خبراء يستنكرون التطبيع العسكري مع الكيان الصهيوني ويحذرون من هيمنته على المنطقة

عبر عدد من الخبراء عن رفضهم ما جرى مؤخرًا من ضم الكيان الصهيوني ضمن القيادة الوسطى الأمريكية التي كانت قاصرة على الدول العربية فقط، مبدين مخاوفهم من نتائج هذا القرار، خاصة على مستقبل المنطقة والتطبيع العسكري الذي يهدد الأمن القومي العربي.

وأكدوا، في تصريحاتهم لـ”المجتمع”، أن الهدف من هذا الأمر هو إعلان الهيمنة الصهيونية على المنطقة على كافة المستويات سواء العسكري أو الاقتصادي أو السياسي، بل وتدشين مرحلة جديدة من عمر المنطقة يديرها الكيان بكل تفاصيلها، وينهي القضية الفلسطينية، ولكنهم في الوقت نفسه راهنوا على الشعوب التي لن تقبل بهذا الأمر، مستدلين على ذلك بما جرى عقب “الربيع العربي” وإعلان الشعوب لموقفها الرافض للتطبيع.

ومؤخرًا كشفت صحيفة” وول ستريت جورنال” أن أحدث قرارات الرئيس الأمريكي ترمب في أيامه الأخيرة، قرار للبنتاجون، كثيرًا ما طالبت به منظمات يهودية أمريكية، بإدماج “إسرائيل” في المنطقة العربية بالشرق الأوسط للقيادة الوسطى الأمريكية التي تتخذ من قاعدة العُديد في قطر مقرًا لها، وتشرف على التنسيق مع الدول التي تستضيف قوات أمريكية ومع كل الجيوش العربية في الشرق الأوسط وكذلك أفغانستان وباكستان، بالإضافة إلى مهمة الأمن تجاه إيران، وهو ما تم تفعيله.

وكان الكيان الصهيوني، وحتى صدور القرار، ضمن نطاق القيادة الأمريكية للمنطقة الأوروبية وليس الشرق أوسطية، لتجنب أي حساسيات من التنسيق معها بالمثل في أوجه التعاون العسكري العربي الأمريكي.

سعار التطبيع عجَّل بالقرار

وفي هذا السياق، قال العميد السابق بالجيش المصري عادل الشريف: وربما كان سعار التطبيع الذي أحرزه ترمب في أيامه الأخيرة كان تتويجًا لتحقيق أعلى قدر من الاستقرار للكيان الصهيوني من جانب الأنظمة العربية سواء دول الطوق أو غيرها كالإمارات والسودان والمغرب، وكل ذلك يعني أن ضم الكيان للقيادة الوسطى هو عمل تلقائي متسق مع استعداد الأنظمة العربية كلها تقريبًا للتطبيع وعدم احتمال أي تهديد من جانبها، وبراهين ذلك أن مقابل التطبيع للمغرب حول الصحراء هو مقابل شكلي لإقناع التكتلات الشعبية بمسوغ هذه العلاقة الآثمة التي يمارسها الحسن الثاني قبل محمد السادس بزمن كبير، وكذلك السودان لم يكن هناك سيف مصلت على رقبته بتهمة الإرهاب أو دعمه خاصة بعد رحيل البشير عن منصة الحكم.

ويضيف العميد السابق لـ”المجتمع”: بداية التطبيع العسكري بين الجيش المصري والكيان الصهيوني بدأ فعليًا منذ عام 1992م، ومع تولية حسين طنطاوي حقيبة وزارة الدفاع بتقييد القوات بشكل مبالغ فيه وتسمية الكيان الصهيوني في خطط العمليات بالقوات الزرقاء بدلًا من كلمة العدو الصهيوني، وهناك بعض الفيديوهات التي شهدناها مؤخرًا وفيها تجد بعضًا من الضباط المصريين مع آخرين من الكيان، ومؤخرًا شاهدنا فيديوهات حية يتكلم فيها أحد القادة عن بذل الوسع لعدم وصول أي عدائيات غير محسوبة للجانب الصهيوني.

وعبر عن مخاوفه بالقول: وربما يصدمنا اليوم أن الكيان الصهيوني يطلب استعادة إشراف دولي مراقب للقوات المصرية داخل سيناء وتكون الإمارات عصباً في هذه المراقبة، وهذا بعدما ظلت هذه المراقبة غائبة تاركة للسلطات المصرية الحبل على الغارب حتى لو أدخلت كل الجيش في سيناء بالمخالفة لبنود معاهدة “كامب ديفيد”.

تدشين لهيمنة صهيونية

وبدوره، وصف الخبير العسكري محمد بدر هذا القرار بأنه بداية تدشين مرحلة جديدة، وهي هيمنة الكيان الصهيوني على المنطقة على كافة الأصعدة؛ سواءً سياسيًا أو اقتصاديًا، وتأكيد التفوق العسكري، بل وبسط نفوذها على المنطقة قهرًا بضرب أي أهداف بالمنطقة، وفي أي في وقت وطواعية بالتنسيق والتدريب المشترك، وهذا كله تمهيد لإعلان الحلم الصهيوني بالسيطرة على منطقة الشرق وقيادتها عبر التطبيع أو عبر القوة العسكرية، وهو ما يهدد الأمن القومي العربي بل وربما يقتله.

واعتبر الخبير العسكري، في حديثه لـ”المجتمع”، ما يجرى أنه شيء لا يصدق، وأنه خارج نطاق العقل؛ أن يأتي اليوم الذي يتم التطبيع الكامل وعلى كافة المستويات من خلال التطبيع العسكري والسياسي والاقتصادي، وهو ما لم يكن متوقعًا على الأقل بهذه السرعة وبهذه الطريقة، ولكنه أكد، في المقابل، أن كل ما يجرى هو مؤقت، وسوف يكون للشعوب موقف مختلف ورافض، ولعل ما جرى في “الربيع العربي” ورد فعل الشعوب على التطبيع والموقف من الكيان الصهيوني يؤكد ذلك، مدللًا على ذلك باقتحام سفارة الكيان الصهيوني بالقاهرة عقب ثورة يناير.

قرار بإعدام القضية الفلسطينية

أما خبير العلاقات الدولية د. سيد أبو الخير، فيصف هذا القرار بأنه تطبيع تحت طائلة القوة، وفرض إجباري على الحكام وليس الشعوب، كما أنه يمكن القول: إنه قرار بإعدام القضية الفلسطينية في ذهن الحكام العرب، محذرًا من تداعياته الخطيرة على الأمن القومي العربي باعتباره حصاراً للمنطقة العربية، ومنع الدول العربية من محاربة كيان الاحتلال، وتصديق لمقولة السادات أن حرب عام 1973م هي آخر الحروب مع الكيان الصهيوني.

Exit mobile version