السياسي جمعة القماطي: لا نثق بعقيلة صالح رئيسا لليبيا

 

زعيم حزب “التغيير” الليبي:

ـ النظام المصري وروسيا يتحكمان في عقيلة صالح وبالتالي لن يكون محايدا ونزيها

ـ من الضروري انتخاب برلمان جديد يوحد البلاد سياسيا.. إدارة بايدن قد تتخذ موقفا قويا وتضغط ليغادر المرتزقة ليبيا

ـ روسيا بدأت الدخول بشكل فعال للغاية في الصراع الليبي خلال العامين الأخيرين عبر مرتزقة “فاغنر”

ـ الدعم التركي للحكومة الشرعية غيّر الموازين وأفشل المشروع العسكري وأنقرة تدعم بشكل قوي العملية السياسية الحالية

ـ قرار الحرب ليس بيد حفتر بل روسيا و”فاغنر” ولا أعتقد أن موسكو تريد الدخول في حرب ضد حكومة الوفاق المدعومة بقوة من تركيا

 

أعرب زعيم حزب “التغيير” الليبي جمعة القماطي، عن عدم ثقته برئيس مجلس نواب طبرق (شرق) عقيلة صالح، الداعم للجنرال الانقلابي خليفة حفتر، مشددا على أنه لن يكون رئيسا للبلاد، ولو لفترة مؤقتة.

ومن المقرر، ضمن أهداف منتدى الحوار السياسي الليبي، اختيار حكومة وحدة مؤقتة تدير البلاد، وتُعد لانتخابات عامة في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.

وقال القماطي، في مقابلة مع الأناضول، إن قرار التوجه إلى انتخابات كان “اضطراريا” من أجل ليبيا.

وأوضح أن مجلس نواب طبرق (تحت سيطرة حفتر) والمجلس الأعلى للدولة (مقره طرابلس، غرب)، وهما الهيئتان التشريعيتان في ليبيا، استكملتا فترة ولايتهما دستوريا بالفعل منذ مدة، و”لذلك من الضروري انتخاب برلمان جديد يوحد ليبيا سياسيا”.

وطُرحت أسماء عديدة مرشحة لمناصب رئيس المجلس الرئاسي ونائبيه ورئيس الوزراء.

ورغم عدم تحديد الأسماء حتى الآن، إلا أن صالح، حليف حفتر، أبرز الأسماء المطروحة لمنصب رئيس المجلس الرئاسي، فيما يبرز وزير الداخلية بحكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا، فتحي باشاغا، لمنصب رئيس الوزراء.

ولفت القماطي، إلى أن صالح هو من أعلن حفتر “قائدا عاما”، ودعمه في هجومه على العاصمة طرابلس (مقر الحكومة الشرعية)، الذي بدأ في 4 أبريل/ نيسان 2019، مؤكدا أن صالح شخصية مرفوضة من الليبيين.

وأردف: “صالح يتحكم فيه النظام المصري وروسيا، وبالتالي لا يمكن أن يكون محايدا ونزيها، وبالتالي نحن لا نثق بأن يكون رئيس ليبيا القادم، ولو لسنة أو سنة ونصف”.

وأرجع عدم الثقة إلى أن “صالح سيكون منحازا لحفتر ومصر والإمارات وروسيا، وربما سيأخذ موقفا عدائيا من تركيا، أو يتكلم عن الاتفاقيات المشروعة الأمنية والبحرية التي عقدناها معها”.

ومنذ سنوات، ينازع الانقلابي حفتر، الحكومة الليبية على الشرعية والسلطة، ما خلف قتلى بين المدنيين، بالإضافة إلى دمار مادي هائل في البلد الغني بالنفط.

ومن المنتظر، خلال الأسابيع المقبلة، اختيار مرشحين لرئاسة المجلس الرئاسي ورئاسة الوزراء، عبر تصويت من جانب 75 شخصية، هم أعضاء ملتقى الحوار السياسي.

وقال القماطي، إن “المهم بالنسبة إلينا اختيار شخصيات وطنية ومحايدة، وأن يكون دورهم الوحيد هو الاستعداد للانتخابات، والتعامل مع الأزمات الخانقة للشعب الليبي، مثل الكهرباء والسيولة (المالية) والأمن”.

وتابع: “لا نريد شخصيات جدلية مثل عقيلة صالح، وأنا متأكد أنه سيكون في الانتخابات الرئاسية القادمة العشرات من الشخصيات التي تريد الترشح للرئاسة، ولنترك الشعب الليبي يختار من هو الأفضل ليقوده”.

** المرتزقة الأجانب

تطرق القماطي إلى عدم خروج كافة المرتزقة من ليبيا، رغم انتهاء المهلة المحددة بثلاثة أشهر، بموجب مادة ضمن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي وقعه الفرقاء الليبيون في جنيف، 23 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، برعاية الأمم المتحدة.

ورأى أن تطبيق تلك المادة سيتأخر كثيرا، متسائلا: “لماذا تريد روسيا تأخير سحب المرتزقة من ليبيا (؟)”.

وأجاب: “ربما لأنها تريد أن تنتظر إلى أن ترى حلا سياسيا نهائيا، وأن ترى هل مصالحها الاقتصادية والسياسية في ليبيا ستكون مضمونة أو لا، وهذا يدخل في إطار تفاهمات حكومة الوفاق أو من سيأتي بعدها مع روسيا، وبنفس الشكل هذا الأمر متوقف على تفاهمات بين تركيا وروسيا وبين روسيا والولايات المتحدة”.

** سياسة بايدن

في العشرين من يناير/ كانون الثاني الجاري، تسلم جو بايدن مهام الرئاسة الأمريكية، خلفا لدونالد ترامب.

وأفاد القماطي أن سياسة بايدن ستكون مختلفة عن ترامب، معربا عن اعتقاده بأن الإدارة الأمريكية الجديدة يمكن أن تتخذ موقفا قويا وتضغط لكي يغادر المرتزقة ليبيا.

وأضاف: “ترامب للأسف دعم حفتر وهجومه على طرابلس، وتحدث معه على الهاتف، وأعطاه نوعا من الضوء الأخضر”.

ولفت إلى وجود جزئية مهمة متعلقة برأي إدارة بايدن بدور تركيا في ليبيا، مشددا على أن ذلك يهمهم للغاية.

وأوضح: “نعرف أن بايدن وبعض مستشاريه لهم انتقادات لمواقف تركيا، فتركيا دولة قوية وكبيرة ولها سيادتها واستقلاليتها، ولكن الإدارة الأمريكية الجديدة تريد أن تفرض على تركيا بعض السياسات، مثل التعامل مع روسيا وغيرها، وهذا شأن يخص تركيا والولايات المتحدة”.

واستدرك: “لكن ما يهمنا هو أن الإدارة الأمريكية لا تقف ضد تركيا في دورها بليبيا، وتدعم الدور التركي، لأنه ينسجم مع دور حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومع الغالبية العظمى من الدول، وهو شرعي ويدعم الخيار الديمقراطي (الحكومة الليبية المعترف بها دوليا) وما تريده الغالبية العظمى من الليبيين”.

واعتبر أن التدخلات الخارجية، إلى حد كبير، هي سبب الأزمة الليبية واستمرار الاشتباكات طوال هذه الأعوام، وأنه في حال تغير دور هذا التدخل الخارجي، وبات يدعم الحل السلمي، حينها يمكن تشكيل مناخ استقرار حقيقي في ليبيا.

واستطرد: “لذلك سيؤجل سحب المرتزقة إلى حين انتهاء العملية السياسية”.

وأردف: روسيا بدأت بالدخول بشكل فعال للغاية في الصراع بليبيا في العامين الأخيرين، عبر مرتزقة الفاغنر الروسية، إضافة للذين جلبتهم من سوريا، وهؤلاء المرتزقة هم من يتحكمون في المشهد العسكري من جهة حفتر، ولا سلطة للأخير عليهم.

وزاد أن “حفتر فاقد للسيطرة تماما على المشهد العسكري، ولا يستطيع أن يأمر بحرب جديدة، أو تحول القوات من مكان إلى آخر، ومن يستطيع القيام بذلك هي روسيا وفاغنر المرتبطة بها”.

وردا على سؤال بشأن إمكانية حدوث صراع جديد في ليبيا حال انسداد أو فشل عملية الحوار، استبعد القماطي عودة الحرب، مرجعا ذلك إلى أن قرار الحرب ليس بيد حفتر.

وقال: “لا أعتقد أن روسيا تريد الدخول في حرب ضد حكومة الوفاق، التي تتلقى دعما عسكريا قويا جدا من تركيا الصديقة والشقيقة”.

** الدعم التركي غيّر الموازين

أشار القماطي إلى أن مصر والإمارات والسعودية وفرنسا وروسيا، دعمت هجوم حفتر على طرابلس، بهدف احتلالها لتأسيس حكم عسكري فردي.

واستدرك: “لكن حدث أمر هام لم يكن في حسبانهم (تلك الدول)، وهو التدخل التركي في إطار مذكرة التفاهم للتعاون العسكري والأمني”، الموقعة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 بين أنقرة وطرابلس.

ومضى بالقول إن “حكومة الوفاق الوطني ذهبت إلى أنقرة ووقعت على اتفاقية أمنية وتلقت بموجبها دعما عسكريا كبيرا جدا من تركيا”.

وأكد أن تركيا تدعم بشكل قوي العملية السياسية الحالية، وتدخلها العسكري هدف إلى حماية طرابلس والحكومة الشرعية ومشروع الدولة المدنية والديمقراطية.

وشدد على أن الدعم التركي غيّر الموازين، وأفشل المشروع العسكري، والدول الخمس الداعمة لحفتر بدأت في مراجعة موقفها وسياساتها.

وتابع أنه مقابل الدعم الذي قدمته تلك الدول لحفتر، قدمت تركيا دعما قويا للغاية للحكومة الليبية، إضافة إلى تعاطف الولايات المتحدة وإيطاليا مع حكومة الوفاق.

وأردف: “وبالتالي هذا غيّر الموازين، وأصبحت هناك حالة من التوازن في ليبيا تمنع أن ينتصر طرف على آخر، ومن هنا جاءت ضرورة العودة إلى المسار السياسي”.

وزاد بأن أغلب الدول الداعمة لحفتر أصبحت تبتعد عنه تدريجيًا، وستتخلى عنه تماما عند استقرار ليبيا، وعندما يكون هناك حل سياسي نهائي.

ولفت إلى أن سن حفتر قارب على الثمانين، والزمن ليس في صالحه، معربا عن اعتقاده بأنه سيخرج تدريجيا من الساحة العسكرية والسياسية في ليبيا.

** دعم إماراتي لحفتر

قال القماطي إن الجهات الدولية الفاعلة ركزت على الحل السياسي مع انهيار الخيار العسكري.

وأضاف أنه توجد دولة وحيدة، هي الإمارات، لا يزال موقفها غامضا وتبدو مُصرة على دعم حفتر والحرب في ليبيا حتى النهاية.

ورأى أن المصالحة الخليجية تجعل الإمارات في عزلة حتى بمنطقة الخليج، معتبرا أن دورها في ليبيا سيضعف أكثر خلال المرحلة المقبلة.

وشهدت القمة الخليجية بالسعودية، في 5 يناير الجاري، مصالحة بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جانب، وقطر من جانب آخر، عقب مقاطعة للدوحة بدأت في يونيو/ حزيران 2017.

** في المنفى

يواصل القماطي حياته السياسية في المنفى بلندن، التي بدأها قبل نحو 30 عاما، لمعارضته نظام معمر القذافي (1969 ـ 2011).

وشغل منصب الممثل الخاص في المملكة المتحدة لحكومة المجلس الوطني الانتقالي، برئاسة مصطفى عبد الجليل، الذي أسسته المعارضة خلال الثورة الليبية ضد القذافي في 2011.

ويترأس القماطي حاليا حزب “التغيير” الذي أسسه في ليبيا، ويتولى منصب الممثل الخاص لحكومة الوفاق الوطني، برئاسة فائز السراج، في دول المغرب العربي.

Exit mobile version