– التحرك المغربي لقي إشادة ودعم عدد من الدول بما فيها حكومات عربية وأفريقية وأوروبية
– الركراكي: معبر الكركرات شريان اقتصادي دولي مهم للنقل التجاري بين أوروبا وأفريقيا
– الشنقيطي: الشعوب الحرة وحدها القادرة على تحقيق الوحدة والاستبداد هو أكبر عدو للوحدة
قامت القوات المسلحة المغربية أخيراً بتحرير معبر الكركرات الحدودي التجاري الرابط بين المغرب وموريتانيا، بعد احتلاله من قبل انفصاليي جبهة البوليساريو منذ 21 أكتوبر الماضي، وحسب مراقبين، وفي الوقت الذي أرادت الجبهة الانفصالية من ذلك إعادة “قضيتها” إلى الواجهة بعد تسرب الشك واليأس إليها، حظي التحرك المغربي بتأييد دولي واسع النطاق حقق منه مكاسب على أرض الواقع لها دلالات سياسية ودبلوماسية وعسكرية.
رد حاسم
لقد قامت عناصر من جبهة البوليساريو الانفصالية بقطع الطريق في هذا المعبر الذي تتدفق منه السلع القادمة من أوروبا أو شمال المغرب إلى غرب أفريقيا، وترابط به قوات أممية، فردت القوات المسلحة المغربية بعملية محدودة رمت إلى إعادة الوضع إلى سابق عهده، مع بناء جدار آخر يمنع تسلل الانفصاليين إلى هذه النقطة التجارية الحيوية.
إضافة إلى ذلك وفي خطوة غير متوقعة، عمل المغرب على بناء مسجد بالكركرات الصحراوية؛ وهو ما يعني حسب مراقبين بداية إعمار هذه المنطقة من الأقاليم المغربية، وإلحاق تنميتها بما تم فعلاً في الأقاليم الأخرى المغربية.
ولقي التحرك المغربي إشادة ودعم عدد من الدول بما فيها حكومات عربية وأفريقية وأوروبية وفي أمريكا الجنوبية، خاصة أن المغرب اتخذ كل الاحتياطات اللازمة لهذا التحرك على كافة الأصعدة.
دلالات
وحول دلالة الأحداث الجارية في المنطقة، قال الوزير السابق والباحث في شؤون الصحراء مصطفى الخلفي، في تصريح لـ”المجتمع”: إن المغرب كان مصراً على وقف كل الاستفزازات الخطيرة وغير المقبولة لجبهة البوليساريو في الكركرات، ضمن سياق دولي يدعم شرعيته على الأقاليم الصحراوية، رغم إعلان الجبهة المدعومة من قبل الجزائر عدم التزامها باتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه مع الرباط قبل ثلاثة عقود، برعاية أممية.
من جهته، يرى المحلل السياسي محمد الركراكي أن جبهة البوليساريو أساءت التقدير، وارتكبت “خطأ إستراتيجياً”؛ حيث إنها وجدت نفسها ليس في مواجهة المغرب فقط، بل في مواجهة مع العالم بإغلاق معبر الكركرات باعتباره شرياناً اقتصادياً دولياً مهماً للنقل التجاري بين أوروبا وأفريقيا.
وأضاف الركراكي، في تصريح إعلامي، أن جبهة البوليساريو لن تستطيع عسكرياً مواجهة الجيش المغربي، لافتاً إلى أن أزمة الصحراء تشهد حالياً “تحولاً مفصلياً بكل المقاييس الجيوستراتيجية”، ستكون له تداعيات كبرى خلال المرحلة القادمة.
واقع جديد
وفي هذا الصدد، أبرز الباحث المغربي الخلفي، في التصريح ذاته، أن التحرك المغربي ليس مؤقتاً، بل دائم وجذري لمنع أي تسرب لانفصاليي البوليساريو أو محاولة لإغلاق المعبر الحدودي.
كما أكد الخلفي أن المغرب يعمل على حل قضية الصحراء من خلال ثلاث محاور، تتجلى أولها في الجهود الدبلوماسية التي حقق فيها انتصارات متوالية، أهمها تحييد استغلال الاتحاد الأفريقي للتشويش على المغرب، والاتفاقيات التجارية الجديدة مع الاتحاد الأوروبي لتشمل الأقاليم الجنوبية، علاوة على سحب أكثر من 50 بلداً اعترافها بالجبهة الانفصالية، مما رفع عدد الدول التي لا تعترف بها إلى 163 دولة.
أما المحور الثاني، فيتجلى في تنزيل مشاريع تنموية في الصحراء وتفعيل آليات حقوق الإنسان وتقوية البنية التحتية، إضافة إلى وقف كل الاستفزازات شرق الجدار الرملي، الذي يشكل المحور الثالث.
ويرى المفكر الموريتاني محمد المختار الشنقيطي، في تصريح إعلامي، أن الصراع في الصحراء جرحٌ قديم وعميق يسمم العلاقات بين الشعوب المغاربية، ويمنع الوحدة بينها، سعياً وراء وهم دولة خيالية، لا مكان لها في التاريخ أو الجغرافيا، سوى الإصرار على التشبث بمواريث الاستعمار الإسباني البغيض.
جرح قديم
ويؤكد المتحدث ذاته أن موقفه الواضح جداً هو ضرورة التخلص من هذا الجرح فوراً وإلى الأبد، من خلال اعتراف الجميع بمغربية الصحراء، احتراماً لوحدة المملكة المغربية، وتسهيلاً للوحدة المغاربية التي تطمح إليها جميع شعوبنا.
ويبرز أن الصحراويين عانوا كثيراً، وهم أكبر ضحايا هذا النزاع، لكنهم ليس ضحايا الوحدة والتوحد -كما تقول دعاية البعض- بل هم ضحايا مليشيات التجزئة والتفرقة المعروفة باسم البوليساريو.
ويشدد الشنقيطي -الأستاذ الجامعي- أن الشعوب الحرة هي وحدها القادرة على تحقيق الوحدة، والاستبداد هو أكبر عدو للوحدة، وثانيهما تغير عميق في الثقافة السياسية القديمة التي شابتها شوائب العصبيات الضيقة، والانطلاق إلى الأفق الحضاري الإسلامي الرحب الذي كان ولا يزال هو العروة الوثقى والرباط الجامع للشعوب المغاربية.
يشار إلى أنه منذ العام 1975، هناك نزاع بين المغرب والبوليساريو حول إقليم الصحراء، بدأ بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، وقد تحول الصراع إلى مواجهة مسلحة استمرت حتى عام 1991، وتوقفت بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار اعتبر الكركرات منطقة منزوعة السلاح.