بيت المقدس أمنية المسلمين (1 – 2)

مع حركة التطبيع الصهيونية العالمية هذه الأيام، كثيراً ما نسمع الحديث حول بيت المقدس، والمسجد الأقصى، وتحرك صهيوني مكثف غريب على المسجد، وحقيقة أحاديث المطبعين وتصرفاتهم غريبة عجيبة أيضاً، لا تتعلق إلا فيما هو مكذوب، وما هو ممجوج وغير مقبول تدليساً على عامة الشارع المسلم، وكأن اليهود لم يغدروا بالأنبياء والرسل، ولا يتذكر هؤلاء ماذا جنى ياسر عرفات، يرحمه الله تعالى، يوم أن اعترفت به عام 1988م أكثر من 80 دولة ومؤسسة عالمية دفعة واحدة ولم يخرج إلا صفر اليدين!

استمعت لأحد الدجالين يتكلم عن اليهود، ويحاول أن يتهم أسياده عمر بن الخطاب، وصلاح الدين، أنهما من أصّل لليهود موطناً في فلسطين! ويتضامن هذا مع التحرك الغريب تطبيعاً مع المغرب مؤخراً!

أكل الحقد والغل قلوبهم، فأصبح الشيطان قدوة لهم، لا يتحدثون إلا بالكذب حقداً وحسداً، ولا يتحركون إلا من أجل الطعن في الدين والإسلام والمسلمين ودولهم وتاريخهم، من أجل تبرير اعوجاج الحاضر! ومن ثم الانحراف للتطبيع الخبيث، ويتفق هؤلاء الحاقدون المسوخ مع المستشرقين الحاقدين بقول تزوير التاريخ، وهم حتى الشيطان الرجيم لم يصل مستواهم في الكذب والتدليس الحقير، نسأل الله السلامة والعفو والعافية.

بالأصل بقي بيت المقدس ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمنية، نعم فتح بيت المقدس من أماني الصحابة الكرام رضي الله عنهم، ففي فلسطين المسجد الأقصى وهو المسجد الثاني الذي تم بناؤه بعد المسجد الحرام، الذي تشد له الرحال، وكان الصحابة يعلمون علم اليقين أن أرض فلسطين هي الأرض التي فيها الملاحم بين الإسلام واليهود، وحتى ينطق الحجر والشجر في مساندة المسلمين حرباً على اليهود وأهل النفاق والخسة.

حقق المسلمون الفتوحات لفارس المجوس وفيها اليهود، والروم وأيضاً في بلدانهم اليهود، وتمكن المسلمون من دحر جيوش المجوس والروم في كل بقعة من بقاع الأرض، وتم فتح فلسطين وأرض المقدس بقيادة أبي عبيدة بن الجراح، رضي الله عنه، وارتأى النصارى الذين كانوا يسيطرون على أرض فلسطين ولا سواهم، ارتؤوا ألا يقاتلوا المسلمين ما دام العرض بتوافق وعدم مساس بدينهم وكنائسهم، اللهم إلا الجزية لمن يستطيع، فطلب أبو عبيدة، رضي الله عنه، تسليم النصارى مفاتيح بيت المقدس له؛ إلا أنهم رفضوا تسليمه المفاتيح إلا لرجل وصفه كتابهم المقدس، رجل يذيع صيته بعدله، وله مواصفات معينة، وهذا ما لم يذكره هذا الدّعي المنحرف الذي يطعن في عمر سيده وسيد أسياده، رضي الله عنه، ولا يجرؤ التطرق لمن يكاد أن يعبد صهيون اليوم باسم الإنسانية تطبيعاً مع اليهود! بل أجاد طرح الفتنة هذا الفتان بخبث كبير حقيقة.

وبالفعل، حينما تقابل سيدنا عمر مع البطرس صفريانوس رأى مواصفات عمر توافق مواصفات من ذُكر بالكتاب المقدس عندهم فسلمه مفاتيح الأقصى والمقدس.

وحينها بالفعل أمنهم عمر، رضي الله عنه، على أموالهم ودمائهم وأراضيهم وكنائسهم ودينهم، وعدهم مواطنين في الدولة الإسلامية الكبرى كغيرهم من المسلمين، إلا أن المسلم يدفع 2.5% زكاة، والكتابيّ يدفع الجزية 1.5%، وكل ما كان يجري على النصارى يجري على اليهود؛ والنصارى كانوا الأغلبية واليهود أقلية.

إن ما ذكره هذا الفتَّان مدَّعي العلم والمعرفة كان أغلب علماء المسلمين المحققين يرون بعدم صحة شمول اليهود في ذلك العهد، وهي جميعها روايات مردودة، إلا أن الطبري وحده فقط هو من تفرد به ومن غير إسناد؛ أي لا يمكن أن يُقبل الخبر عقلاً من غير إسناد؛ بل ومن لديه ذرة عقل لا يقبل رواية بلا سند، ولا يقبلها إلا كاذب أو مبتدع يتقصد فتنة العوام ونشر الغبش بالخبر الذي نقله، والطبري نقله بقصد وجود هذا الخبر وبهذا الشكل المرفوض، لا بقصد الأخذ فيه واعتماده، ومن يقرأ مقدمة الطبري يعلم خط كتابه ومنهجه بالرد والقبول فيما ينقل.

إن ما قام به عمر، رضي الله عنه، هو ما أمر به الدين الإسلامي، ولم يأتِ بشيء من عنده واجتهاده، فالشريعة تقول ذلك، وكما كان ذلك في الدولة الأموية، والدولة العباسية ودولة الأندلس، والدولة العثمانية، وهذا ما ضر الإسلام، فخيانة اليهود لا تستقوي ولا تكون فاعلة إلا إذا خبث قادة المسلمين، وتسيد الثقافة والعلم أمثال هذا الفتان وصغار الأسنان، يتفقون بشكل أو بآخر مع قادة قدموا الغواني وكأس الخمر والمنافقين من الكهنة والمشايخ على الإسلام والمسلمين! نعم علماء من أمثال “ميزو” و”الرسالنة” و”ماهر الجديد” اليوم؛ وهذه الأشكال التي لا تخدم إلا الصهيونية العالمية.

للعلم، كان النصارى يعاملون اليهود معاملة قاسية جداً، وذلك انتقاماً منهم لأنهم من قتل السيد المسيح عليه السلام، حسب معتقد النصارى؛ (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً) (النساء: 157)، وأكثر ما عان اليهود؛ عانوا من النصارى قبل الفتح، وأيضاً أيام الغزو الصليبي، ففي الغزو الصليبي هرب الكثير من اليهود من فلسطين لقسوة وشناعة النصارى تصرفاً فيهم ومعهم.

Exit mobile version