تونس.. مطالب بإجراء تحقيق ومحاسبة المتسببين في فضيحة تسميم الرئيس سعيّد

وضعت المصالح الفنية بوزارة الداخلية، والنيابة العمومية في تونس، حداً لما وصفه محللون سياسيون ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بـ”مسرحية محاولة تسميم الرئيس التونسي قيس سعيّد”، التي أعنت عنها الرئاسة التونسية، وكانت فضيحة داخلية وخارجية، بتعبير البعض، حيث أصدرت أحزاب بيانات تنديد بمن يحاولون تسميم الرئيس التونسي وتأييد له، تخطت الحدود من اتصالات تلقاها الرئيس سعيّد من دول أخرى كالجزائر ومصر.

الداخلية والنيابة العمومية: الظرف لا يحتوي على أي مواد مشبوهة سامة أو مخدرة أو خطرة أو متفجرة

ولم يتوقف الأمر عند الادعاء بوجود محاولة لتسميم الرئيس التونسي بظرف مشبوه به مواد سامة حسب الرئاسة فحسب، بل تطلب الأمر المكوث فترة في المستشفى والادعاء بفقد رئيسة الديوان الرئاسي البصر بفعل المادة التي قيل: إنها كانت موجودة في الظرف المشبوه.

وحسب بيان الرئاسة الفضيحة، “شعرت عكاشة إثر فتحها الطرد بحالة من الإغماء والفقدان الكلي لحاسة البصر، فضلاً عن صداع كبير في الرأس”، وأشار البيان إلى أن “الظرف وضع في آلة تمزيق الأوراق قبل أن يتقرر توجيهه إلى مصالح وزارة الداخلية”.

اللومي: قصة الطرد المسموم فبركة وكذبة كبرى

لكن مصالح وزارة الداخلية نفت أن يكون بالظرف مواد سامة أو متفجرة أو خطيرة؛ وبالتالي لا يخرج البيان عن كونه مسرحية سيئة الإخراج، كما وصفها المحلل السياسي بولبابة سالم، فيما طالب آخرون بإقالة كل من شارك في هذه المسرحية.

المخابر والنيابة تنفيان

وقد نفت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، في بلاغ إلى الرأي العام، ما تم تداوله في تونس وخارجها حول وجود محاولة لاغتيال الرئيس سعيّد من خلال ظرف مسموم، محيلة على تقرير اختبار فني على الظرف المشبوه، قامت به المخابر الجنائية والعلمية بوزارة الداخلية، عن طريق الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية بتونس، وأنه بعد الاطلاع على نتيجة الفحص والاختبارات الفنية للظرف، تبين عدم احتوائه على أي مواد مشبوهة سامة أو مخدرة أو خطرة أو متفجرة.

ردود عاصفة

سالم: على رئيس الدولة محاسبة المسؤولين عن الفضيحة

أدى بيانا الداخلية والنيابة العمومية إلى ردود عاصفة، وقال النائب عن حزب قلب تونس عياض اللومي، عبر حسابه على “فيسبوك”: إن قصة الطرد المسموم فبركة وكذبة كبرى، مؤكدًا أن هذه الكذبة ضربة للأمن الجمهوري وللمنظومة الأمنية عمومًا، التي لا يُتصور لحظة واحدة أنها يمكن أن تتجاوزها الطرود المزعومة إلى أن تصل إلى مديرة الديوان الرئاسي، دون أن يتفطن أحد.

وتابع: مديرة الديوان الرئاسي تدعي أنها أصيبت، في حين هي حاضرة في مجلس الأمن القومي الذي أبدع خلاله رئيس الجمهورية في خلق التوتر في المناخ العام وخرق الدستور.

وأضاف اللومي: مستحيل بكل المقاييس أن يحدث ذلك، لأن الأمن التونسي مهني ودقيق ولا يمكن أن يرتكب أخطاء، وتساءل: هل نحن في إحدى جمهوريات الموز؟!

بدوره، أكد الكاتب والمحلل السياسي بولبابة سالم أنه بعد أن أكدت المصالح الفنية بوزارة الداخلية والنيابة العمومية خلو الطرد من مواد خطرة، فإن على رئيس الدولة محاسبة المسؤولين عن الفضيحة، وكل من ساهم في هذه المسرحية السخيفة التي أساءت إلى صورة تونس.

عكاشة: إقالة مديرة الديوان وعدد من المستشارين واختيار أناس أكثر كفاءة ودراية

وتابع: لا أدري ما شعور من شاركوا في المسرحية السخيفة، إن كان لهم شعور!

فيما طالب آخرون بإقالة مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة، مثل الناشط السياسي والمدوّن معاذ عكاشة: يجب إقالة مديرة الديوان وعدد من المستشارين واختيار أناس أكثر كفاءة ودراية بالسياسة، وأكثر عقلانية على رأس الديوان.

وأردف: مؤسسات الدولة في وضع كالذي نشهده لا تتحمل مزيداً من التفرقة والعبث من بعض العابثين، أنتم براءة منهم.

ما الرسائل التي يتسلمها الرئيس؟

منصر: الرئيس لا يتسلم الرسائل إلا المتعلقة بالأمن والجيش

الخطأ القاتل الذي وقع فيه من تسرعوا في الإعلان عن محاولة لتسميم سعيّد غابت عنهم التقاليد البروتوكولية التي يتسلم فيها الرئيس الرسائل مباشرة، فقد أكّد الناشط السياسي ومدير حملة المرزوقي في انتخابات 2014 الرئاسية عدنان منصر أن هناك ثغرة في ادعاء محاولة تسميم رئيس الجمهورية يمكن تتبعها، لأنّه نادراً ما يفتح رئيس الديوان بنفسه الطرود والمراسلات، ولا يمكن لمواطن عادي تقديم رسالة دون أن تُؤخذ هويته.

وثانياً: الرسالة التي وصلت إلى مدير الديوان نادية عكاشة لم تمر بالمسلك العادي، وكانت مغلقة، في حين أن الطريقة التي يمكن أن يفتح بها رئيس الجمهورية أو رئيسة الديوان رسالة بشكل مباشر، عندما تكون رسائل مهمة مثل تقرير الاستعلامات العسكرية، وعادة ما يكتب عليها: “سري، سري للغاية، لا يفتح إلاّ من صاحبه”.

“النهضة” تطالب بإجراء تحقيق لتنوير الرأي العام في الداخل والخارج

ثالثاً: تردّ الرسائل التي يتسلمها الديوان مباشرة عن طريق البريد بشكل عادي أو من خلال حامل شخصي يسمى عون مكلف من وزارة الدفاع أو وزارة الداخلية أو رئاسة الحكومة، رابعاً: بقية الرسائل يتسلمها مكتب الاستقبال الذي يتولى التوزيع على حسب ثلاث إدارات أساسية؛ وهي: إدارة الديوان، وإدارة مصالح المشتركة، وإدارة أمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية.

رابعاً: في مكتب الضبط على سبيل المثال، رسالة يتوجه بها مواطن إلى رئيس الجمهورية للحصول على إعانة مالية، أو غيرها، هذه لا تصل إلى رئيس الجمهورية، وإنّما يتم توجيهها إلى مستشار الشؤون الاجتماعية، والرسائل البريدية العادية تسلّم مفتوحة إلى مدير الديوان عن طريق كاتبه.

فتح تحقيق في الجريمة

ورغم أن حركة النهضة (أكبر حزب سياسي في البلاد) قد أصدرت بياناً قبل بلاغ النيابة ووزارة الداخلية، إلا أن ما دعت إليه يظل مطلباً للقوى الوطنية في البلاد، حيث طالبت الحركة، الجمعة الماضي، بفتح تحقيق في واقعة وصول “ظرف مشبوه” إلى رئاسة الجمهوريّة، واصفة الواقعة بـ”العملية الإجرامية الدنيئة”، وهي كذلك في الحالتين “الافتراضية” فيما لو كان الأمر حقيقة وهو ليس كذلك، وجريمة دنيئة في صورة المسرحية السخيفة.

Exit mobile version