وليمة لكلاب البر! (قصة قصيرة)

كل ليلة يحدث صخب في الطابق العلوي؛ هل ترى الجن سكنوه؟

يتملكني الرعب الذي لا نهاية له، منذ أن ارتحل أبي إلى ربه أحكم إغلاق الأبواب وأنام بنصف عين؛ يعوي ذئب فينبح الكلب، تخيلوا إنها الفئران تدس أنوفها في أقنية الدجاج.

في هذه الأيام الناس تخشى الوباء الذي جاء من بلاد نمنم؛ هل هذه نهاية الزمان؟

يصمت الديك قبل الفجر لم تكن تلك عادته التي درج عليها، سألت أمي: هل يكره الشيطان الأذان؟

– ربما يا ولدي!

 أخبرتني أن دجاجتها اليتيمة افترست مؤخرتها؛ تداعت إلي صورة فتاة مزقتها أيادي العابثين ذات مرة في شوارع المدينة الخلفية؛ أصعدتني الطابق العلوي؛ أنظر الطيور؛ في لمحة وجدت ستة من الجرذان تتهادى؛ لقد سمنت حتى ترهلت، حبات الذرة والحنطة تتناقص كل يوم! أحكمت عتبات الحجرات؛ جاء أخي إنه شرس؛ لا قلب لي حتى أعاونه في تلك المعركة، وقفت على قفص؛ خشية أن تغرز في رجلي أنيابها؛ ساعة الموت كل شيء مباح؛ لا أدري لم تداعت إلي مذبحة القلعة؟ رقص وغناء ومائدة بما يشتهي المماليك؛ الأتابك فوق أريكته يدخن؛ الرصاص يقتنص الفرسان؛ كلما وقع فأر قفز مملوك من فوق الأسوار؛ جواده مركبته الطائرة، نزوة التسلط في احمرار الموت، أحاول الفرار؛ يستحثني البقاء؛ يمسكني عصا لأنهال ضربا على الظهر؛ يتسمع الهر صراخ الجرذ فيحرك لسانه، تدور عيناه في تشف، يسيل لعابه وجبة عشاء!

يتماوج الدخان في فضاء تسكره خمرة السطوة.

 يأتي عيد الميلاد والآنية يصفر فيها الريح؛ يحتفون بالليالي الحمراء فوق أشلاء المشردين؛ إنه عالم فقد عقله.

ينطرح هؤلاء أرضا؛ لم تعد بهم حياة، تهنأ الطيور بليلة خلت من اللصوص؛ أبحث عن صوت الديك؛ يا له من كسول اعتاد النوم، يموء القط ويصخب الكلب؛ يطالبانه أن يغرد، تخبرني أمي أن الديك لا نفع وراءه، لقد صحب الفأر الكبير، أسكره بحكاية ابنة الغجر التي سرقت عقل الشاطر حسن؛ في ليلة شاتية والرعد والبرق يضربان الدور في كفر ينام من العشاء، تخطو الغجرية في ثياب مزركشة؛ كان وجه الفتى يزداد حمرة ووهجا؛ رمانتان بصدرها سلبا عقله، خصلة شعر تفرق غطاء رأسها، حاجباها هلالان، تبعها والفتوة ضرام والهوى عشق، تتعارك الإبل في طرقات تخلو من المارة، يقام مولد سيدي العريان؛ خيول تجري وسيوف تلمع، دماء تسبح فيها عرائس.

 تسلبه الغجرية ناقة وفحلا، يرضى برضاب شفتيها، يزداد الديك خرسا.

نذرت أمي لأم هاشم خبزا محشوا بالفريك؛ ينام الدراويش يحلمون بمائدة من السماء.

تدوي عاصفة خارج البيت؛ تنام أمي ولم تكمل حكاية الغجرية.

Exit mobile version