البرازيل.. آلاف السياسيين يفوزون بانتخابات 2016 كمرشحين بيض و2020 سود!

أندرو جانوز (*)

 

تعاني البرازيل من لغط عرقي غريب بعد الكشف عن قنبلة!

آلاف السياسيين المخضرمين غيروا عرقهم الذي حددوه بأنفسهم بين انتخابات 2016 و2020.

يشكل البرازيليون المنحدرون من أصل أفريقي –وهم من السود وذوو الأعراق المختلطة– 56% من سكان البرازيل، ولكنهم يشكلون 43% فقط من المسؤولين المنتخبين، وقد احتفلت البرازيل بتولي ما يقرب من 29 ألفاً من أصل أفريقي برازيلي مناصب في مجالس المدن وفي رئاسة البلديات في الأول من يناير الجاري بعد فوزهم بسباقاتهم الانتخابية، في نوفمبر الماضي.

لكن السياسة البرازيلية ليست بهذا التنوع الذي تشير له الإحصاءات الرسمية.

فقد غيَّر أكثر من 42 ألف سياسي مخضرم ممن ترشحوا لمناصب مختلفة عام 2020 عرقهم الذي اختاروه سابقاً ليتمكنوا من التقدم والترشح كسود.

ومن بين 28764 فائزًا تم تحديدهم على أنهم من أصل أفريقي برازيلي العام الماضي، عرّف 16% (4580 شخصًا) أنفسهم على أنهم عرق مختلف عندما ترشحوا لمناصب عام 2016، وفقًا لبيانات من المحكمة الانتخابية العليا في البرازيل، وتم تسجيلهم جميعا تقريبًا في وقت سابق على أنهم من البيض، وفقًا لتحليلي للسياسيين البرازيليين الذين يغيّرون العرق، ولا تشمل البيانات التي قمت بتحليلها المرشحين الجدد، الذين لم يتم توثيق هويتهم العرقية السابقة.

وقد شعر البرازيليون بالغضب عندما علموا أن الكثير من السياسيين المخضرمين قرروا تحديد هويتهم كسود، ويتساءل الناخبون السود عما إذا كان المشرعون يفهمون بالفعل تجربتهم كأغلبية مهمشة، ويمثلون احتياجاتهم في أروقة السلطة بمستوياتها المختلفة.

غياب المساواة العرقية والسياسة

كما هي الحال في الولايات المتحدة، يُقتل البرازيليون غير البيض على يد الشرطة أكثر من البيض، ويموت من السود عدد أكبر بكثير بسبب كورونا، كما أن السود يتخلفون عن البيض في كل مؤشر موضوعي للرفاهية تقريبًا، من مستوى التعليم إلى مستوى الدخل.

وكان النشطاء الأفرو-برازيليون قد طالبوا المسؤولين المنتخبين بمعالجة هذه التفاوتات العرقية القائمة منذ فترة طويلة، وقام المسؤولون بالفعل، ولكن بنجاح محدود، بالقيام بعدد قليل من الإجراءات الإيجابية الفيدرالية وبرامج العدالة العرقية في البلاد.

لكن رئيس البلاد، جايير بولسونارو، تعهد بإلغاء كل أشكال التمييز من أجل تحقيق المساواة، وتدعي إدارته أن البرازيل تمارس “ديمقراطية عنصرية”، وأن إدارته ترنو لمجتمع خالٍ من العنصرية والتمييز.

وفي بحثي حول التمثيل السياسي الأفرو برازيلي، وجدت أن هناك اعتقادًا سائدًا بأن الحياة ستتحسن للمجتمعات الملونة إذا تمتع المزيد من الأفرو برازيليين بالسلطة السياسية.

وقد أجريت مقابلات مع نشطاء وسياسيين وناخبين برازيليين في عامي 2016 و2018، وادعى الكثيرون أن المشرعين الأفرو برازيليين يدافعون بالفعل عن غير البيض ويعطون الأولوية لاحتياجاتهم، وهناك سياسيون أضيروا بالفعل بسبب ذلك، مثل عضو مجلس مدينة ريو دي جانيرو، مارييل فرانكو، الذي انتقد صراحة عنف الشرطة مع الأفرو برازيليين، واغتيل في مارس 2018.

وهناك بعض الأدلة التي تدعم هذا الاعتقاد، ففي بحث قمت أنا شخصياً به ثبت أن المشرعين الأفرو-برازيليين يتصرفون بشكل مختلف عن زملائهم البيض، ففي الكونجرس البرازيلي يقدمون تشريعات تهتم بالسود، مثل إنشاء يوم وطني للوعي الأسود ومشاريع قوانين تعالج التباينات العرقية والتمييز العنصري.

وقالت بينيديتا دا سيلفا، أول عضوة برازيلية سوداء في الكونجرس، في مقابلة أجرتها معها صحيفة “نيويورك تايمز” عام 1987 بعد فوزها الانتخابي: أعرف مكانة السود في هذا البلد، لديَّ مسؤولية خاصة للتحدث علانية حول الموضوعات التي أعرفها جيداً، وهي التمييز العنصري.

العرق والفرصة والأصالة

ومن المفارقات أن مبادرة المساواة العرقية هي التي ساهمت في فضيحة تغيير العرق السياسي في البرازيل.

وفي انتصار كبير لحركة الوعي الأسود في البلاد، قضت المحكمة الانتخابية العليا في البرازيل، في سبتمبر 2020، بأن على كل حزب سياسي تقسيم موارد الحملة التي يتلقاها من الحكومة بشكل متناسب بين مرشحيه البيض وغير البيض، ويُفترض أن العديد من السياسيين الذين يغيّرون العرق قد تبنوا هويات غير بيضاء ليفوزوا بالتمويل بشكل انتهازي.

ويرفض بعض السياسيين الذين يُعرَفون الآن بأنهم من أصل أفريقي برازيلي هذه الفكرة، زاعمين أنهم يقرون أخيرًا بسوادهم، في بلد كان فيه السود موصومين تاريخيًا.

فعلى سبيل المثال، زعمت ميوما جراماتشو، عمدة بلدة لورو دي فريتاس الشمالية الشرقية، أنها تريد “استعادة هويتها” من خلال تغيير عرقها من العرق المختلط في عام 2016 إلى العرق الأسود في عام 2020.

وقالت لصحيفة “فولها دي ساو باولو”: “لقد كانت مسألة تأكيد ذاتي”.

وتظهر بيانات التعداد أن المزيد من البرازيليين ينتقلون عبر السلسلة العرقية، من الأبيض إلى الأسود، وهو اتجاه يُعزى إلى المستويات المتزايدة من التعليم والوعي العرقي في العقود الأخيرة.

لكن توقيت إعادة اختراع كل هؤلاء السياسيين لأنفسهم عنصريًا مريب لكثير من البرازيليين السود.

تقول ليفيا زاروتي، إحدى شخصيات وسائل التواصل الاجتماعي السوداء، في مقطع فيديو على “يوتيوب” تمت مشاهدته على نطاق واسع، مشيرة إلى جراماتشو: “حتى يوم أمس، لم يكن أحد يريد أن يكون أسود، الآن بعد أن وجدت فائدة مالية من الانتماء للسود، يقولون: سنستعيد جذورنا.

والمفارقة، أنه يوجد في البرازيل اليوم، على الورق، عدد أكبر من البرازيليين الأفارقة في المناصب العامة، أكثر من أي وقت مضى، ولكن ما زالت الأمة البرازيلية ذات الأغلبية السوداء، من الناحية العملية، تتساءل عما إذا كانت تتحرك بالفعل نحو المساواة العرقية.

 

 

____________________________________

(*) أستاذ مساعد في العلوم السياسية، جامعة فلوريدا.

المصدر: “The Conversation“.

Exit mobile version