حركات يهودية تعادي “إسرائيل”.. هل يأتي انفجار الصهاينة من داخل اليهود؟

«يهود ويعادون إسرائيل»، قد يبدو هذا التعبير غريباً على البعض، لكن الواقع يؤكد أن مثل تلك الحركات موجودة ولها تأثيرها وإن بدا بسيطاً، وتعد حركة «ناطوري كارتا» اليهودية الرافضة للصهيونية ولدولة الاحتلال إحدى أهم تلك الحركات.

من هنا تأتي أهمية إلقاء الضوء على مسيرة تلك الحركة، خاصة أن أعضاءها أصدقاء لبعض المؤسسات الإسلامية؛ كالأزهر الذي استضافهم في مؤتمر عالمي لنصرة القدس عام 2018م.

تعد حركة «ناطوري كارتا» واحدة من 6 منظمات يهودية ترفض دولة «إسرائيل» وسياستها الاحتلالية، حيث يعارض بعض اليهود الأرثوذكس «الصهيونية»، ويعلنون مناهضة قيام دولة يهودية على الأرض الفلسطينية وانتهاج القتل والتخريب، ورفع السلاح بوجه العرب والعنصرية، ويرى أعضاء تلك الحركات أن دولة الاحتلال مخالفة لرغبة الرب.

«ناطوري» أعلنت ياسر عرفات رئيساً لجميع سكان فلسطين وشارك رئيسهم بحكومته وزيراً للشؤون اليهودية

وبحسب تعبير رئيس الحركة، فإن «ناطوري كارتا» تمثل شوكة في ظهر دولة الاحتلال؛ حيث يجاهرون بمعتقداتهم ومناهضتهم للصهيونية في كل مكان بالعالم، بل وينظمون مظاهرات تؤكد ذلك، كما يحضرون المؤتمرات الدولية المناصرة لحق الفلسطينيين، ورفض دولة الاحتلال.

ولعل أبزر تلك المؤتمرات «المؤتمر العالمي» الذي نظمه الأزهر لنصرة القدس بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته «دونالد ترمب» الاعتراف بها عاصمة للكيان الصهيوني، وترأس الحاخام «مير هيرش»، زعيم الحركة، وفداً من أعضائها أمام ممثلي 86 دولة من مختلف قارات العالم.

وقد ألقى «هيرش» كلمة طويلة بحضور د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، جاء فيها: «.. نحن نأمل ونصلي من أجل قضاء فوري على النظام الصهيوني، وأن نعيش تحت الحكم الفلسطيني في كل أنحاء فلسطين، على حدود عام 1948م، وعاصمتها القدس».

وأكد قائلاً: «الصهيونية لا تمثل تعاليم اليهودية التي جاء بها موسى عليه السلام، وإننا كممثلين عن الشعب اليهودي الأصلي، نود التأكيد على أنه تقريباً في كل الدول العربية عاش مئات الآلاف من اليهود مئات الأعوام، وسط احترام وتقدير متبادل».

وشدد «هيرش» على أنه ليس هناك حقوق لهؤلاء الصهاينة وقادتهم في تمثيل الشعب اليهودي، أو التحدث باسمه، وأن لفظة «إسرائيل» التي يستعملونها ليست إلا تزييفاً شائناً، وليس هناك ارتباط بين هؤلاء الصهاينة وقادتهم بالشعب اليهودي وشريعته، وليسوا يهوداً على الإطلاق.

وأضاف: «ومن هنا نلتمس من قادة العالم الإسلامي ألا يلقبوا هؤلاء الصهاينة بالإسرائيليين أو اليهود؛ لأنهم يمنحنونهم شرعية، فينبغي أن ينعتوهم بالصهاينة المحتلين، وأن يعلنوا أنهم ليسوا يهوداً على الإطلاق، ولا يرتبطون بالشعب اليهودي ولا بتوراته، وليس لهؤلاء الصهاينة حقوق سيادة ولو على ذرة تراب من كل أراضي فلسطين».

وأردف «هيرش» قائلاً: «قسماً بالله! قد حُرِم بصورة كبيرة على اليهود إقامة أي حكم سواء في فلسطين أو في أي مكان آخر بالعالم، حتى لو منحتهم الأمم المتحدة تفويضاً بذلك، ووفق أوامر التوراة نحن نذعن وبإخلاص لتلك الأنظمة التي تمنحنا المأوى والملاذ، ونتضرع من أجل سلامة تلك الحكومات التي تؤوينا».

وكان الحاخام «دوفيدويس»، عضو حركة «ناطوري كارتا»، قد أعلن رفضه وحركته نقل السفارة الأمريكية للقدس، مؤكداً أن القدس حق أصيل للمسلمين، رافضاً ما يقوم به الصهاينة حالياً من حفر تحت المسجد الأقصى، مؤكداً أنهم عارضوا قرار «ترمب» بضم القدس لـ»إسرائيل» والاعتراف بها عاصمة لها، وتظاهروا ضده.

إزالة “إسرائيل”

يؤمن أعضاء «ناطوري كارتا» بحتمية إنهاء الاحتلال وتسليم الفلسطينيين وطنهم؛ لأنهم يؤمنون بأن الخلاص بيد الرب لا بيد «الإسرائيليين»، وهو ما تتكلم به صراحة نصوص التوراة، ولهذا فهم ينضمون لأي مظاهرات ضد الاحتلال البغيض، بل يشعلون النار في العلم الصهيوني؛ لأن دولة الصهيونية لا تستند إلى اليهودية التي هي دين يعبد الرب، وإنما هي حركة سياسية دولية تتناقض أهدافها مع ذلك، بل إنها تمثل تهديداً لليهود في العالم، ولليهودية كديانة.

وتؤكد «ناطوري كارتا» أنهم يعارضون الدولة الصهيونية منذ اليوم الأول، وأنهم أودعوا وثائق في المنظمات الدولية تفيد بذلك.

وبحسبهم، فهذه الدولة الصهيونية يجب ألا تبقى على الأرض؛ لأنها دولة ضد إرادة الرب، وغير مقبول أن تكون القدس عاصمة لها، ويؤكدون أنها أتت بالحرب والدم ويجب أن تزول، وعلى الجميع أن يدرك أن الصراع ليس دينياً، هناك مئات الآلاف يرفضون ذلك، ولدينا معارضون للصهيونية يزدادون يوماً بعد يوم، ونحن لن نسكت عن هؤلاء الذين يجبرون أولادنا على الالتحاق بالجيش الذي يرتكب الجرائم، هذا ضد تعاليم الدين.

وقد بدأت حركة «ناطوري كارتا»، التي تعني «حراس المدينة» بالعبرية، عام 1938م من يهود أرثوذكس محافظين سكنوا فلسطين قبل قيام دولة الاحتلال «الإسرائيلي»، غالبيتهم جذورهم مجرية، وينادون بضرورة إزالة دولة «إسرائيل»، ويعتبرون أن الله عاقب اليهود بإزالة دولتهم في العهد القديم، وأن محاولتهم الآن معارضة لمشيئة الرب وستعرضهم للعقاب الإلهي.

ويقدر عددها بأكثر من ألفي شخص، ويرفضون الخدمة بجيش الاحتلال، كما أن لها أتباعاً بنيويورك ولندن وفيينا.

وسبق أن أعلنت منظمة «ناطوري» ياسر عرفات رئيساً لجميع سكان أرض فلسطين، وشارك رئيسهم «موشيه هيرش» في حكومة عرفات وزيراً للشؤون اليهودية، وعندما طلبت إيران مشاركتهم مؤتمراً نظمته حول حقيقة «الهولوكوست» واستغلال محرقة اليهود لخدمة أهداف «إسرائيلية» قبلوا الدعوة، وأيدوها، حتى قيل: إنهم يحسنون الصلات مع أكثر المجموعات عداء لـ»إسرائيل» واليهود.

«صوت يهودي للسلام» شاركت بـ»أسطول الحرية» لكسر حصار غزة وتعمل لتشويه العلاقة بين يهود أمريكا و»إسرائيل»

ليست «ناطوري كارتا» وحدها على ساحة المعارضة للصهيونية، بل هناك 5 جماعات أخرى، هي:

1- منظمة “صوت يهودي للسلام”:

وهي تنشط في الجامعات الأمريكية لتشويه العلاقة بين يهود أمريكا و»إسرائيل» بأساليب تشمل حملة لدعم حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، مع أساليب اقتصادية كسحب الاستثمارات من الشركات مثلاً، وتأهيل طلاب ناشطين في معسكرات خاصة لحركة المقاطعة لـ»إسرائيل».

وشاركت المنظمة في «أسطول الحرية» لكسر حصار غزة عام 2011م، كما تتبع إستراتيجية اسمها «ديربان للحرب السياسية ضد إسرائيل»، وقد وضعت في مؤتمر «ديربان» عام 2001م، وشارك فيه أكثر من 1500 منظمة تساند فرض عزلة دولية على «إسرائيل» كدولة صهيونية معتدية، كما تشارك في حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني.

2- “هعيدا هحريديت” (الطائفة الحريدية):

وهي تضم تياراً من اليهود المتشددين دينياً والمعارضين للصهيونية، وتضم قرابة 10 آلاف عائلة، وتعارض الثقافة العلمانية في «إسرائيل» وترفض التحاور معها.

«فوضويون» تشارك بكل المظاهرات ضد الاستيطان ولها أنشطة احتجاجية لإظهار بشاعة الاحتلال

وقد تأسست المنظمة عام 1921م، وتنظم مظاهرات ضد تدنيس يوم السبت في القدس، ولديها هيئة خاصة للمصادقة على الطعام والشراب الحلال حسب الشريعة اليهودية، ويمتنعون عن المشاركة في الانتخابات العامة لـ»الكنيست»، وترفض أي مخصصات مالية تدفعها الدولة، ولا يتحدث أبناؤهم العبرية؛ لأنها لغة الصهاينة، وتلتزم بمقولة دينية يهودية قديمة بأن «التوراة تحظر تبني عادات وتقاليد جديدة، ولا يمكننا تغيير أي شيء من تراث آبائنا، الذين لم يناضلوا من أجل استقلال اليهود».

3- حركة “فوضويون ضد الجدار العازل الإسرائيلي”:

تأسست عام 2003م، وتتعاون مع الفلسطينيين في نضالهم الشعبي ضد الجدار والحصار والاعتداءات العسكرية ضد قطاع غزة، وضد الاحتلال بشكل عام، وتشارك في كل المظاهرات ضد الاستيطان، ولها أنشطة احتجاجية داخل «إسرائيل» لإظهار بشاعة الاحتلال، ويتعرض أعضاؤها لقمع قوات جيش الاحتلال والاعتقال والإصابة، وتهددهم نيابة الاحتلال، لكنهم يصرخون دائما: «نرفض أن نكون أعداء، وسنكون شركاء في النضال الشعبي ضد الاحتلال».

4- حركة “ترابط”:

تسعى تلك الحركة للتغيير الاجتماعي والسياسي، وتعتبر نفسها «يهودية عربية»، وأن المجتمع «الإسرائيلي» ناتج عن مشروع «كولونيالي»، قادته الحركة الصهيونية بحماية القوى الغربية العظمى، وهو عنصري ضد الفلسطينيين، وبحجة الأمن يدفع المجتمع بأبنائه للحروب، وتناضل الحركة ضد الاحتلال وضد سياسات الاحتلال مع الأقلية العربية في الأراضي المحتلة، وضد مخططات التهويد وسلب الأراضي العربية في النقب، وتطالب بتحسين ظروف حياة العرب في المدن المختلطة؛ لأنها تؤمن بحق اليهود والفلسطينيين سكان «إسرائيل» في تقرير مصيرهم، ما دام ذلك لا يمس حقوق الطرف الآخر.

5- جمعية “زوخروت”:

تهدف لتعميق الوعي لدى اليهود في «إسرائيل» بالأزمة الفلسطينية، وقد نشأت عام 2002م، واستمرت في دعوتها لتطبيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وتحميل اليهود المسؤولية عن أحداث النكبة وقتلاها، واعتبارها ذنباً في طريق السلام العادل والمصالحة بين اليهود والفلسطينيين، وتدعو يهود «إسرائيل» للتخلي عن الممارسات الاستعمارية، ومواقف وقرارات الحكومة «الإسرائيلية» بحق الفلسطينيين

Exit mobile version