وقفات تربوية مع الباحثين (2)

نستكمل في هذا المقال بعضاً من الوقفات التربوية مع الباحثين التي بدأناها في مقال سابق.

الباحث الفلاح

إن عمل الباحث مثل عمل الفلاح: يهيئ الأرض ويقتلع ما سكن فيها من أمراض، ثم يغرس غرسه، ويرعى زرعه حتى يثمر، فلا تغرس على أمراض، ولا تتغاضى عن تطهير أرضك مما قد أصابها ويعوق نمو ما تزرع.

بناء خارطة الضروريات البحثية الخاصة به

ينبغي أن يضع الباحث خارطة لمقاصده في طريقه البحثي والفكري، وأهم ما تتضمنه هذه الخارطة: ما يتعلق بالضروريات التي يتمركز حولها النشاط المعرفي للباحث وإنتاجه وعمله الأكاديمي وبنائه الفكري، وهذه الضروريات يرتبط بتحديدها واجب حضاري مهم للباحث وهو “البحث عن المركز الحضاري للإسلام” في منتوجه الفكري ونشاطه المعرفي، فلا يمكن للباحث المسلم أن يبذل جهده وماله ووقته في أفكار دائرية أحاطتنا بها انعكاسات الشرنقة الحضارية التي ابتلينا بها من خلال المشروع التغريبي والدولة القطرية، فأفقدتنا الرؤية في مجال البحث، وأصبحت بحوثنا نسخًا مكررة، منبتة الصلة بالواقع والمستقبل والأمة.

إن مركزية الأمة أو المركز الحضاري للإسلام أهم المحددات في بناء الضروريات البحثية، أما كيفية تحديد هذا المركز فيكون عن طريق استقراء حالة هذا المركز ووضعه الراهن، وإشكالاته، وعوامل تشكلاته التاريخية والتراثية، وقراءة الأحداث والمستجدات المعرفية حول هذا المركز من خلال الاستقراء الواعي للمكان والمكانة له، وفي ضوء ما يصل إليه عبر نظرته الثاقبة، وعبر ما وصل إليه أقرانه في ذات الطريق، فإن عليه أن يحدد دوره المناط به والذي يصرف إليه قلمه وجهده ووقته وماله وإنجازاته البحثية.

كن متحديًا

الباحث الجاد لا يشتكي ضيق ذات اليد، ولا سخط الظروف والمناخ العام والخاص، فإن كل ذلك وغيره إنما هو اختبار لإرادته وتشغيل لطاقته الفكرية والإبداعية في تقديم حلول وبدائل لما يواجهه، وإلا فليختر لنفسه طريقًا غير البحث، وقد قرأت لك هذه الحكمة:

 

مناضل

 

الباحث الحق: إنسان يناضل من أجل فكرته وأمته وعدالة الرسالة التي يحملها، وحق الناس عليه في المعرفة والهداية.

 

الباحث في القرآن غير الواعظ به

 

الباحث في القرآن غير الواعظ به، لكل منهما أدواته ومهاراته ومستهدفه من القرآن، قد يتحول الواعظ إلى باحث لإتقان مهمته، ولكن لا يمكن أن يتحول الباحث إلى واعظ فيحول بحثه إلى منبر وعظي يصبغ به سطوره، فتضيع مهمته، ولعل هذا التحول الأخير لدى المتعاملين من الباحثين مع القرآن أبطأ حركة تطور الدراسات القرآنية التي أسست لها الكتابات الرائدة في الفكر الإصلاحي في القرن العشرين مثل جهود محمد عبده في تفسير سورة “الفاتحة” وجزء “عمَّ”، ومحمد عبدالله دراز في “النبأ العظيم”، ومحمد الغزالي ومجموعته القرآنية وفي مقدمتها:= “كيف نتعامل مع القرآن”، و”نظرات في القرآن”، ومحمد باقر الصدر في “المدرسة القرآنية”، والعلواني في “الجمع بين القراءتين”، وغير ذلك.

 

على الباحث في الدراسات القرآنية أن يكون على وعي بخارطة القرآن في وعي الأمة خلال القرن الماضي ليستكمل طريقًا، أو يفتح طريقًا جديدًا للدراسة والبحث ولكنه ليس عليه أن يحول مهمته أو يبدلها إلى وعظ منبري، كذلك عليه أن يقف على من خرج على الفهم الإسلامي العام في رؤيته للقرآن الكريم، وهذه وإن كانت نماذج محصورة من حيث العدد، ولكن على الباحث أن ينتبه إليها، فليس كل عنوان كتب عليه القرآن الكريم يدخل ضمن الثقافة الإسلامية والعقل الجمعي الإسلامي والفهم الأصيل للوحي، وهنا يجب أن يمتلك الباحث في القرآن العقل النقدي ليستطيع التمييز بين الغث والسمين في هذا الميدان.

 

دفاتر الهوامش

 

تمثل دفاتر الهوامش في حياة الباحث مرتكزًا نفسيًا مهمًا له، كما أنها تمثل جزءًا مهمًا من تاريخ تطوره البحثي والفكري، كما أنها مؤشر لمدى وضوح الأهداف لديه، كما أن الباحث يستشف منها عبر تاريخه البحثي منحى عروجه في طريق سير البحث وتقاطعاته ومنعطفاته، وخبراته، ومواقفه.. إنها التدوينات الأولى واللبنات الممهدة لأبحاثه وأفكاره ومنهجه.. إن هذه الدفاتر أشبه بسيرة ذاتية مختصرة أو مفتاحية لحياة الباحث، فلا ينبغي أن يفرط فيها أو يهملها عبر تاريخه البحثي.

 

ثبت في التكوين الفكري والعلمي والفني للباحث في العلوم الإنسانية

 

مما يجب أن يلم به الباحث في النواحي المنهجية نوصي بالكتابات التالية:

 

– البحث اللغوي، محمود فهمي حجازي، مكتبة غريب.

 

– في تجديد العلوم الاجتماعية (جزآن)، نادية مصطفى (تحرير)، دار البشير القاهرة.

 

– منهج البحث التاريخي، حسن عثمان، القاهرة، دار المعارف.

 

– مناهج البحث الاجتماعي، غريب سيد أحمد، دار المعرفة الجامعية.

 

– المنهج العلمي في البحث الأدبي، مصطفى السيوفي، القاهرة، الدار الدولية.

 

– مقاربة في فهم البحث العلمي، محمد موسى بابا عمي، الجزائر، دار المناهج.

 

– المهارات الإكلينيكية للخدمة الاجتماعية، عبدالناصر عوض، الإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث.

 

– تحليل المضمون في الدراسات الإعلامية، عواطف عبدالرحمن وآخرون، العربي للنشر والتوزيع.

 

– رسالة في الطريق إلى ثقافتنا، محمود محمد شاكر، القاهرة، مكتبة الخانجي.

 

– أصول البحث الاجتماعي، عبدالباسط محمد حسن، القاهرة، مكتبة وهبة.

 

– أصول البحث، عبدالهادي الفضلي، بيروت، دار الكتاب الإسلامي.

 

– المنهجية الإسلامية في البحث التربوي نموذجاً، عبدالرحمن النقيب، القاهرة، دار الفكر العربي.

 

– منهجية التكامل المعرفي.. مقدمات في المنهجية الإسلامية، فتحي ملكاوي، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، عمان.

 

– نحو إعادة بناء علوم الأمة، منى أبوالفضل- طه العلواني، القاهرة، دار السلام.

 

– نحو منهاجية للتعامل مع مصادر التنظير الإسلامي، منى أبوالفضل، القاهرة، المعهد العالمي للفكر الإسلامي.

 

– تحليل محتوى المنهج في العلوم الإنسانية، وائل عبدالله وآخرون، القاهرة، دار المسيرة.

 

– منهجية البحث العلمي في التربية وعلم النفس، حمدي أبوالفتوح عطيفة، جامعة المنصورة

 

– منهج البحث الاجتماعي بين الوضعية والمعيارية، محمد أمزيان، القاهرة، المعهد العالمي للفكر الإسلامي.

 

– منهج جديد لدراسة التاريخ الإسلامي، عماد الدين خليل، مفكرون للنشر الدولية، القاهرة.

 

– بناء المفاهيم (جزآن) مجموعة من الباحثين والمفكرين، القاهرة، المعهد العالمي للفكر الإسلامي.

 

– مناهج البحث في الدراسات الدينية، أحد فرامرز قراملكي، بيروت، دار الهادي.

 

– مصادر المعرفة الدينية، آية الله الغروي، بيروت دار الهادي.

 

– أسس المنهج القرآني في بحث العلوم الطبيعية، منتصر مجاهد، المعهد العالمي للفكر الإسلامي.

 

– تحليل المضمون، سمير حسين.

 

– إشكالية التحيز (تحرير عبدالوهاب المسيري)، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، نقابة المهندسين المصرية 1992.

 

– مناهج البحث التربوي، حسن عبدالعال، طنطا، دار الصحابة.

 

Exit mobile version