أطباء مصريون: ما تعرض له زملاؤنا جراء “كورونا” الأسوأ خلال 2020

وصف عدد من الأطباء ما تعرض له زملاؤهم خلال هذا العام بأنه الأسوأ خاصة مع تداعيات جائحة كورونا وهو ما جعلهم في مرمى النيران بلا أي غطاء، سواء بحمايتهم وتوفير الرعاية والاهتمام بهم، وهو ما جعل نسبة الوفيات بينهم تسجل الاعلى عالميا، او على الأقل تأمينهم مادياً واسرهم. 

وأشاروا في تصريحاتهم لـ”المجتمع” الى ما تعرض له الأطباء ونقابتهم من ممارسات غير مسبوقة، سواء بحبس العديد منهم لمجرد إبلاغهم عن حالات إصابة، أو لمجرد مطالبة النقابة بحماية أعضائها مما أدى إلى محاصرتها ومنع نقيبها من الدخول، متخوفين من تكرار نفس السيناريو. 

خلال الموجة الثانية للفيروس 

وخلال هذا العام ومع وصول جائحة كورونا دفع الأطباء المصريون ثمنا باهظا سواء من قضى جراء هذا الفيروس نتيجة عدم توفير الحماية لهم، رغم المطالبات العديدة بذلك حيث قارب عدد الوفيات بين الاطقم الطبية ألف شخص ومسجلة النسبة الأعلى عالمياً تقريباً، كما تعرض العديد منهم للسجن والاعتقال بسبب انتقادهم لطريقة معالجة كورونا أو بسبب كذب الدولة في كشف الحقيقة، أو حتى لمجرد الإبلاغ عن بعض الحالات المصابة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تم محاصرة نقابتهم ومنع نقيبهم من دخولها لإلقاء بيان خلال مؤتمر صحفي.

أرقام مؤلمة  

وفي سياق تعليقه قال وكيل وزارة الصحة الأسبق د.مصطفى جاويش: إنه كان واضحا منذ بداية الازمة أن الحكومة ليس لديها رؤية واضحة لمدى أهمية العناية بالأطقم الطبية، رغم أن إعلان منظمة الصحة العالمية عن جائحة كورونا يوم 11 مارس 2020م، حمل أيضا التوصية بالاهتمام بصحة وسلامة الفريق الطبي ودعمه، الا أنه شكاوى الأطقم الطبية تكررت من طول ساعات العمل، وعدم وجود فحوصات واختبارات مناسبة لهم خشية اصابتهم بالعدوى من المرضى أو نقل العدوى منهم للمجتمع، بالإضافة الى نقص المستلزمات والواقيات والمطهرات. وفى حين كانت الموجة الأولى تضرب أوروبا بقوة وبلغت نسبة الإصابة 7% بين الأطقم الطبية في إسبانيا، وهي الأشد تضرراً وقتها، فقد أعلنت منظمة الصحة العالمية بأن النسبة قد بلغت 13 % في مصر؛ وبنسبة تبلغ عشرة أضعاف النسبة العالمية، في ظاهرة باتت مؤلمة لجميع المصريين.

واضاف لـ”المجتمع”: إن الاستهتار والاضطهاد الحكومي بلغ مداه نحو ضحايا كورونا من الأطباء لدرجة أن شهادة وفاة الضحية لا يتم الإشارة فيها بوضوح إلى أن سبب الوفاة هو “كورونا- المستجد”، وبذلك تضيع الحقوق القانونية والإدارية لهم باعتبارها إصابة عمل للأحياء، ويضيع معها حقوق الورثة في المستحقات المالية للمتوفين حسب القانون الذي يعتبر “كوفيد-19” ضمن الأمراض الوبائية. 

وحول دور النقابة قال وكيل وزارة الصحة الأسبق: إن النقابة تقدمت بطلبات واضحة بخصوص أمن وسلامة الأطباء وتحسين ظروف العمل وتوفير الاحتياجات من ناحية، ومن ناحية أخرى تعديل القانون رقم 16 لسنة 2018 الخاص بشهداء الجيش والشرطة ليشمل ضحايا كورونا من أفراد الأطقم الطبية، وتم رفض الطلب الخاص بضحايا الأطباء، وأشار رئيس الوزراء إلى أن توجيهات السلطات تشمل إنشاء صندوق جديد من المساهمات المالية لأعضاء الأطقم الطبية أنفسهم للصرف منه على أسر الضحايا منهم، وذلك تحت مسمى “صندوق مخاطر المهن الطبية”، مما يعتبر رفضاً رسمياً لاعتبار ضحايا الأطقم الطبية ضمن شهداء الواجب الوطني كما هو الحال مع ضحايا الجيش والشرطة، بل وصل الأمر أن يخرج رئيس الحكومة بعدها بأيام ويتهم الأطباء بالتخاذل والتسبب في زيادة عدد الوفيات بين المواطنين وذلك على النقيض من جميع دول العالم حيث يتم التكريم والحفاوة بأفراد الأطقم الطبية.

مضيفاً: وفي سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ النقابة؛ وفي نهاية شهر يوليو الماضي، فقد قامت قوات الأمن المصري بمحاصرة مقر نقابة الأطباء بوسط القاهرة، وتم منع نقيب الأطباء من الدخول لعقد مؤتمر صحفي افتراضي للرد على اتهامات الحكومة للأطباء بالتقصير والإهمال في أداء واجبهم.

تكرار نفس السيناريو 

من جانبه قال امين صندوق نقابة الصيادلة الأسبق د. أحمد الحوفي: إن السلطات تتعامل مع الأطباء بهذا الشكل من إهمال وصل لحد الموت وسجن وقمع وتنكيل بهم.

وحول إمكانية تعامل السلطات بنفس الطريقة مع الموجة الثانية للفيروس من إهمال للأطباء، قال الحوفي في حديثه لـ”المجتمع”: إن الموجة الثانية بدأت بالفعل ونفس السيناريو مستمر، حيث أعداد الوفيات بين الأطقم الطبية متزايدة بشكل مطرد والأمور تسير في نفس الطريق دون وجود أي تغيير. 

وحول دور نقابة الأطباء في وقف ما يجري أكد الحوفي أن الوضع يكتنفه بعض الصعوبة خاصة في ظل تعامل السلطات مع المجتمع المدني بشكل عام والنقابات بشكل خاص وما يجري مع نقابة الأطباء يحدث باقي النقابات، لأن في ظل هذه السلطات يكون هامش العمل النقابي ضيق ولا تستطيع أي نقابة أن تتعامل مع ما يجري بشكل حقيقي، مشيراً إلى أن هذا الوضع لن يتغير الا اذا قام الناس بتغيير المشهد الحالي برمته ودفع ثمن ذلك سواء في نقابة الأطباء أو باقي المؤسسات الأخرى. 

إهمال وقمع  

أما الطبيب بوزارة الصحة د. حسن الشرقاوي فقد أشار إلى ما تدعيه وزارة الصحة من إصدار بروتوكولات الوقاية من العدوى، وعن تدريب الأطقم الطبية على إجراءات التحكم في منع انتشار العدوى وطرق الوقاية الشخصية، وأنها تحرص على توفير الاحتياجات بالمستشفيات وما يحدث عكسه تماماً، حيث إصابة أفراد الأطقم الطبية بفيروس كورونا المستجد، وسقوط الضحايا بأعداد كبيرة، مؤكدا على أن هذا يرجع أساسا إلى أن جميع الواقيات والمستلزمات والمطهرات ضد العدوى؛ جميعها غير مطابقة للمواصفات القياسية العالمية، وبالتالي لا تعدو كونها الا نوعا من الأسلحة الفاسدة والتي تتسبب في هلاك أفراد الجيش الأبيض في مصر. 

وحول الوضع الأمني أشار الشرقاوي إلى ما جرى لبعض الأطباء من اعتقال وحبس، ومنهم الطبيبة التي قامت بالإبلاغ عن حالة مصاب كورونا- المستجد بالمستشفى الجامعي بالإسكندرية، فتم اعتقالها فورا بتهمة نشر الاشاعات والاضرار بالأمن العام، وبعدها توالت الاعتقالات في صفوف الأطباء بنفس التهمة حتى طالت أعضاء مجالس النقابة أنفسهم بالقاهرة والشرقية، كوسيلة لتكميم الأفواه ومنع المطالبة بحقوق الأطباء في توفير التجهيزات والمستلزمات وبروتوكولات مناسبة للعمل، إضافة إلى وجود المئات من الأطباء وعلماء الطب في السجون منذ سنوات رغم حاجة الوطن إلى جهودهم لمواجهة الجائحة.

Exit mobile version