت أن الأرمن قتلوا زوجها وشقيقها وزوج ابنتها وأصبحت ابنتها في عداد المفقودين.”

إبادة جماعية

وبعد ذلك تم تدمير المدينة إضافة لـ 8 قري، 2495 بيت سكني، 31 منشأة صناعية، 20 مؤسسة تعليمية، 14 مؤسسة صحية، 56 هيئة ثقافية. وقد اعترفت المكسيك وكولومبيا وجمهورية التشيك والبوسنة والهرسك وجيبوتي وبيرو وهندوراس وبنما والأردن ورومانيا واسكتلندا على المستوى البرلماني بمذابح خوجالي بأنها إبادة جماعية، ويعتبر معظم علماء الإبادة الجماعية والمؤرخين ما حدث إبادة جماعية.

باشينيان ينكر المجزرة

 وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش تلك المذبحة بـ”الوحشية غير المبررة”، فيما اعتبرتها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان “تعادل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”. وعلى الرغم من كل ذلك لم تعترف السلطات الأرمينية بالمجزرة بل وصل بهم الأمر إلى حد القول إن الشعب الأذري هو الذي ارتكب تلك المجزرة بنفسه، وهذا ما ذكره رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان خلال مناظرته المفتوحة مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف في ميونيخ. مع أن الجانب الأرميني كان قد اعترف بأ، الهدف الأساسي من هجومه على مدينة خوجالى كان تدميرها وإخلاء طريق “عسكران – خانكندلى” المار بها، والاستيلاء على المطار الموجود فى حوزة الأذربيجانيين.

المجرمون يتفاخرون “في سبيل الصليب”

يقول الكاتب والصحفي الأرميني المقيم حاليًا في لبنان “داود خيريان”، الذي يروي بفخر في كتابه المعنون “في سبيل الصليب” مذبحة خوجالي، فيقول: “في برد الصبح القارس، كان يجب علينا أن نقيم جسرًا من الموتى للعبور من المستنقع الموجود بالقرب من منطقة “باشيولاق”. لم أرد السير فوق جثث الموتى. ولكن العقيد أوانيان رأى ذلك، فأشار لي “لا تخف”. فوضعتُ قدمي في صدر جثة طفلة في التاسعة أو الحادية عشرة من عمرها، وبدأت السير. لقد غرقت قدماي وسروالي في الدم، لقد عبرتُ بهذه الطريقة فوق 1200 جثة”.

هذه واحدة من أسوأ المذابح التي ارتكبت ضد أبرياء عزل من قبل عنصريين طائفيين متعصبين أرمن مسيحيين أرثوذكس، يقولون على لسان أحد كتابهم أنها كانت “في سبيل الصليب”.

Exit mobile version