المبادرة الفرنسية في لبنان تترنح

لم يتبدل مسار تشكيل الحكومة اللبنانية المغلق بعد  الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس المكلف سعد الحريري لقصر بعبدا غداة عودته من باريس .ودلل الفشل الجديد على عمق الانقسام السياسي. وتزامن ذلك مع تأكيد مصادر قصر الاليزيه على ان الرئيس ايمانويل ماكرون لن يزور لبنان قبل تأليف حكومة جديدة وفق مواصفات المبادرة التي أطلقها والتي لم ينفك البعض في لبنان في السعي لإفراغها من مضمونها.

 قامت باريس بجهد كي تتأقلم المبادرة مع الصعوبات وبالرغم من ذلك يستمر الاستعصاء لان فريق سياسي لبناني لا يرى في الحكومة العتيدة مجرد حكومة مهمة للإنقاذ وإعادة الاعمار بل يرى فيها الحكومة التي يمكن ان تحل مكان الرئيس عون في حال الفراغ الرئاسي او بعد انتهاء ولايته في 2022 . ولذا بدل ان تسارع المنظومة السياسية المنتهية الصلاحية لتسهيل قيام حكومة أخصائيين لترميم أوضاع بلاد أنهكها ضياع القرار السيادي والفساد والمحاصصة ، ها هي تلجأ لحرب مواقع مفتوحة بين فريقين انخرطا في تسوية 2016 الرئاسية التي فتحت طريق بعبدا للعماد ميشال عون ، ولذا يمكن القول ان المبادرة الفرنسية تترنح تحت وقع هذا الاستعصاء ولكنها لا تموت . تركز فرنسا على مسؤولية خاصة لها  في لبنان بصفتها عرابة لهذا الكيان . لكن رهانات إنقاذ لبنان لا تقتصر على مصلحة اقتصادية محدودة أو على الصداقة التاريخية، بل تتلخص في مكانة لبنان كمفترق طرق جيوسياسي في شرق المتوسط ؛ وكذلك بمكانة لبنان كدولة ناطقة بالفرنسية ونقطة انطلاق للنفوذ الفرنسي في الشرق.

 بالرغم من كل المصاعب والتعقيدات وبعد اتصالات ماكرون مع الرئيس الأميركي الجديد واستمزاجه آراء أطراف إقليمية معنية، اتضح ان فرنسا لوحدها بين القوى الكبرى مهتمة بالعمل لمنع الانهيار اللبناني . ولذا قررت باريس عدم التراجع عن المبادرة لانه ليس هناك من بديل . وبالرغم من خيبات الأمل لا يزال الرئيس الفرنسي مزمعا للمضي قدما في مساعيه ويستعد لزيارات خارجية في هذا الإطار وفي حال الفشل لن يكون هناك من بديل إلا الرعاية الدولية كي يسترجع لبنان دولته وسيادته ويبدأ حينها الإصلاح..

المصدر: مونت كارلو

Exit mobile version