فوجئ سكان العاصمة العراقية بغداد ومحافظتي النجف وكربلاء (جنوب)، مساء الاثنين الماضي بانتشار واسع لمسلحين ملثمين تابعين لسرايا السلام، الذراع المسلح للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، في الشوارع الرئيسية والازقة والاسواق العامة، وهو ما أثار فزعاً لدى المواطنين، وأثار جدلاً واسعاً في الاوساط السياسية، التي اعتبر بعضها هذا التحرك إهانة لهيبة الدولة.
المكتب الإعلامي التابع للتيار الصدري، قال في بيان إن التحركات جاءت في سياق أمني يهدف لتحصين الأضرحة الدينية من هجمات قد تستهدفها بناء على معلومات استخبارية خاصة حصلت عليها سرايا السلام.
وجاءت هذه التحركات في أعقاب تحذير نشره حساب صالح محمد العراقي، الذي يعرف بأنه وزير الصدر، على حسابه بموقع التدوينات القصيرة “تويتر”، تحدث فيه عما أسماه بالاتفاق بين “البعث وداعش وبعض المندسين، لتنفيذ هجمات على مراقد مقدسة”.
وفي ذات السياق نقلت وسائل إعلام محلية بياناً صادراً عن المعاون الجهادي لمقتدى الصدر، أبو ياسر، قال فيه إنّ الأخير عقد اجتماعاً مع القيادات العسكرية لسرايا السلام، بعد ورود معلومات شبه مؤكدة بوجود مخطط لاستهداف المراقد المقدسة في بغداد والنجف وكربلاء، متحدثاً عن “الجهوزية التامة واستعداد المجاهدين كافة لأي طارئ يحصل دفاعاً عن أرض الوطن والمقدسات”.
ترهيب سياسي
المحلل السياسي عادل الدليمي، اعتبر في حديثه لـ”المجتمع” أن ما قام به التيار الصدري هو عبارة عن استعراض عسكري، بهدف ممارسة شكل من أشكال الترهيب السياسي، واستعراض للقوة العسكرية استباقاً لاستحقاق الانتخابات المبكرة الذي بات على الأبواب.
وقال الدليمي: هناك حالة من القلق لدى التيار الصدري من النتائج التي يمكن أن يحصل عليها في الانتخابات القادمة، لذلك قرر ارسال رسائل سياسية للقوى المنافسين له، خصوصاً للأحزاب الشيعية التي تتنافس معه على أصوات مدن الجنوب.
وأضاف: هذه الخطوة تؤكد مدى سيطرة وهيمنة السلاح المنفلت على مجريات الأحداث على الساحة العراقية، فهذا السلاح أثر في الماضي على نتائج الانتخابات وكان له دور بالتلاعب في نتائجها من خلال الترهيب والتهديد والتزوير.
وأشار المحلل السياسي العراقي، إلى أن أكثر ما يثير قلق الساحة العراقية اليوم هو مسألة احتمال قيام الأطراف السياسية الشيعية المنافسة للتيار الصدري باستعراض عسكري مماثل، وهو ما قد يفضي إلى حالة انفلات أمني لا تحمد عقباها إذا ما جاءت نتائج الانتخابات على غير ما تهوى هذه القوى المسلحة، الأمر الذي قد يهدد السلم الأهلي في البلاد.
مخاوف النشطاء
انتشار مسلحي سرايا السلام في بغداد ومحافظات الجنوب، التي شاركت في المظاهرات الاحتجاجية التي طالبت بالإصلاح، ورحيل الطبقة السياسية التي تحكم العراق منذ عان 2003م، على مدى أكثر من عام، أثارت مخاوف النشطاء وبعض قادة منظمات المجتمع المدني.
وتحدث الناشط والصحفي ناصر الشيخيلي، عن إقدام بعض النشطاء على ترك بيوتهم وعدم المبيت فيها، بمجرد سماع خبر انتشار مسلحي التيار الصدري في الشوارع والازقة.
وقال الشيخلي لـ”المجتمع”: سبق أن أقدم التيار على تهديد مباشر لمن ينتقد زعيمه مقتدى الصدر، كما أن سرايا السلام أقدمت على إنهاء التظاهرات في الأشهر الماضية بأمر مباشر من الصدر، وتم ضرب وخطف واغتيال الناشطين لوقف الاحتجاجات”.
ونوه الشيخلي إلى أن النشطاء وبالإجماع يحملون رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، مسؤولية الخروقات الأمنية التي قد تحدث قبيل الانتخابات، والتي قد تحصل كاثر رجعي لانتشار مصلحي التيار الصدري في الشارع.
جدير بالذكر أن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، تعهد بفرض هيبة الدولة في أعقاب انتشار مسلحي التيار الصدري في العاصمة، وقال في تغريدة على حسابه في “تويتر”: لن نتنازل عن بناء الدولة وهيبتها، أنجزنا الكثير لحل الأزمات الأمنية والاقتصادية والصحية”.
وتابع: الانتخابات استحقاق وطني يحتاج إلى التضامن السياسي والاجتماعي، والبناء لا يتم بالتجاوز على الرموز والمقدسات الدينية والوطنية وضرب المؤسسات وقطع الطرق، بل بدعم الدولة” مؤكدًا أن حكومته لن تتهاون مع المتجاوزين.