الأمين العام للرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني: فلسطين قضية الموريتانيين الأولى

قال محمد غلام ولد الحاج الشيخ، الأمين العام للرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني بموريتانيا، إن القضية الفلسطينية كانت ولا تزال قضية الشعب الموريتاني الأولى قبل الغذاء والدواء، مؤكداً أن “صفقة القرن” جريمة قانونية وتصفية شاملة للقضية الفلسطينية، وأن الولايات المتحدة الأمريكية -كأي دول من دول العالم- لا يحق لها أن تنقض قرارات الأمم المتحدة.

وأضاف ولد الحاج الشيخ، في حوار مع “المجتمع”، أن “صفقة القرن” خطيرة جداً، ومن مخاطرها أنها تقضي على المكتسبات القانونية المتعلقة بقضية فلسطين، وتجعل دولة واحدة تتحدث وكأنها المندوب السامي لدول العالم، فتقدّم صكوك الغفران، وتنتزع أرض الشعب الفلسطيني لتعطيها للكيان الصهيوني، موضحاً أن من مخاطر “صفقة القرن” أيضاً أنها لا تشترط أي مستوى من مستويات وجود الدولة الفلسطينية، بل تنسف حتى مخلّفات مدريد في عام 1991 وما شابهها.

وتحدث عن جوانب عدة تتعلق بخريطة التطبيع والمطبّعين في أفريقيا عامة وموريتانيا خاصة، مسلطاً الضوء على جهود الرباط الوطني في نصرة القضية الفلسطينية، وتاريخ الشعب الموريتاني مع رفض التطبيع قديماً وحديثاً، ودور مجلة المجتمع في ربطه بالقضية الفلسطينية، وقضايا أخرى بين السطور.

الرباط الوطني جعل القضية الفلسطينية مطلب الشعب الموريتاني الأول قبل الغذاء والدواء

وإلى نص الحوار:

تأسس الرباط الوطني عام 1999م، ما الدوافع التي دعتكم إلى تأسيسه؟

– في البداية، هذه فرصة طيبة لأقدم فيها التحية للمؤسسة العظيمة الرائدة “جمعية الإصلاح الاجتماعي”، وواسطة العقد منها بل واسطة العقد من الإعلام الإسلامي مجلة “المجتمع”.

أما بخصوص سؤالكم، فمنذ سنة 1995م كانت هنالك إرهاصات لنزوع النظام الموريتاني يومها نحو الكيان الصهيوني، وقد حصلت مبادرات في الساحة الوطنية أحياناً كانت خليطاً من كل التيارات والجهات، ولكن في بعض الحالات تأكد بعض الشباب الموريتاني من الحقيقة التي تقول: “ما حكَّ جلدك مثل ظفرك”، فقرروا تأسيس “الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني” عام 1999م، ووقتها كان الرباط مجرد فكرة وشعار تُكتب به البيانات وتُصاغ به الأحداث وتُرفع به اللافتات، ولم يكن موجوداً على أرض الواقع لأنه كان ممنوعاً من الترخيص والجانب المؤسسي، ورغم كل ذلك أصبح الرباط الوطني رمزاً للقضية الفلسطينية والدفاع عنها، ولافتة وطنية يتجمع الناس تحتها، وفي أواخر عام 2007 تم ترخيص الرباط وبدأ أنشطته التي تخدم القضية الفلسطينية.

ساهم الرباط في كل المنظمات التي عملت حول فلسطين، فكان عضواً مؤسساً في الائتلاف العالمي لنصرة الشعب الفلسطيني، ونائباً للرئيس في أول تشكيلة، ثم كان عضواً في الهيئات الدولية لكسر الحصار عن فلسطين، ثم عضواً في مجلس إدارة الهيئة العالمية لإعمار فلسطين، وشارك في سفينة مرمرة، وهكذا أصبح الرباط يمثل موريتانيا عموماً في غالبية المؤسسات التي تعمل حول القضية الفلسطينية وتحتاج إلى مناديب عن الدول المناهضة للاختراق الصهيوني، وهنا يمكن أن أقول إن الرباط اليوم هو المؤسسة الموريتانية الواضحة لخدمة القضية الفلسطينية وللتفاعل مع القضايا الفلسطينية بملفاتها المتشعبة.

بعد مضيّ أكثر من 20 عاماً على تأسيسه، ما أهم الإنجازات التي قام الرباط بها؟

الرئيس الموريتاني الأول قاد عام 1967م حركة نشطة في أفريقيا بموجبها قطعت العلاقات مع الصهاينة

– من أهم الإنجازات التي قام بها الرباط الوطني هو أنه جعل القضية الفلسطينية مطلباً اجتماعياً موريتانياً، من خلال فتاوى العلماء، والعامة في الشارع، والطلاب في الجامعات، والأئمة في المساجد، والرباط اليوم له هيئات فيها خطباء الأقصى وشباب ونساء الرباط والمكاتب الجهوية داخل البلاد، وهكذا استطاع الرباط أن يُعرِّف بأهمية القضية الفلسطينية حتى أصبحت مطلب الشعب الموريتاني الأول قبل الغذاء والدواء، وأعتقد أن وجود هذه المؤسسة التي يُعبّر الجميع من خلالها -بغض النظر عن توجهاتهم- يُمثِّل الإنجاز الأبرز للرباط، ومن إنجازات الرباط الوطني أيضاً أنه استطاع أن يعكس إرادة الشعب الموريتاني وتفاعله مع القضية الفلسطينية على المستوى الخارجي الدولي بعد أن نجح في جعلها مطلب الموريتانيين الأول، كما استطاع أن يقدم الكثير من الخدمات للشعب الفلسطيني في غزة والقدس وفي الخارج، وشكَّل واحداً من أهم الأدوار التي قام بها مناديب الدول داخل الهيئات والائتلافات التي تخدم القضية الفلسطينية.

حرص الرباط على تنظيم القوافل الإغاثية والمشاركة فيها فنظّم “قافلة نساء الرباط” وشارك في “أسطول الحرية”، حدثنا عن هذه القوافل ودورها في نصرة الشعب الفلسطيني.

– هذا سؤال مهم جداً وجيد، كما تعلمون، القضية الفلسطينية تتعرض لخذلان من غالبية الحكام، اللهم إلا من رحم الله وقليل ما هم، وذلك القليل منه أهل الكويت حكومة وشعباً جزاهم الله خيراً، ولم يبقَ للقضية الفلسطينية إلا آحاد الناس الذين يأتلفون أحياناً في منظمات لتمثيل الشعوب مثل الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني، ولذلك أضحت قضية كسر الحصار ونقل الإغاثة إلى أهل فلسطين حرب عقول، ولا شك أن “أسطول الحرية” كان جزءاً من هذه الحرب، فالدخول إلى الصهاينة من جهة البحر شكَّل اختراقاً إستراتيجياً جديداً، وأذكر أننا عندما كنا نحلل أثناء “أسطول الحرية” كيف سيكون رد الصهاينة، كان بعض الإخوة متفائلين، ولكنني كنت أقول لهم: اليهود لا يحتملون الخرق الإستراتيجي لأنه يفتح عليهم باب المجهول، وأعتقد أنه منذ قيام الكيان الصهيوني الغاصب لم يؤتَ من طرف البحر إلَّا الآن، ولذلك سيؤدّبونكم حتى لا يقلّدكم غيركم.

يعمل الرباط الوطني منذ سنوات على إنهاء قسم شنقيط في مستشفى الوفاء بغزة، هلا حدثتنا عن قصة هذا القسم الطبي؟

– حوالي عام 2016، تم طرح سؤال: لماذا لا نبني مستشفى في شرق غزة يتوزعه المتبرعون من طرف المؤسسة الدولية لإعمار فلسطين؟ والرباط الوطني عضو في مجلس إدارتها، وقد تولى قسم الجراحة والكسور وترميم العظام، والحقيقة أن المبلغ الذي تم إنفاقه على هذا القسم كبير جداً إذا قورن بإمكانيات الشعب الموريتاني الذي يعيش عدد كبير منه تحت خطّ الفقر، لكن الحقيقة أن تجاوب الموريتانيين مع بناء هذا القسم كان متميزاً جداً.

ويمكن القول: إننا الآن في آخر مراحل إنجاز هذا القسم بمختلف جوانبه، وبفضل الله تعالى تحقق الحلم من خلال تبرعات الموريتانيين، فالمرأة الموريتانية كانت تتبرع بحُليها ولحافها وحقيبة يدها، والشاب الموريتاني كان يتبرع بهاتفه المحمول، ولذلك يمكن القول: إن الموريتانيين قاموا بملحمة.

يقوم الرباط منذ فترة بتنفيذ مشروع إفطار الصائم في فلسطين، متى بدأ هذا المشروع؟ وكم عدد المستفيدين منه؟

“صفقة القرن” تصفية شاملة للقضية الفلسطينية والاعتراف بها اعتراف بشرعية الاحتلال الصهيوني

– منذ حوالي أربع سنوات والرباط الوطني يساهم في إفطار المعتكفين والمرابطين في المسجد الأقصى، ويصل عدد المستفيدين إلى ثلاثة آلاف وأحياناً تنقص، وهناك مؤسسات تقوم بإنجاز هذا الإفطار سواء كان ذلك في غزة أو في المسجد الأقصى.

هل أثرت جائحة “كوفيد- 19” على نشاط الرباط والمساعدات التي يقدمها للشعب الفلسطيني؟

– بالفعل، أثرت جائحة كورونا على أداء الأعمال المختلفة التي تخدم القضية الفلسطينية، كالمؤسسات التي كانت تجتمع بشكل دور حول مقاومة الاختراق الصهيوني، وقد تسبب كورونا في إلغاء الملتقيات والمؤتمرات الدولية، وهنا على مستوى موريتانيا أيضاً أثر كورونا على أعمال الرباط، لأن كل الأنشطة التي كانت تُقام في المقرات والقاعات توقّفت نتيجة حظر التواصل الاجتماعي، لكن رغم ذلك هنالك ملفات اجتماعية وأخرى تتعلق بالإعمار لا تزال مستمرة بأقل ما يمكن من الاستمرارية.

في عام 1958م، زارت وزيرة الخارجية الإسرائيلية غولدا مائير القارة الأفريقية، ومنذ تلك اللحظة يسابق الكيان الصهيوني الزمن من أجل بسط نفوذه في أفريقيا، كيف تنظرون إلى اهتمام الصهاينة بالقارة السمراء؟

– كما تعلمون، الكيان الصهيوني كيان لقيط ولديه هاجس الوجود في الأصل ويدرك أنه محتل وجسم غريب ومرفوض من ساكنة المحيط ويعيش أزمة حقيقية، لذلك يبحث عن أي دولة لديها نشيد وتمتلك قطعة أرضية من أجل أن تعترف به، وهذا الاعتراف بالنسبة للكيان الصهيوني يمثل إنجازاً كبيراً، وفي السبعينيات كان هنالك صعود للحركات الثورية التي كان انحيازها إلى القضية الفلسطينية مهماً جداً في مناهضة الاختراق الصهيوني، هذا بالإضافة إلى وجود حكَّام من أمثال المختار ولد داداه -الرئيس الموريتاني الأول- الذي قاد عام 1967م حركة نشطة في الدول الأفريقية بموجبها قطعت العلاقات مع الكيان الصهيوني، ومنذ ذلك اليوم والصهاينة يحاولون العودة إلى ذلك الاعتراف من أجل اختراق أفريقيا.

ومما يؤسف له أن الكثير من الدول العربية أضحت وزارات خارجيتها مناديب ورسلاً عند الكيان الصهيوني، لإغراق بعض الحكام الأفارقة بالمال من أجل أن يقوموا بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، والمفارقة الجديدة اليوم هي أن الدول العربية في السابق كانت تنشط من أجل قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، أما اليوم فتنشط من أجل التطبيع مع الصهاينة.

في أواخر عام 2016، قام الرباط بتنظيم الملتقى الثاني لنصرة الشعب الفلسطيني وكان تحت عنوان “أفريقيا تجدد العهد لبيت المقدس”، ماذا عن هذا الملتقى وأهدافه وأنشطته وضيوفه؟

“المجتمع” ساهمت في ربطي بالقضية الفلسطينية وكنت أتصفحها قبل أكثر من 30 عاماً

– منذ حوالي أربع سنوات، يقوم الرباط الوطني بملتقى سنوي للأقصى يشتمل على جوانب أكاديمية تتعلق بمعارف القدس، ودورات للصحفيين الأفارقة غير الناطقين بالعربية، وملتقيات نسائية لأفريقيا، ويتيح هذا الملتقى للشعوب الأفريقية والمغاربية فرصة للقاء إخوتهم من المشرق ورموز القضية الفلسطينية وبعض الدعاة وأهل الفكر، وسبق أن نظم الرباط ثلاث نسخ من هذا الملتقى، لكن فيروس كورونا حالَ دون تنظيم نسخة هذا العام، ونرجو أن تتحسن الظروف قريباً ونستأنف هذا الملتقى المهم.

كنت على متن “سفينة مرمرة” لفك الحصار عن غزة، واحتجزت مع مجموعة من المتضامين العرب والأتراك، كيف كان شعورك وأنت تشارك في هذه القافلة الجهادية؟

– الحقيقة أنني شعرت وشعر من يودعني في البيت ويُعدّ حقيبتي في العادة بخطورة هذه الرحلة وتميز أجوائها، وما زلت أذكر أنني ودَّعت الأبناء النيام وكل شيء في المنزل بنظرة وداع أسترقها من الرقيب الذي ظل مستيقظاً رغم أن سفري كان آخر الليل، وعلى غير عادته ودّعني خارج الحائط وبنظرات إشفاق.

كما كانت الانطلاقة من تركيا ودخول السفينة في أجواء روحانية وشعور بالتضحية والقرب من الله، لقد كانت ملحمة من التضحيات والتآخي والبذل والعطاء، وعند الاقتحام استقبل الجميع الصهاينة بالتكبير والتهليل والدفع بأيديهم الفارغة إلا من الاستبسال في نصرة القضية المركزية للأمة قضية فلسطين، ثم كان شعورنا لا يوصف ونحن نرقب أضواء القدس من بعيد، ورغم الأيدي المكبلة بالحديد والباصات محكمة النوافذ والجند الجبناء المدجّجين بالأسلحة، تكحلت أعيننا بالرؤية للقدس ولو من بعيد.

في يناير 2020، طالبتم بهَبَّة جماعية في كل البلدان المحبة للسلام تنديداً بـ”صفقة القرن”، كيف تنظرون إلى هذه الصفقة؟

– صفقة القرن جريمة قانونية؛ لأن الولايات المتحدة الأمريكية -كأيّ دول من دول العالم- لا يحق لها قانوناً أن تنقض قرارات الأمم المتحدة، وهذه القرارات رغم جورها تجاه القضية الفلسطينية، فإنها تتضمن مكتسبات قانونية ملزمة للأمم المتحدة وللعالم كله، ولا شك أن “صفقة القرن” خطيرة جداً، ومن مخاطرها أنها تقضي على هذه المكتسبات القانونية، وتجعل دولة واحدة تتحدث كأنها المندوب السامي لدول العالم، فتقدّم صكوك الغفران، وتنتزع أرض الشعب الفلسطيني لتعطيها للكيان الصهيوني، ومن مخاطر “صفقة القرن” أيضاً أنها لا تشترط أي مستوى من مستويات وجود الدولة الفلسطينية، بل تنسف حتى مخلّفات مدريد في عام 1991 وما شابهها.

والحقيقة أن “صفقة القرن” تصفية شاملة للقضية الفلسطينية، وتوقيع الدول العربية على هذه الصفقة يعني تخلّيها نهائياً عن كل حقٍّ لأهل فلسطين في أرضهم، وهذا يؤكد أن القضية الفلسطينية قد تمت تعريتها من بعدها ومحيطها وأمتها، وبالتالي فإن فلسطين على أرض الواقع أرض محتلة، والسلطة الفلسطينية محصورة في زاوية المقاطعة، والدول العربية لن يعد يعنيها أي شيء، بل اعترفت بـ”صفقة القرن”، وعندما تعترف الدول بهذه الصفقة فهذا يعني أنها ستعترف بشرعية الاحتلال الصهيوني، وهذا أمر خطير جداً ومن الواجب محاربته.

المرأة الموريتانية تتبرع لفلسطين بحُليها ولحافها والشاب الموريتاني يتبرع بهاتفه

خلال الانتخابات الرئاسية الموريتانية مارس 2007، أعلن عدد من المترشحين عن رغبتهم في قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، هل لا تزال الأحزاب السياسية وهيئات المجتمع المدني في موريتانيا ترفض التطبيع مع الصهاينة؟

– نعم، لا يزال الشعب الموريتاني حساساً، ولا تزال قواهُ الفاعلة مُجمعة على رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، ولا تزال النقابات والأحزاب السياسية والشخصيات والدوائر الإعلامية المؤثرة والدوائر الشعبية وهيئات العلماء رافضة لأي تطبيع مع الكيان الصهيوني، ولا يزال الشعب الموريتاني متشبثاً بحقوق الشعب الفلسطيني مثله مثل كل الشعوب العربية والإسلامية التي لا يعنيها في شيء الانهيارات الأخلاقية والسياسية التي أصيبت بها بعض الزعامات العربية في الأيام المنصرمة.

في عام 2017، قاد ناشطون موريتانيون حملة أجبرت اثنين من مهندسي العلاقات الموريتانية “الإسرائيلية” على الاعتذار للشعب الموريتاني عن العلاقات المشينة، كيف ينظر الشارع الموريتاني إلى المطبِّعين مع الصهاينة؟

– الذنوب أصناف، والحقيقة أن الذين تولَّوا كبر التطبيع مع الكيان الصهيوني ونالوا رمزية ذلك ولم يعتذروا عنه، لا تواجههم المنظمات المناهضة للتطبيع فقط، بل يواجههم المجتمع بكامله، ولذلك فإن بعض هؤلاء المطبِّعين يخجل ويختفي من المشهد، وبعضهم يبدأ يحاول تغيير انطباع الشعب عنه، وهناك من يعتذر بشجاعة ويلتحق بركب المناهضين للتطبيع، وهذا أمر مهم.

يوم 4 يناير الحالي، طالب برلمانيون موريتانيون بسنّ قانون يجرّم التطبيع مع الصهاينة، ما تعليقكم على هذا الطلب وهل سيؤدي إلى تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني بموريتانيا؟

– هذه المطالبة تمثل خطوة جيدة جداً ويجب أن تستمر لأنها مطلب مشروع، والحقيقة أن موريتانيا ليست مثل بعض الدول التي يُقنن فيها الخطاب، بل هي دولة فيها حريات، والشعب يملك أن يقول ما يشاء وممثلوه لديهم هامش كبير من الحرية في اتخاذ المواقف التي يريدون، لذلك أعتقد أنهم يستطيعون أن ينجحوا في سن قانون يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني، وعلينا جميعاً أن نشجعهم وأن نشد من أزرهم في هذا الاتجاه. 

في الختام، لا شك أنك كنت من القراء الموريتانيين الأوائل لـ”المجتمع”، هل كان لها دور في تعريفك وربطك بقضايا الأمة الإسلامية؟

– نعم، ساهمت مجلة “المجتمع” في ربطي بقضايا الأمة الإسلامية عامة وقضية فلسطين خاصة، والحقيقة أن “المجتمع” مجلة عظيمة رفدت الصحوة الإسلامية في كل بقاع الأرض بالفكر النيّر وفقه الواقع، وطرقت أحوال المسلمين في كل قارات الدنيا، وعرّفت بعض المسلمين على بعض والدعاة على بعض، وكانت صفحاتها الزاخرة بالمعرفة الحقيقية الأصيلة عبارة عن منتدى إسلامي عالمي، وأذكر عندما كنا نذهب أيام المراهقة إلى “المجتمع” كأنما نلتهم صفحاتها، وكان البيت الذي توجد فيه أعداد من “المجتمع” -حتى ولو كانت قديمة جداً- يمثل مركزاً لتجمع الشباب الإسلامي الموريتاني، من أجل معرفة أخبار المسلمين في فلسطين والهند وكل قارات العالم.

وأنتهز هذه الفرصة الطيبة لأعبّر عن شعوري الذي لا يوصف وأنا اليوم بعد هذا العمر أحلُّ ضيفاً على مجلة “المجتمع” وتطرح عليَّ الأسئلة، فقد كنت أتصفحها قبل أكثر من 30 عاماً، وها هي اليوم تقابلني وأنا كهل، فلا تزال الصلة معها موصولة والحبل ممدوداً، وإن كان لي من تمنٍّ فهو أن تظل “المجتمع” الرائدة كما ألفناها سائرة على الدرب، بارك الله في مجلة “المجتمع” وفي القائمين عليها، وفي ذلك الجيل العظيم الذي أسّسها وحماها، وفيها كتب الافتتاحيات والتحقيقات والمقالات، وصال بها وجال في أرجاء الدنيا.. شكراً جزيلاً لكم.

Exit mobile version